باحث في ملف الإلحاد: الأصل أنَّ المسلم لا يتعرض لما يشككه في دينه

  • جداريات Jedariiat
  • السبت 09 نوفمبر 2024, 7:42 مساءً
  • 59
تعبيرية

تعبيرية

ذكر الباحث في ملف الإلحاد، محمد سيد صالح، أن الشك هو أنَّه تردد بين شيئين دون أن يتيقن واحد منهما، وكي يزول أحد الشيئين على الإنسان اتباع بعض الخطوات.

وبين أن أول هذه الخطوات هو السؤال، والدليل قول الله عز وجل: (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ)، ويقول بن القيم رحمه الله في كتاب الجواب الكافي: و قد جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الجهل داء، وجعل دواءه سؤال العلماء".

فالسؤال مفتاح باب المعرفة وركيزة البحوث الجادة التي تروم الوصول إلى الحقيقة، وقديمًا قال أبو عمرو الجاحظ: الشك طريق اليقين، وقد بنى جميع الفلاسفة والمفكرين أعمالهم على طرح السؤال للوصول إلى الإجابة، فلو لم يكن السؤال لما كانت الإجابة، ولأهمية السؤال أمر الله به فقال: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون).

وثاني شيء هو  إعمالُ العقلِ للتمييز، كما ورد معنا سابقًا أنَّ الله منح الإنسان العقل ليميز به بين الصواب والخطأ والحق والباطل، وقد وردَ فعل العقل في القرآن في مواضع كثيرة وكلها تدل على عملية الفهم والإدراك والتفكير والفهم لدى الإنسان، وعليه فإنَّ الإنسان يستطيع التمييز بين الصواب والخطأ، والحق والباطل، والخير والشر ويستطيع أيضًا بعقله أن يعزز اليقين لديه ويُخفي الشك تمامًا، ومادام كذلك فلا أصل ليحتجَ الإنسان على لزوم استمرارية الشك لأنَّ الشك يزول بإدراك اليقين.

وأشار "صالح" إلى أن الخطوة الثالثة تتمثل في اختيار ما يتحقق به المراد ويزيل الشك، ولكي نقرب صورة ذهنية نعطي مثالًا: كلُّ إنسان منا يمتلك في تكوينه على كتلة عضلية وأخرى دهنية، وقد نرى في واقعنا شاب مفتول العضلات لا يظهر عليه إلا الكتلة العضلية، وآخر الشحوم والبطنة تعتلي مظهره، فما الفرق بين هذا الشاب وذاك؟ الفرق؛ أنَّ الأول ابتعد عن المأكولات الدسمة والتزم بالرياضة والمأكولات الصحية، ومع كثرة التدريب تلاشى الدهن من جسده ولم يبقى إلا العضل، أمَّا الآخر فتكاسل عن التدريبات الرياضية وبقى مع المأكولات الضارة الدسمة فتلاشت لديه الكتلة العضلية وظهرت عليه البطنة والكرشة وكثرة الدهون.

كلٌ منهما يمتلك الكتلتين (العضلية والدهنية)، ولكن كل منهما اهتم بالجانب الذي أراد إبرازه وظهوره وسعى لتحقيقه بإرادته بعدما أعمل عقله، ومما لا شك فيه أن صاحب الكرشة والبطنة يعلم يقينًا خطورة زيادة الوزن إلا أنَّه استسلم بإرادته لشهوتي (الطعام والكسل)، أما الآخر فلا، إنَّما قاوم شهوتي الطعام والكسل وخالفهما.

 

وأوضح الباحث في ملف الإلحاد أن  كلُّ إنسان لديه بذرة اليقين وبذرة الشك والأدلة عليهما معلومة وواضحة، والفرق بينهما واضح ونتيجة كل منهما معلومة، فعلى الإنسان أن يُستخدم قدرته العقلية للتمييز بين الحق والباطل، وبين ما يؤدي إلى الشك واليقين وبعدما يعقل عليه أن يبعد عن شهوة العناد، ومن ثَمَّ يختار ما يعزز به يقينه ويخفي شكه.

وأشار إلى ضرورة أنْ يبعد الإنسان عمَّا يشككه، فالأصل أنَّ المسلم لا يتعرض لما يشككه في دينه، سواء كان ذلك بالاطلاع على مؤلفات أهل الإلحاد المعاصر ودعاته الذين يستهدفون به المسلمين، أو بما يبثه العصرانيون في كتبهم وأطروحاتهم، أو بما يعرض في وسائل التواصل المختلفة، حفاظًا على إيمانه، وذلك من أجل أن تسلم عقيدته، وقد أنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم على عمر عندما وجد في يديه ورقات من التوراة، وقال : (أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به، والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حيًا ما وسعه إلا أن يتبعني).

 ولا يُقصد من هذا النهي المطلق، إنَّما يُقصد به الاستغناء عن هذه الأديان الباطلة مادام بين يد الإنسان الحق بدليله وبرهانه الذي يكفي ويملأ القلب راحة وطمأنينة وسكينة، أمَّا مَن أراد مطالعة الكتب الأخرى للحاجة والضرورة من باب إظهار أباطيل وتحاريف ما في هذه الأديان فلا بأس، في حالة أنْ تكون محصنًا بالإيمان والعقيدة الإسلامية الصحيحة، فإذا كنت كذلك فلا حرج في الاطلاع على هذه الكتب، بل من الضروري أحيانًا، خاصة في هذا الزمن المليء بالفتن والشبهات لتردها وتفندها بموضوعية

تعليقات