رئيس مجلس الإدارة

أ.د حسـام عقـل

هل قال القرآن بتحول المضغة بالكامل لعظام؟

  • أحمد نصار
  • الإثنين 28 أكتوبر 2024, 5:09 مساءً
  • 182
الجنين

الجنين

يقول رب العزة، في كتابه الكريم، "فخلقنا المضغة عظاما"، عندها ظن البعض أن الله قصد تحول المضغة بالكامل الى عظام، وأن الآية بهذا المعنى تخالف العلم الحديث، فالجنين علميا لا يتحول بالكامل لعظام في أي مرحلة من مراحله.

يقول الباحث في الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، الدكتور محمود عبد الله نجا، أنه لم يحدث أن قال به القرآن أو حتى الحديث النبوي، بل إن القرآن والسنة يتفقان على الخلق التدريجي للجنين من النطفة شيئاً فشيئاً، فمع كل طور من أطوار الجنين نجد إضافة خلق جديد للنطفة فتتحول من طور لآخر حتى يتصور الجنين بالصورة الإنسانية الكاملة، مشيرا إلى عدة نقاط مهمة تتمثل في :

١. من الناحية اللغوية كلمة (خلقنا) في قول الله (خلقنا النطفة علقة)، و(خلقنا العلقة مضغة)، و(خلقنا المضغة عظاما)، لا يُقصد منها التحول الكامل من شيء لآخر، ولكن إضافة مخلوقات جديدة للنطفة تجعلها تتحول من طور لآخر، فالنطفة تتحول لعلقة بخلق الدم الجامد فيها، والعلقة تتحول لمضغة بخلق المكونات اللحمية بعد خلق الدم، فتصبح كقطعة لحم ممضوغة، والقلب من هذا اللحم المخلوق في العلقة فيصيرها مضغة، فمن معاني المضغة عند العرب القلب. وقد تنبه الرازي لذلك في تفسيره لخلقنا في الآيات السابقة، فقال (وسُمِّيَ التَّحْوِيلُ في هذه الآية خَلْقًا؛ لِأنَّهُ يُفْنِي بَعْضَ أعْراضِها ويَخْلُقُ أعْراضًا غَيْرَها، فكَأنَّهُ سُبْحانَهُ وتَعالى يَخْلُقُ فِيها أجْزاءً زائِدَةً)، ونلاحظ قول الرازي يخلق فيها أجزاء زائدة، وهو المتفق مع فهم باقي الآيات والأحاديث في الأدلة التالية.

٢. وصف الله المضغة بأنها كثيرة التخليق، فقال الله (من مضغة مخلقة وغير مخلقة)، ومخلقة كثيرة التخليق، وغير مخلقة، اي هناك اشياء تنتظر التخليق، فكان مما خلقه الله في المضغة القلب ثم العظام ثم كسوة اللحم، فإن قلنا تحولت المضغة بالكامل لعظام، فقد خالف هذا الفهم الخطأ فهم قول الله (وغير مُخلقة)، بما يدل على أن هذه المضغة بها القدرة على تخليق أجهزة أخرى غير العظام.

٣. لما قال الله (يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق)، فهمنا من تنكير كلمة خلق الأولى، ووكلمة خلق الثانية أنهما خلقان مختلفان، فالتنكير يفيد الإختلاف، فلا توجد لحظة تمر على الجنين إلا ويُحدث الله فيه خلقاً جديداً، فإن قلنا بتحول المضغة لعظام بالكامل، فقد أوقفنا التخليق المستمر في آية خلقا من بعد خلق.

٤. في نفس آية (فخلقنا المضغة عظاما) كان ختام الآية (ثم أنشأناه خلقاً آخر)، فدل ذلك على أن بعد اللحم والعظام هناك تخليق مستمر يحول هذا الكائن غير المكتمل إلى خلق آخر على الصورة الإنسانية، فكيف لعاقل أن يقول بأن المضغة تحولت بالكامل إلى عظام؟!

٥. في حديث رسول الله (إذا بلغت النطفة ثنتان وأربعين ليلة أتاها ملك من قبل الله فصورها وخلق لها سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها، ثم قال ذكر أم انثى.....الحديث)، فدل ذلك الحديث على الخلق التدريجي للجنين من بعد مرحلة العلقة، فبجانب خلق العظم، نجد أن هناك تخليق للسمع والبصر والجلد واللحم وعلامات الذكورة، وهذا الحديث يعد شرح كامل لقول الله (ثم أنشأناه خلقا آخر).

وختم قائلا: ‘إن الحاصل أن كل الأدلة السابقة تدل على إضافة شيء جديد للمضغة وليس تحولها بالكامل لعظام، وأن التخليق لم يتوقف بعد العظام، وأن المضغة تعطي خلق العظام وغيرها من الأعضاء الأخرى، والله تعالى أعلى وأعلم.

تعليقات