ماذا لو خسرت كل ذرات ومواد هذا الكون شحناتها الكهربائية ؟!
- الأربعاء 20 نوفمبر 2024
إن كان اختلف النص الإسلامي مع العلم حول أصل الإنسان، فقد إختلف معه أيضاً
حول نشأة اللغة، والنطق بها، والقدرة على استخدامها لبيان ما في النفس نطقاً وكتابة
وقراءة، فالعلم يزعم بتطور الإنسان من كائنات سابقة، والنص الإسلامي يقول بالخلق المباشر،
والعلم يزعم أيضاً أن الإنسان قام بإختراع، وتطوير اللغة والكتابة على مراحل عديدة،
بينما النص الإسلامي يقول بأن مصدر اللغة والنطق والبيان والكتابة من الله وحده، فأين
الحق من الباطل؟
يقول الباحث في ملف الإعجاز
العلمي في القرآن الكريم، الدكتور محمود عبد الله نجا، إنه من وجهة نظره القاصرة، والمبنية
على استقراء النص الإسلامي، الكتابة بدأت مع آدم وحواء كأحد أهم وسائل البيان التي
تحفظ العلم وتساعد على توارثه، قال الله (خلق الإنسان. علمه البيان)، والبيان مصدر
(بان)، بمعنى أظهر وأفصح، فالبيان يشمل كل ما يفصح به الإنسان عما في نفسه نطقاً، وإشارةً،
وكتابةً، والله تعالى أعلى وأعلم. وربط البيان بخلق الإنسان، فيه إظهار أن الله خلق
آدم وحواء بلا علم ولا قدرة على البيان، ولكن خلق فيهما الأدوات التي تؤهلهما لذلك،
قال الله (الذي أعطى كل شيء خلقه، ثم هدى)، فالله أعطى لآدم وحواء أدوات النطق وتعلم
والبيان، ثم هداهما لكيفية الإستعمال، فالعلم واللغة والتعبير عنهما من الأمور المكتسبة
بعد الخلق، ولذا قال الله (خلق الإنسان، علمه البيان)، بما يدل على أن خلق آدم وحواء
تم بلا بيان، ثم أكسبهما الله البيان.
وتابع: أنه عندما أقول أكسبهما، فهذا عن عمد لأن الإنسان اسم جنس يشمل آدم وحواء
وذريتهما، ولا حل لذلك إلا أن نقول علم الله الأبوين آدم وحواء، وهما نقلا العلم للذرية
التي خلقها الله في بطون الأمهات، وأخرجها منها بأدوات التعلم، قال الله (والله اخرجكم
من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا، وجعل لكم السمع والابصار والأفئدة، لعلكم تشكرون).
ومعلوم أن خلق حواء كان قبل دخول الجنة، لأن الله قال لآدم (اسكن أنت وزوجك الجنة)،
وذلك بعد قصة السجود لآدم مباشرة، فدل ذلك على خلق حواء قبل سكن الجنة، وعلى أنها فهمت
الأوامر التي صدرت لآدم من السكن في الجنة، وعدم الاكل من الشجرة، وعدم طاعة الشيطان،
بما يدل على أن تعليمها البيان كان من قبل الله الذي نسب ذلك لنفسه، ولم ينسبه لآدم
فقال (خلق الإنسان علمه البيان)، أي كل إنسان بما في ذلك حواء، والله تعالى أعلى وأعلم.
وأوضح أنه ما سبق يجرنا لسؤال آخر غاية في الأهمية، وهو متى نشأت الكتابة بالقلم؟
كون الكتابة هي أحد وسائل البيان، والكتابة تستلزم وجود إنسان ناطق فاهم لما يقول وقادر
على التعبير عنه برموز مكتوبة ثم قراءة هذه الرموز وفهمها بنفس الطريقة التي يفهم بها
اللغة المنطوقة، فالنطق والكتابة والقراءة من الأمور المعقدة جداً، والتي تجعل القول
بأنها أمور مُخترعة من قبل الإنسان هو قول مُضحك ومُثير للشفقة، فالواقع يشهد بأننا
نكتسب اللغة والنطق والكتابة والقراءة ممن سبقونا، وكل من سبقنا له سلف في ذلك، نعم
يمكننا تطوير منظومة الكتابة والقراءة بطرق مختلفة، ولكن قواعدها في كل اللغات واحدة،
وهذا ما يجعلنا نتأكد أن من علم البشرية النطق والكتابة والقراءة هو واحد، وما أدين
به لله أن هذا الواحد هو الله الخالق، الذي قال عن نفسه (الذي علم بالقلم)، وهذا التعليم
بدأ من آدم وحواء، وهما علما الذرية البيان بالكتابة أياً كانت صفاتها وحروفها، والذرية
قامت بتطويرها عبر الزمان، فاختلفت شكلاً ونطقاً من أمة لأخرى.
