أفلا تبصرون.. هل رأيت نمل الباندا من قبل؟!
- الأحد 24 نوفمبر 2024
النبات
قال الباحث في الإعجاز العلمي في القرآن، الدكتور محمود عبد الله نجا، استاذ بكلية طب جامعة المنصورة، إنه لو كان شرط قبول أو إنكار المُعجزات هو العقل، لكان حديث بُكاء جذع النخلة حنيناً لرسول الله من الأحاديث المُنكرة، فلا يُتصور عقلاً أن هناك نبات له قدرات معرفية شبه عقلية، ليدرك ما حوله، أو أن يتفاعل مع ما يُدرك فيبكي، ويحن، ولا يُتصور عقلاً أن هناك بشراً يمكنه سماع أصوات النبات بدون أدوات علمية تمكنه من ذلك، هذا إذا صح أن للنبات صوت. ولكن المسلم عنده قاعدة تعصمه من إنكار المُعجزات، وهي أن العقل قاصر عن الإدراك بقدر قصور الحواس عن الشعور بكل ما يُحيط بها، ولذا لا نستغرب أن يكون للنبات قدرات معرفية، أو أن يتألم ويبكي لفراق رسول الله.
وأردف قائلا : إنه مع تطور
العلم وأدوات الرصد، أصبح العلماء قادرون على دراسة أحوال النباتات التي غابت عن حواسنا،
فكان مما اكتشفوه أن لها قدرات معرفية شبه عقلية، تمكنها من التفاعل مع بيئتها المُحيطة،
وتصدر أصواتاً خاصة، عند تعرضها للإجهاد، وكأنها تبكي من الألم وأن بعض الكائنات الحية
يمكنها سماع هذا البكاء، والتفاعل معه، فزادنا هذا الكشف يقيناً في صحة مُعجزة بُكاء
الجزع حنيناً لرسول الله، وفي كُل مُعجزة ذُكرت في القُرآن والسُنة النبوية، مع ملاحظة
أنه لا يمكن للعلم أن يكتشف كيف تمكن النبي والصحابة من سماع الجذع بدون أدوات علمية،
فالمعجزات لا تُفسر بالعلم، فسُبحان الذي أسمعهم، وإليكم التفصيل.
ونوه إلى الدلالة العلمية
لأحاديث بكاء الجذع حنيناً لرسول الله، فقد روى البخاري عن جَابِر بْن عَبْدِ اللَّه
(كَانَ المَسْجِدُ مَسْقُوفًا عَلَى جُذُوعٍ مِنْ نَخْلٍ، فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَطَبَ يَقُومُ إِلَى جِذْعٍ مِنْهَا، فَلَمَّا صُنِعَ
لَهُ المِنْبَرُ، وَكَانَ عَلَيْهِ، فَسَمِعْنَا لِذَلِكَ الجِذْعِ صَوْتًا كَصَوْتِ
العِشَارِ، حَتَّى جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَوَضَعَ يَدَهُ
عَلَيْهَا ، فَسَكَنَت). والناقة العشار هي التي أتمت حمل مقداره عشرة أشهر واقترب
أوان ولادتها، فيكون صوتها كالباكي من الألم، كما زاد أحمد في مسنده أن الرسول قال
(إِنَّ هَذَا بَكَى لِمَا فَقَدَ مِنَ الذِّكْرِ )، وزاد النَّسَائِيّ في الْكُبْرَى
(اضْطَرَبَتْ تِلْكَ السارية كحنين النَّاقة الحلوج). والحلوج: النَّاقة الَّتِي نُزع
مِنْهَا وَلَدهَا.
وأوضح أنه من الأحاديث
السابقة يتبين لنا بوضوح أن الجذع أدرك غياب رسول الله، وغياب الذكر الذي كان يسمعه،
بما يوحي بأن له قدرات معرفية شبه عقلية، فتعرض لألم الفقد، والبكاء حنيناً لرسول الله.
فهل يوافق العلم على أن للنبات قدرات معرفية، وأنه يتألم ويبكي بصوت يمكن سماعه؟ لافتا إلى أنه في دراسة حديثة نُشرت في مجلة Cell
بعنوان (النباتات المُجهدة تصدر اصواتاً محمولة بالهواء وغنية بالمعلومات)، وجد العلماء أن النباتات المُجهدة التي لم ترو بالماء
(تم تجفيفها)، أو قطعت جذوعها تصدر أصواتاً تكاد تشبه البكاء، ويمكن للحيوانات سماعها.
وقد أُجريت هذه التجارب في غرفة عازلة للصوت ثم في صوب صاخبة، وذلك باستخدام لواقط
صوتية خاصة تم توصيلها ببرامج خاصة تم برمجتها للتمييز بين النباتات غير المجهدة، والنباتات
العطشى، والنباتات المقطوعة. وقد وجد العلماء أن هذه النباتات التي تعرضت للإجهاد كانت
تصدر أصواتا تشبه الفرقعة أو النقرات، بمعدل حوالي 30 - 50 نقرة في الساعة، وذلك على
فترات عشوائية، بينما النباتات غير المُجهدة أصدرت أصواتا أقل بكثير. وبعد 5 أيام من
الإحهاد، وصلت الأصوات إلى ذروتها، وفي النهاية تلاشت الأصوات حيث جفت النباتات تماما.
