هل يتعمد إبراهيم عيسى تشويه التاريخ الإسلامي؟ (فيديو)
- الخميس 21 نوفمبر 2024
رد الباحث في ملف الإلحاد، محمد سيد صالح، على سؤال يروج له الملاحدة يقول:
نرى كثيرًا من الناس لديهم تشوهات خِلْقية وُلِدوا بها، وهذه التشوهات يُزعَم أنها
تُكذِّب القرآن لأنها تتعارض مع قول الله تعالى: (لقد خلقنا الإنسان في أحسن
تقويم)، فأين هذا “التقويم” من الأساس؟!
وبين في كتابه "مائة شبهة حول الإسلام" أنه لكي نفهم معنى الآية،
علينا ألّا نُخرجها عن سياقها، بل ننظر فيما قبلها وما بعدها، مشيرا إلى أن هذه الآية في
سورة التين، وقد أقسم الله سبحانه في بدايتها قَسمًا عظيمًا، قال تعالى: (والتين والزيتون وطور سينين وهذا
البلد الأمين…). أقسم الله بالتين والزيتون (أرض الشام)، وبجبل الطور بسيناء،
وبالبلد الأمين أي مكة المكرمة، وهذا قسمٌ عظيم، ولا يأتي القسم إلا لإثبات أمرٍ
عظيم أو غير واضح.
وتابع: ثم جاءت الآية موضوع الشبهة مباشرة بعد القسم: (لقد خلقنا الإنسان
في أحسن تقويم). إذًا، هناك شيء خفي في الإنسان غير الجسد الظاهر لنا، وهو ما أقسم
الله عليه.
وأشار إلى أن الآية لا تشير إلى الجسد، بل إلى أمرٍ خفي.. وما يؤكد ذلك قول
الله تعالى: (ولقد كرّمنا بني آدم)، فهل يُفهم من
الآية أن الإنسان مكرّم بجسده فقط؟! لو كان كذلك، فإن الحيوانات تمتلك أجسادًا
مشابهة لجسد الإنسان، بل قد تتفوق عليه في بعض الصفات الحسية.
-من حيث القوة البدنية: الفيل، الأسد، الفهد، والحصان
أقوى من الإنسان. بل نقيس القوة أحيانًا بقدرة الحصان، فنقول: “قوته تعادل 24
حصانًا”، ولا نقول: “تعادل 24 إنسانًا”!
-من حيث الجمال: الفراشات والأسماك تُظهر ألوانًا بديعة
تفوق البشر.
-من حيث السمع والبصر: القط يسمع أفضل من الإنسان،
والعقاب يرى أفضل، والكلب يشم أقوى.
وأردف: إذن الإنسان لا يتميز عن باقي المخلوقات بجسده، بل بشيء آخر خفي:
العقل، فالعقل هو
التكريم الحقيقي الذي جعله مكلَّفًا، ولا مكلَّف غيره من المخلوقات، وكذلك، من صور التكريم الخفية أن الإنسان
كُرِّم بالفطرة السليمة البيضاء. قال تعالى: (فطرتَ الله التي فطر الناس عليها..).
لذا، الإنسان مُفَضَّل بما أودعه الله فيه من العقل والفطرة، كما قال تعالى:
(وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا
تفضيلًا).
واستطرد: فالإنسان هو الكائن الوحيد الذي يُفكر، ويُدبّر، ويعمر الأرض،
ويبني الحضارات، حتى الإنسان
المشوَّه أو الذي خُلق بعاهة، تتسخر له المخلوقات، ويستفيد من الطبيعة من حوله.
فهو يركب الدواب، ويأكل مما تخرجه الأرض؛ بينما لا نرى حيوانًا يركب إنسانًا أو
يستغله بهذه الطريقة!
وضرب مثالا على ذلك، مشيرا إلى أن العالم ستيفن هوكينج، الذي كان مصابًا
بمرض “التصلب الجانبي الضموري”، ففقد القدرة على الحركة والكلام، ولكنه رغم ذلك
أصبح من أبرز علماء الفيزياء النظرية وعلم الكون، وهذا يوضّح معنى (لقد خلقنا الإنسان في أحسن
تقويم)، فالتقويم ليس معيارًا ماديًا ظاهرًا، بل يتعلق بما ميّز الله به الإنسان
من عقل وفكر.
وبين أن السورة نفسها تجيب عن السؤال، فقال تعالى: (لقد خلقنا الإنسان في أحسن
تقويم، ثم رددناه أسفل سافلين، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير
ممنون)؛ فالإنسان خُلق على فطرة سليمة، وعقل مستنير، ثم قد يردّه الله أسفل سافلين
إذا انحرف عن فطرته وكذّب الحق.
وأكمل: حتى لو افترضنا أن الآية تشير إلى الجسد، فهي تتحدث عن النوع
الإنساني ككل، وليس عن أفراد بعينهم وغالب البشر يتمتعون بهيئة حسنة، وقلة قليلة
منهم يولدون بتشوهات، وعلى هذا القياس، يبقى الإنسان كنوعٍ مميزًا عن سائر
المخلوقات في صورته وتقويمه، حيث يمشي قائمًا على قدمين، بخلاف غيره من المخلوقات
المنكبة على وجوهها.
واختتم مشددا على أن أحسن تقويم- يُقصد به الفطرة السليمة والعقل، وليس الجسد فقط، كما أن الإنسان مكرّم- وذلك بما أودعه الله فيه من عقل وخصائص فريدة، تجعله قادرًا على الإعمار والتكليف، والآية تشير إلى النوع الإنساني ككل، ولا يمكن قياسها على حالات فردية.