مختار عبد الله: الإلحاد شبح يهدد العالم
- الأربعاء 06 نوفمبر 2024
يُعرّفْ القانون الطبيعي أو الفيزيائي: أنه الانتظام والتناسق في الطبيعة، وهذا التناسق والتصميم البديع يشير الى وجود مصمم عاقل وذكي للطبيعة وهو من صمّمَ قوانينها.
فانتظام حركة دوران الأرض حول نفسها وحول الشمس،
وانتظام حركة الكواكب والأقمار في الكون في أفلاكها ووجود الطاقة الحرارية والإشعاعية
في مجرات الكون والنجوم ووجود الشحنات الكهربائية الموجبة المخزونة في البروتونات
والسالبة في الإلكترونات، وحركة الإلكترونات حول نواة الذرة تدل على وجود من صممها
وحدد حركاتها ومساراتها ومقدار شحناتها.
كل ذلك وغيره هو
البرهان على وجود المصمم الذكي، وهو من جعل كل الموجودات المادية والموجات الإشعاعية
والضوء في الكون منتظمة بقوانين دقيقة لا تتغير ويمكن التعبير عنها بمعادلات وصيغ
قوانين رياضية.
لابد أن العقل
والمنطق يسأل هنا من وضع تلك القوانين الدقيقة غير المتغيرة ومن يتحكم بها
وبثباتها؟ الجواب المنطقي الوحيد هو أنه المصمم الذكي الذي خلق الكون وموجوداته من
نجوم ومجرات وكواكب وأقمار وصممها لتعمل بقوانين دقيقة لا تتغير وضبط حركاتها في
مسارات محكمة، إنه الإله الخالق القدير الحكيم.
ومن المستحيل أن
يكون كل شيء منتظم مقيد بقانون رياضي ناشئ من بناء عشوائي غير منضبط وغير منتظم،
الكثير من أساطين وعلماء الفيزياء الحديثة يقرّون بوجود الإله الخالق للكون، وأنه
من وضع هذه القوانين الفيزيائية والتي يُعبر عنها بالمعادلات الرياضية.
أكبر عبقري في الفيزياء ألبرت آنشتاين قال: أريد
أن أعرف كيف خلق الإله الكون، أريد أن أتعرّف على أفكار الإله، والباقي سيكون
تفاصيل مكملّة.
يفسّر انشتاين
قابلية الإنسان لمعرفة الإله بطفل صغير دخل مكتبة مليئة بآلاف الكتب والمجلدات
المكتوبة بلغات عديدة، لكنه لا يفهمها ولا يعرف ما بداخل تلك الكتب من معلومات ولا
يفهم لغاتها، لكنه يعرف تماما ويؤمن ان هناك من قام بتأليف تلك الكتب ورصها
بانتظام في رفوف المكتبة.
هكذا نحن البشر
كلنا كهذا الطفل الصغير، لا يمكننا أن نفهم قدرة الإله وإمكانياته غير المحدودة
لأننا لا نقدر أن نمتلك ونحن بعقلية الطفل عقلية وحكمة من ألف تلك المجلدات. فكيف
نقارن انفسنا بالإله ونريد ان نفهم من يكون وكيف خلق الكون؟
بهذه الصيغة
يفسر لنا آنشتاين كيف يريد البشر والعقلاء أن نتحدى الإله الخالق ونعرف طبيعته
وقدرته.
ونحن لا نعرف من
يكون، لأننا من صنع يديه وجزء من خليقته العظيمة. فشكرا له لأنه أعطانا العقل
لنفهم الجزء القليل من قوانين الطبيعة التي خلقها وصممها بأروع ما يكون التصميم
الذكي.
وأعطانا
القدرة لنستدل على وجوده وعظمته من مخلوقاته، ولكوننا صنيعته فلا نستطيع أن نفهم
كل أفكاره والقوة الخفية التي تحيط به.
يؤمن انشتاين
بوجود إله غير مادي متمثلا بقوانين الطبيعية، ولكنه ليس هو الطبيعة.
ولا بد للإنسان أن يكون متواضعا ولا يقارن عقله بعقلية الإله الجبارة
ليعرف من يكون هذا الخالق العظيم وما هي قدرته وحكمته.
إذا لا بد أن
يؤمن الإنسان بخالق مطلق العلم، مطلق القدرة لا يحده زمان ولا مكان. ليس انشتاين
وحده من يؤمن بالإله وعظمته وحكمته، بل أساطين علماء الكوانتم (جزيئات الذرة
وقواها المغناطيسية والكهربائية) يشاركونه الرأي والإيمان نفسه فهم يؤيدون خلق
الكون من العدم وانتظامه بقوانين رياضية ثابتة، لكن لابد من وجود مصمم ذكي وخالق
له ضابطا الكل بقوانين ثابتة.
لا بد أن يفسر
لنا الملحدون والماديون والناكرون لوجود الإله الخالق، كيف نشعر بالبهجة والحزن،
نفرح بجمال الطبيعة أو ننزعج من قباحة الروائح النتنة أو تتقزز النفس من منظر
الجثث والقاذورات.
من يتحكم بهذه المؤثرات النفسية والمشاعر ومن أوجد
العواطف والحب والحنان والأمومة والرغبات الجنسية وغريزة الخوف والدفاع عن النفس
لدى البشر والحيوانات الأخرى؟ هل الطبيعة تفهم بواطن النفس وغرائزها وأحاسيسها؟ أم
الاله الذي خلقها أوجد فيها تلك الأحاسيس لتكتمل خليقته بأحسن تصميم ماديا وحسيا؟
يقول مؤسس علم الكوانتم ماكس بلانك: "لا يمكن أن نجد تعارضا حقيقيا بين العلم
والدين، فكلاهما يكمل الآخر".
إن
كلا من العلم والدين يحارب في معارك مشتركة لا تكل، ضد الادعاء والشك والتسلط والإلحاد،
من أجل الوصول إلى معرفة الإله.
ويقول بول ديراك
(من كبار مؤسسي علم فيزياء الكم): "إن الإله خالق حسيب، استخدم أرقي مستويات
الرياضيات في تصميم الكون، ووضع قوانينه ". لابد أن نتساءل: من وضع الشحنات
الكهربائية السالبة في الإلكترون والموجبة في البروتون؟ من جعل عدد البروتونات في
نواة ذرات كل العناصر الكيميائية في الكون مساويا لعدد الإلكترونات التي تسبح خارج
النواة بسرعة ثابتة؟ من خلق الجاذبية لكل كتل المادة الموجودة في الوجود وأعطاها
خاصية التجاذب الطردي فيما بينها والعكسي لمربع المسافة بينها؟ من جعل كل مادة
الكون تتصرف بطريقة متشابهة في التجاذب؟ أليس هذا دليلا أن هناك إلها يضبط إيقاع
كل شيء في الوجود لأنه الخالق المبدع والمصمم الذكي الحكيم؟
يقول الفيلسوف
العظيم ريتشارد سوينبرن: "إن أفضل تفسير لهذا النظام هو وجود الإله الحكيم
القادر الذي تصفه الأديان السماوية.
ويقول الفيزيائي الكبير فيرنر هيزنبرج صاحب مبدأ اللاحتمية والارتياب: "كنت طوال حياتي مدفوعا إلى تأمل العلاقة بين العلم والدين، ولم أجد في أي وقت مهربا من الإقرار بدلالة العلم على وجود الإله".