وقد وجد العلماء أن هذه الأصوات لها أنواع تختلف حسب سبب الإجهاد، وأن هذه الأصوات
ينقلها الهواء لبعض الكائنات الحية فتحصل منها على معلومات تستفيد منها، فمثلا تتجنب
العثة وضع بيوضها على هذه النبتة المُجهدة، ولكن لا يستطيع الإنسان سماع هذه الأصوات
لأنها ذات تردد مرتفع فيتعذر على الأذن البشرية سماعها.
ولفت إلى أن معظم المواقع والمجلات العلمية قامت بتشبيه هذه الأصوات
التي تصدرها النباتات عند تعرضها للألم بالبكاء، فكان عنوان البحث في محلة نيتشر ،
ومجلة العلوم الأمريكية (3)، وجميع المواقع العلمية، تحت عنوان (النباتات المُجهدة
تبكي) (Stressed plants cry).
"للنبات
قدرات معرفية شبه عقلية"
وأضاف أنه من المعروف أن
البشر والحيوانات لديهم من الذكاء والوعي والقدرات المعرفية ما يؤهلهم للتفاعل مع البيئة
بشكل فعال. وأما النباتات فحتى وقت قريب فكانت تُعتبر كائنات غير معرفية، وذلك لصعوبة تصور، وإثبات أنها
قادرة على التعلم والتفاعل مع البيئة المُحيطة بطرق ذكية. ولكن حديثاً تغيرت المفاهيم
نتيجة للعديد من الأبحاث التجريبية التي تُظهر أن النبات يمتلك العديد من القدرات المعرفية
المتطورة، مثل التعلم وصنع القرار والوعي، ويمكنه التعامل بذكاء مع الإشارات البيئية.
ولأن النبات لا يتحرك، ولا يملك خلايا عصبية، وجهاز عصبي مركزي، فإن الذكاء في النبات
يُعد نموذجاً جديداً يتحدى الفهم البشري للذكاء، فمن وجهة نظر علم النفس المُقارن،
الذكاء مفهوم مُتعدد الأوجه، فهو ظاهرة بيولوجية عالمية تساعد على تفاعل الكائن الحي
مع البيئة المحيطة وهذا المفهوم الأخير للذكاء يجعله غير مرتبط بالعقل الذي نعرفه،
ولذا نشرت مجلة العلوم الامريكية بحث حديث بعنوان (العقول ليست مطلوبة عندما يتعلق
الأمر بالتفكير وحل المشكلات، فالخلايا البسيطة يمكنها القيام بذلك)، يقول فيه ستيفانو
مانكوسو، عالم النبات بجامعة فلورنسا والذي ألف عدة كتب عن ذكاء النبات: «إن الخلية
العصبية خلية طبيعية قادرة على إنتاج إشارة كهربائية.
ةتابع أنه في النباتات تقريبًا كل خلية قادرة على القيام بذلك، وبالتالي لا نستغرب وجود ردود أفعال ذكية استجابة للمحفزات البيئية. فهناك نباتات تثني اوراقها عند لمسها وتذبل كآلية دفاع ضد التعرض للأكل، وإذا ثبت لها أن الكائن القريب منها لن يأكلها فسرعان ما تتعلم تجاهل مُحفز اللمس.
كما يمكن للنباتات إكتشاف صوت المياه الجارية، فتنمو باتجاهه، وإكتشاف وجود النحل بقربها فتنتج الرحيق، وإكتشاف متى تأكلهم الحشرات فينتجون مواد كيميائية دفاعية، بل إنهم يعرفون بتعرض جيرانهم للهجوم، فيقومون بحماية أنفسهم، فقد قام العلماء بتشغيل تسجيل ليرقات تمضغ نبات الرشاد (الخردل)، فكان ذلك كافياً لكي يرسل النبات دفعة من زيت الخردل إلى أوراقه. وكل هذه الأمثلة تثبت أن للنبات وعي، وقدرة معرفية، وذكاء يمكنه من دمج مجموعات هائلة من البيانات للتفاعل مع المُحفزات البيئية .
وفي بحث آخر وجد الباحثون أن النباتات قادرة على حل المُشكلات التي تتعرض
لها، فقد أُجريت دراسة على زهور نبات عصا الذهب، فلاحظ الباحثون أن هذه الزهور عندما
تأكلها الخنافس، فإنها تفرز مادة كيميائية تخبر الحشرة بأن النبتة تالفة وأنها مصدر
فقير للغذاء، بل وتنبه جيرانها لذلك الخطر فتنتج آلية الدفاع نفسها لكي لا تصبح غذاء
للخنافس. وأوضح الباحثون أن هذا الأمر يتناسب مع تعريف الذكاء.