بالقصص الدينية.. الأزهر للفتوي يؤكد ضرورة ترسيخ عبودية الله في قلوب الأبناء
- السبت 14 ديسمبر 2024
المياه
من يتأمل الآية الكريمة، في سورة الحجر " وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ“، سيجد انها تناولت ظاهرة إنزال الماء من السماء ودور الرياح في ذلك، مشيرة إلى عجز الإنسان عن تخزين المياه كما تفعل الطبيعة. يهدف هذا المقال إلى استكشاف العمق المنطقي في هذه الآية، من خلال فهم كيفية تخزين الله للمياه في الأرض عبر الظروف الطبيعية والمناخية، وعجز الإنسان عن توفير هذه الآليات بنفسه.
كما أن تخزين المياه في الطبيعة، بمثابة نظام إلهي متكامل، لافتا إلى أن إن تخزين المياه في الطبيعة هو نتيجة لنظام دقيق ومعقد وضعه الله في كوكب الأرض. هذا النظام يشمل مجموعة من العمليات الطبيعية والمناخية التي تعمل بتناغم لتوفير المياه والحفاظ عليها، بداية من دورة الماء الهيدرولوجية، حيث تبدأ بتبخر المياه من المحيطات والبحار، ثم تتكثف لتكوين السحب، وتنزل كأمطار أو ثلوج. هذه الدورة تشبه نظامًا مغلقًا يضمن تجديد المياه باستمرار، وهو نظام لا يستطيع الإنسان إعادة خلقه بنفس الكفاءة، وفقا لصفحة نهاية الإعجاز العلمي في القرآن والسنة.
وتابعت: وكذلك الظروف المناخية
الملائمة، حيث خلق الله الأرض بظروف مناخية تتيح وجود الماء في حالاته الثلاث (الصلبة،
السائلة، الغازية)، مما يساهم في تنوع البيئات ووجود الحياة. التحكم في هذه الظروف
يتجاوز قدرات الإنسان، فمثلاً، لا يمكنه تعديل درجات الحرارة العالمية أو نسبة الرطوبة
على نطاق واسع، فضلا عن التركيب الجيولوجي للأرض، حيث تصميم طبقات الأرض بما يسمح بتخزين
المياه الجوفية في أحواض وطبقات مائية. هذه الخزانات الطبيعية تحفظ المياه عبر آلاف
السنين، وتعمل كاحتياطي مائي لا يمكن للإنسان إنشاء مثيل له، حيث أن النظم البيئية
والتوازن البيولوجي، والمتمثل في النباتات والكائنات الحية تلعب دورًا في دورة المياه،
مثل امتصاص النباتات للمياه وإطلاقها عبر عملية النتح، مما يساهم في تكوين السحب والأمطار.
وأشارت إلى عجز الإنسان
عن محاكاة التخزين الطبيعي للمياه، مشيرا إلى أنه رغم التقدم العلمي والتكنولوجي، لا
يزال الإنسان عاجزًا عن محاكاة هذه العمليات الطبيعية بشكل كامل لعدة أسباب منها عدم
القدرة على التحكم في العوامل المناخية: لا يمكن للإنسان التحكم في العمليات الجوية
على نطاق عالمي، مثل تكوين السحب أو توجيه الرياح. محاولات الاستمطار الصناعي محدودة
التأثير ولا تقارن بالدورة الطبيعية، هذا بجانب التقنيات المحدودة لتخزين المياه الجوفية،
حيث لا يستطيع الإنسان إنشاء خزانات جوفية عميقة تحافظ على المياه بنفس الجودة والاستدامة
التي توفرها الطبقات الجيولوجية الطبيعية، مع التحديات البيئية حيث الأنشطة البشرية
غالباً ما تؤدي إلى تدهور النظم البيئية، مثل التلوث وإزالة الغابات، مما يؤثر سلبًا
على دورة المياه الطبيعية ويزيد من صعوبة تخزين المياه بشكل فعال، فضلا عن الاعتماد
على موارد محدودة، من خلال التخزين البشري للمياه يعتمد على بناء السدود والخزانات،
والتي لها سعة محدودة وتحتاج إلى صيانة مستمرة، بالإضافة إلى التأثيرات البيئية الناتجة
عنها، مثل غمر الأراضي وتدمير الموائل الطبيعية.
وختمت قائلة: إن التأمل في الحكمة الإلهية، سيدرك أنه يمكننا
من خلال هذه المعطيات فهم أعمق للآية الكريمة، حيث تشير إلى أن الله هو الذي هيأ الأرض
بالظروف الطبيعية والمناخية التي تسمح بتخزين المياه وتوفيرها للكائنات الحية. هذا
التخزين الإلهي يتم بطرق تفوق قدرات الإنسان، مما يؤكد عجزه عن توفير أو استدامة المياه
بدون تدخل الخالق، منوها إلى أن الأمر أشبه بآلة معقدة تعمل بتناغم تام، حيث كل جزء
يؤدي وظيفة محددة تساهم في النتيجة النهائية. بينما الإنسان يمتلك أجزاء بسيطة من هذه
الآلة ولا يستطيع تجميعها لتعمل بنفس الكفاءة.