ماذا لو خسرت كل ذرات ومواد هذا الكون شحناتها الكهربائية ؟!
- الأربعاء 20 نوفمبر 2024
السماء
استدل جمهور السلف على خلق الأرض قبل السماء بآية البقرة (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى الى السماء فسواهن سبع سماوات)، وبآية فُصلت (خلق الأرض في يومين......ثم استوى إلى السماء......فقضاهن سبع سماوت). ولكن هذا التفسير يتعارض مع العلم الحديث الذي قال بتأخر خلق الأرض عن أجرام السماء، فهناك أدلة كثيرة تثبت إنفصال الأرض عن المجموعة الشمسية بعد خلق الكثير من أجرام السماء، وهناك أجرام أكثر بعداً وأكبر حجماً، وأقدم تكوناً من مجموعتنا الشمسية، وأقدر على دمج نوى الذرات الثقيلة من مجموعتنا الشمسية ، وفقا لصفحة الإعجاز العلمي في القرآن .
وأشارت إلى أنه لحل هذا التعارض بين
القرآن والعلم، لجأ البعض حديثاً إلى مُناصرة قول الأقلية من السلف الذين قالوا بأن
الله استوى إلى سماء دُخانية خُلقت قبل خلق الأرض، فالله لم يستو لعدم. وقد تبنى هذا
القول من السلف قتادة ومقاتل، والسدي، ونقل أقوالهم بعض المفسرين مثل الطبري، والقرطبي،
وابن كثير، وابن عاشور، وغيرهم. قال القرطبي، وقريباً منه الطبري (وقول قتادة يخرج
على وجه صحيح من أن الله خلق أولا دخان السماء
ثم خلق الأرض، ثم استوى إلى السماء وهي دخان فسواها) . ففسر البعض سماء فُصلت الدُخانية
بالغبار الكوني (Cosmic dust) الذي نشأ بعد فتق الرتق عند بداية نشأة الكون، ولكن أخطأوا في ذلك
كما سنرى.
وتابعت: أن العلم ينفي تكون الغبار الكوني
والأرض قبل نجوم السماء، حيث تنص نظرية الإنفجار الكبير على أن أول ما نشأ من الكون
ذرات غاز الهيدروجين، ثم غاز الهيليوم، وذلك في عصر ما قبل النجوم. وبعد حوالى ٣٠٠
الى ٥٠٠ مليون سنة تكونت النجوم الغازية من تجمع الهيدروجين والهليوم، ثم حدثت اندماجات
نووية لخلق عناصر أثقل، وبعد نفاد وقود النجوم الغازية انفجرت وخرجت عناصرها للفضاء
الكوني، فتشكل القليل من الغبار الكوني الذي دخل في تركيب نجوم أكثر قدرة على خلق عناصر
اثقل، وبعد عدة دورات من بناء وإنفجار النجوم امتلأت السماء بالغبار الكوني، وبعد مليارات
السنوات تشكلت مجموعتنا الشمسية .
وأكملت: أن الهيدروجين والهيليوم عبارة
عن غازات مثل الهواء، وليست دُخان. وعند تحولهما لحالة البلازما في النجوم الغازية،
فأيضاً لا نراها كدخان، ولكن تُرصد بوسائل خاصة.، وأقرب مثال لها هو مصابيح النيون
التي نستعملها في بيوتنا، فهل رأيتم فيها دخان؟!.، مشيرة إلى ما قاله العلماء إن الغبار
الكوني له دور مهم في تكوين النجوم والكواكب ولكنه لم يكن موجود مع بداية الكون حيث
كانت النجوم المبكرة لا تحتوي هذا الغبار ولكن فقط تحوي غاز، ثم تكون الغبار الكوني
من هذه النجوم. وحتى أحدث إكتشاف للغبار الكوني بواسطة تلسكوب جيمس ويب في نهاية عام
٢٠٢٣، والذي نشرته مجلة نيتشر، وجد أن اقدم غبار كوني تم العثور عليه يوجد بعد حوالي
٨٠٠ مليون عام من بداية الكون، اي بعد نشأة النجوم والمجرات .
ونوهت إلى أن بعض الكتابات العلمية سمت
الغبار الكوني بالدخان الكوني (cosmic smoke)، لتشابه صور الغبار الكوني المُلتقطة بالتلسكوبات مع الصورة الذهنية
لأعمدة الدخان، مع أن تركيب وكثافة الغبار الكوني يختلف تماماً عن تركيب وكثافة الدُخان،
فالغبار الكوني به عناصر ثقيلة، وجزيئات لمركبات عضوية وغير عضوية، بل وبعض الماء،
وحبيبات السليكا التي تشبه الرمل ، فكأنه يشبه عاصفة ترابية، أو رماد بركاني، ولكن
أشد كثافة، حيث تصل كثافته في بعض الأماكن إلى 5.5 جرام/سم٣ . ولن نجد عالم باللغة
العربية يقول بأن هذا التركيب شديد التعقيد والكثافة يمكن وصفه بالدُخان، فالدخان يحوي
بخار الماء وبعض نواتج إحتراق المادة العضوية، فله كثافة وحرارة أقل بكثير من كثافة
وحرارة الغبار الكوني، فلا تكاد تتجاوز كثافة الدخان حوالي 1.5 جرام/سم٣ ، وتقترب
كثافة الرماد البركاني من حوالي 2.3 جرام/سم٣ .