ماذا لو خسرت كل ذرات ومواد هذا الكون شحناتها الكهربائية ؟!
- الأربعاء 20 نوفمبر 2024
تعبيرية
قال الباحث في ملف الإعجاز العلمي في القرآن الدكتور محمد عبد الله نجا، استاذ كلية الطب جامعة المنصورة، يعتقد البعض أن استخدام النبي صلى الله عليه وسلم، للقيافة بعد اللعان، لمعرفة حقيقة نسب ولد الزنا، وفضح الزناة، قد حدث مرة واحدة في حياة النبي، وذلك في حادثة الصحابي هلال ابن أمية حين رمى امرأته بالزنا مع شريك ابن السحماء. ولكن تبين أن النبي صلى الله عليه وسلم، قد استعملها مرة ثانية في قصة زنا امرأة الصحابي عويمر العجلاني، والزاني في القصتين واحد، وهو شريك ابن السحماء.
وأشار إلى قصة عويمر عند البخاري، ومسلم، وأحمد،
ومالك، والنسائي، وفيها أن عويمر وجد شريك مع امرأته، فرفع الأمر للنبي وكانت حامل،
فأمر النبي باللعان، والتفريق بينهما، ثم أمر بالقيافة ليكتشف الحقيقة، فكما سبق وبينت
في بحث سابق أن اللعان قرينة ظنية، والقيافة قرينة يقينية. فقال النبي (انْظُرُوا فَإِنْ
جَاءَتْ بِهِ أَسْحَمَ، أَدْعَجَ العَيْنَيْنِ، عَظِيمَ الأَلْيَتَيْنِ، خَدَلَّجَ
السَّاقَيْنِ، فَلاَ أَحْسِبُ عُوَيْمِرًا إِلَّا قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا، وَإِنْ جَاءَتْ
بِهِ أُحَيْمِرَ كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ، فَلاَ أَحْسِبُ عُوَيْمِرًا إِلَّا قَدْ كَذَبَ
عَلَيْهَا»، فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الَّذِي نَعَتَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ تَصْدِيقِ عُوَيْمِرٍ، فَكَانَ بَعْدُ يُنْسَبُ إِلَى أُمِّهِ).
وتابع: أن الفوائد المُستنبطة من قصة عويمر العجلاني،
تتمثل في أن الإسلام دين يحترم العلم، وأن أحكامه قد سبقت علوم زماننا، فقي زمن لا
يعرف فيه الناس شيء عن علم الوراثة، يقوم النبي بأمر من ربه بالفصل في قضايا الزنا
والنسب بالقيافة (مقارنة شكل الولد بالأب والزاني)، لمعرفة الصادق من الكاذب، وهو ما
يفعله العلم الحديث في زماننا حين يفصل في قضايا النسب بالبصمة الوراثية، مع العلم
بأن القيافة والبصمة الوراثية وجهان لعملة واحدة، فالصفات الشكلية للجنين مصدرها هو
البصمة الوراثية، فسواء استخدمنا القيافة أو البصمة الوراثية فقد أصبنا كبد الحقيقة،
حيث إذا قدم الزوج الحجة العلمية التي تفيد عدم إمكان حمل زوجته منه، فعندها لا يُقال
له الولد للفراش، وعلى الحاكم قبول دعواه، والتحقيق فيها، وإقامة اللعان والقيافة،
أو البصمة الوراثية طالما أصر الزوج على ذلك، فهذا ما فعله النبي في واقعة عويمر العجلاني،.
فقد روي أحمد في مسنده، وعبدالرزاق، والنسائي، والطحاوي، والبيهقي، والطبراني، والحديث
صححه الألباني، وفيه (أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ لَاعَنَ بَيْنَ الْعَجْلَانِيِّ وَامْرَأَتِهِ، وَكَانَتْ حُبْلَى، فَقَالَ
زَوْجُهَا: وَاللهِ مَا قَرَبْتُهَا مُنْذُ عَفَرْنَا النَّخْلَ).
وأردف قائلا: فقدم عويمر الدليل على أن ما في بطن
امرأته لا يمكن أن يكون ولده من الفراش، لأنه لم يجامع امرأته من شهور، ولم يظهر عليها
حمل بعد آخر جماع. والنبي قبل شكواه، ولم يقل له الولد للفراش، كما لم يقل ذلك في واقعة
هلال ابن أمية، بما يثبت أن حديث الولد للفراش قيل في واقعة معينة، ولا يجوز تعميمه
على كل زنا نشأ عنه حمل، فالأصل أن يُرفع الأمر للحاكم فيقضي بينهما باللعان، والقيافة،
فضلا عن وجوب إجراء القيافة بعد اللعان، بما يثبت أن القيافة أكثر يقينية من اللعان،
وأنها السبيل الأكيد لمعرفة الصادق من الكاذب، وأن علماء زماننا قد أخطأوا حين اكتفوا
باللعان بدون القيافة، أو ما ينوب عنها كالبصمة الوراثية، مع التأكيد على أن ولد الزنا
لا يُنسب للزاني رغم التأكد من كونه صاحب الولد عن طريق القيافة، ونفس الشيء ينطبق
على البصمة الوراثية لو أقيمت مكان القيافة.