وأردف قائلا: إنه إسلامياً أبونا آدم هو الإنسان الأول، الذي نزل للأرض كرسول
مُعلم، علمه الله الأسماء كلها، وعلمه البيان، وعلمه بالقلم، علمه ما لم يكن يعلم.
فهل نكذب ما حكاه الله ونصدق الدارونية الباطلة بكل ما فيها من ترقيع وتزوير؟!!!،
منوها إلى أنه إسلامياً كل الأمم قبل وبعد التاريخ كانت لهم رُسُل وأنبياء، وأنزل الله
لهم الكُتب، قال الله {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ
مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ
بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ}، وقال أيضاً {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا
بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ
بِالْقِسْطِ}.
وتسآل هل أنزل الله الكتب بغير علم ولا قلم ولا كتابة؟!.، إذا كيف سماها الله
كتب، وكيف طالعها الرسل وأتباعهم؟! وعليه، فتقسيم العلماء لتاريخ البشر إلى عصرين،
قبل وبعد التاريخ المدون كتابياً، لا يعني أبداً أن عصر ما قبل التاريخ لم يعرف العلم
والكتابة، ولا يعني أبداً أن الإنسان نشأ جاهلاً كما تحكي الدارونية (إلحادية، أو دينية)،
ولكن قد يعني إندثار الأدلة التي تثبت نشأة الكتابة مع نشأة الإنسان، فالجزم بجهل إنسان
ما قبل التاريخ يُعد أكذوبة علمية دليلها الوحيد الفشل في العثور على أدلة، وربما يتم
طمس الأدلة عن عمد، فالدارونية لها تاريخ حافل بالتزوير.
ونوه إلى أنه من الناحية العلمية لا نملك دليل علمي واضح على تاريخ اختراع الكتابة،
وذلك لنقص الحفريات، وإندثارها، كما أن هناك أكثر من حضارة كانت لها لغة مكتوبة، والغريب
ان العلم يقر بأن هذه اللغات المتعددة نشأت غير معتمدة على بعضها أو مشتقة من بعضها،
وهذا يجعل الجواب على سؤال من الذي اخترع الكتابة أمر في حكم المستحيل علمياً، كما
تقول المراجع العلمية.
ووأضاف أنه منطقياً طالما هناك حضارات مختلفة تستعمل طرق مختلفة للتعبير عن
المنطوق بطريقة مكتوبة وقابلة للقراءة، فهذا دليل على أن المنهجية واحدة، وأنها متوارثة،
وغير مخترعة، فمهما تعمقنا في دراسة تاريخ البشرية فحتماً سنجد أدلة ان لها القدرة
على الكتابة والقراءة، وفقط الاختلاف في اللغة ورموزها. ولذا فأي منصف عندما يتكلم
عن عصر ما قبل التاريخ ستجده يقول بمنتهى الوضوح:
وهو بالفعل ما بدأت تشير له بعض الأبحاث الحديثة، والتي بدأت تفهم رسومات ما قبل التاريخ على أنها رموز للغة مكتوبة، تهدف لتسجيل بعض شؤون الحياة، فكل ما كنا نظنه رسوم بلهاء رسمها إنسان بدائي في عصر ما قبل التاريخ، بدأ العلم ينظر لها بمزيد تعمق ليكشف شفرتها ملفة مكتوبة (٣، ٤، ٥، ٦)، وهو ما سبب صدمة للعلماء، ومع ذلك مازل بعضهم مصمم على وصف هذه الشفرات بالكتابة الأولية، والتي مهدت الطريق لظهور كتابات أكثر تعقيدا، مع أن العاقل لو نظر في الكتابات الحية التي بين ايدينا الان لوجد فيها تفاوت عجيب في درجة التعقيد، وهو أمر وارد في كل عصور البشرية، ولعل العلم يكتشف كتابات معقدة في عصر ما قبل التاريخ، وهو كما يقول العلماء المتصفين أمر وارد.