هيثم طلعت: فرضية خروج جُسيمات باستمرار من الفراغ الكوانتي من أشهر تدليسات الملاحدة
- الأحد 17 نوفمبر 2024
محمد سعد الأزهري
تشتيت الذهن، وخلط القناعات، وتفكيك الأفكار، وتذويب الصلابة، والتهوين من المخالفة، والتعويد على الخطأ البيّن بدعوى انتشاره واستقراره؛ كل هذا وغيره عبارة عن عمل دؤوب من الخارج، يعاونه فيه الأتباع من الداخل.
امرأة محجبة
تسير مع ابنتها المتبرّجة—هذا المشهد يمثل كل ما سبق في الفقرة الأولى، لأن
التربية هنا جاءت من أم ترتدي حجابها، وتؤمن بفرضيته، وجاهدت نفسها حتى جاوزت
الأربعين وهي مستمسكة به.
ومع ذلك، تم
تشتيت ذهنها بأفكار مثل أن الإجبار سيؤدي إلى عكس المقصود، وأن زميلاتها لا يرتدين
الحجاب، ما سيجعلها تشعر بالاختلاف الكبير عنهن، وقد تتجه نحو الانطواء وتبتعد عن
أصدقائها، فتصبح مكانتها عندهم أدنى، وتتعرض للانعزال وما قد يتبعه من اكتئاب!
وبالإضافة إلى
ذلك، إذا استمرت مع صديقاتها فستشعر بأنها مكبّلة بهذا الحجاب؛ فعند اللعب لن
تستطيع الاستمتاع مثلما يستمتع الأصدقاء، فهنّ يلبسن الملابس الرياضية، أو البدلات
الخفيفة، وهي لا تستطيع فعل ذلك في النادي أمام الشباب أو الفتيات. وعند الذهاب
للبحر أو النهر أو إلى الأفراح والمناسبات، لن تجد نفسها تتحرك براحتها مثل باقي
الزميلات، وهذا كله قد يؤدي في النهاية إلى أن تكره الحياة، وتنفّرها من المتعة،
وتنكفئ حول الحجاب.
ما سبق من أقوال
وتشبيهات هو تشتيت للذهن عن حقيقة الحياة، وقلبٌ للحقائق حتى يصبح المخالف هو
السوي، وتصبح العلاقات تُقاس بما هو شائع ومستقر، لا بما يجب أو يُستحبّ. فتصبح
الرمزيات جزءًا من المتحف، ولا علاقة لها بالحياة، وأما الحلال والحرام فلا يُلتفت
إليه. وبهذا تذوب قناعات الفتاة تحت الضغوط، وتصبح نفسيتها فوق كل اعتبار، حتى ولو
كان ذلك يعني الابتعاد عن القيم وعن قناعات الأبوين، بل وعن التقيّد بما أوجب الله
أو حرّم.
لقد أصبحت
الدنيا كأنها دار الآخرة عند هؤلاء، وكأنهم يظنون أنه لا حياة أخرى بعد الموت، ولا
جزاء ولا حساب، وأن الدنيا دار ملذّات، والآخرة للفناء والانتهاء.
وهذا وإن كان
ضعيف التصور عقلاً، إلا أنه من الموبقات شرعًا؛ فكل من ظن أنه لا آخرة فهو عديم
الإيمان.
وأما الغافل فعليه أن يحزن على نفسه، وأن يعود
إلى ربه، ويتذكر صلابة معتقداته، وقوة قرآنه، وهدى نبيه ﷺ، وأن الحرام سيظل حرامًا
ولو بعد آلاف السنين؛ لأن الرب حكيم، وشرعه متين، وأمره واجب النفاذ، ونهيه يلزم
منه البُعد، وتدبيره تُحار فيه العقول، وحكمه نافذ.
فلننتبه لهذا
التشتيت وهذا الإبعاد، حتى لا نصير كالأيتام على موائد اللئام.
الخلاصة: قاوموا
التشتيت والتذويب بكل قوة، لعل كلمة صادقة تصبح فولاذاً صامداً طوال الحياة، وتكون
سبب لنجاتك ونجاة غيرك، بل ورسماً للطريق الصحيح بدلاً من هذه الطرق المعوجّة،
والله خيرُ حافظاً وهو أرحم الراحمين.