ونوه إلى الحرص على فضح الزُناة إذا رُفع أمرهم
للحاكم، خلافاً لما يفتي به مشايخ زماننا من وجوب ستر الزُناة، فبعد أن تعترف لهم الزانية
بزناها وأنها حامل من الزنا، فيفتوها بستر أمرها ومجامعة زوجها، ونسب الولد له عملا
بحديث الولد للفراش، بل ويفتون زوج الزانية أنه إذا علم بزناها، فعليه أن يسارع بجماعها،
حتى إذا حدث حمل، يصير الولد للفراش. فمن هو الديوث الذي يقبل بذلك؟!،
وتسأل: وهل نسي هؤلاء المشايخ الأفاضل أن هناك حكم
فقهي بوجوب استبراء رحم الزانية قبل أن يجامعها زوجها، فإن ظهر حملها فعليها أن تمنع
زوجها من جماعها لكي لا يسقي ماءه زرع غيره، ولزوجها حرية نفي الولد باللعان، وإجراء
القيافة، مع العلم بأن هناك رأي فقهي مخالف يقول بجواز أن تجامع الزانية زوجها بدون
استبراء للرحم، وتنسب الولد له إن كانت حامل، ولكن ينبغي رفض هذا الرأي بالكلية، فلم
يثبت أن النبي فعله ولو مرة واحدة، وفيه مخالفة لنهي النبي أن يسقي المؤمن ماءه زرع
غيره. ولذا أرى أن الإفتاء به فيه خيانة للأمانة، ففيه إيذاء شديد للزوج المخدوع، وضياع
للأنساب، وتشجيع للزنا بإسم الدين.
وتابع: وضوح الأثر القوي للقيافة في منع الزنا،
فبعد واقعة عويمر، وهلال، لم نسمع بعدها بواقعة مُشابهة تم رفعها للنبي في حياته، بما
يثبت أن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، فلولا خوف الزناة من حدوث حمل، وافتضاح
أمرهم بالقيافة، لإنتشر الزنا، فالإسلام لم يكتف باللعان، فيفلت الزناة بالأيمان الكاذبة،
ولكن حرص على إجراء القيافة بعد اللعان، نسأل الله أن يُطبق شرع الله كما كان، مع وجوب
حماية الأعراض من التهم الباطلة، فمن الوارد جداً أن يقذف الزوج زوجته الحامل بتهمة
الزنا بالباطل، ويطلب نفي ولده منها باللعان، فهنا ينبغي على الحاكم ألا يمكن الزوج
الظالم من ظلم زوجته وأهلها باللعان، فليس بعد الفضيحة، وضياع نسب الولد بلاء أشد.
فكما فضح الله الزُناة بالقيافة، فإن الله سيفضح الزوج الكاذب أيضاً بالقيافة، فرسول
الله كما أخذ بنتيجة القيافة في فضح الزُناة، فحتماً كان سيأخذ بنتيجتها في فضح زوج
كاذب يقذف زوجته بالباطل.
وأضاف أنه يرى والعلم عند الله أن تُقدم القيافة
والبصمة الوراثية على اللعان في زماننا لتخويف الرجال من قذف الزوجات بالباطل. ودليلي
في جواز تقديم القيافة أو البصمة الوراثية على اللعان، هو حديث المرأة التي وضعت ولد
لستة أشهر من زواجها، فرفع زوجها أمرها لسيدنا عُثمان، وفي رواية أخرى لسيدنا عُمر
(يبدو أن القصة تكررت)، منوها إلى أنه في حال أن الزوج جاء بقرينة علمية تدل على أن
زوجته زانية، فالإنحاب لستة أشهر غير مُعتاد عند العرب، وهذه القرينة العلمية كانت
مُقنعة لسيدنا عُثمان (او سيدنا عُمر)، فقدمها على حديث الولد للفراش، وأيضاً قدمها
على اللعان، فلم يمكن المرأة من طلب اللعان، وأمر بالرجم، ولكن بعض الصحابة لم يرض
بهذا الحكم، ليس لأن الولد للفراش، أو لأن المرأة من حقها طلب اللعان، ولكن لأن لديهم
القرينة العلمية التي تثبت ان المراة ليست زانية، فأسسوا دفاعهم على القرينة العلمية،
فقال ابن عباس (او سيدنا علي في رواية مالك)، إن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه
: وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ، وقال والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد
أن يتم الرضاعة؛ فالحمل يمكن أن يكون ستة أشهر فلا رجم عليها ".
أوضح أنه في هذه الحالة يجوز للحاكم أن يقدم القرينة
العلمية على اللعان حمياة للاعراض، كما جاز له تقديمها على حديث الولد للفراش حماية
للزوج من نسب ولد الزنا، وبذلك يظهر للجميع أن الإسلام دين رباني عادل يوافق العلم
ولا يخالفه، ويحقق العدل للجميع.