أفلا تبصرون.. باحث: العقل نعمة من أعظم النعم التي اختص الله عز وجل بها الإنسان

  • أحمد نصار
  • الأحد 20 أكتوبر 2024, 2:33 مساءً
  • 62
العقل البشري

العقل البشري

قال الباحث في الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، محمد السقا عيد، إن العقل نعمة من أعظم النعم التي اختص الله عز وجل بها الإنسان ، وميزه بها عن سائر المخلوقات ، فقد جعله بالعقل يدرك حقائق الوجود ، ويميز بين الحق والباطل والحلال والحرام ، وبه يهتدي إلى تحقيق المصالح واتقاء المضار، وبه يتواصل مع بني جنسه ، ولولا العقل لظل الإنسان مثل بقية السوائم التي مازالت تهيم على وجهها في القفار، فيما استطاع الإنسان أن يحقق إنجازات عظيمة فاقت حدود الخيال، وما ذلك إلا بفضل هذه الهبة الإلهية العظيمة … العقل الذي أعانه على التفكير والتدبير والتسخير.  

وتابع: ومن هنا نجد القرآن الكريم يحض مراراً وتكراراً على إعمال العقل ، ويعيب على الذين يعطلون عقولهم من التفكر في آيات الله ، والاستجابة لداعي الإيمان ، حتى إنه ليشبههم بالدواب التي لم ترزق نعمة العقل أصلاً : “إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ”  لافتا إلى أنه ويكفي الإشارة إلى أهمية “العقل” في كتاب الله أنها تكررت ومشتقاتها حوالي سبعين مرة، ناهيك عن الآيات التي تتصل بالعمليات العقلية كالتفكر والتأمل والنظر بتمعن في آيات الله في الأنفس والآفاق، والتي لا يمكن حصرها من كثرتها في كتاب الله

وأكمل: أن التاريخ البشري، عرف رجالاً ونساءً قد وهبهم الخالق عز وجل ملكات عقلية هائلة ، إلا أنهم اختلفوا في طريقة توظيف هذه الملكات ، فمنهم من سخر عقله في الخير ، فقدم للبشرية إنجازات باهرة وخدمات علمية وفكرية جليلة رفعت من شأنها، ومنهم من وظف عقله أسوأ توظيف، فجلب على البشرية صنوفاً لا تعد ولا تحصى من الكوارث والمآسي والنكبات                    

وأوضح أن هناك اعتقاد خاطئ ، شائع بين الناس أنّ العقل يحمل نفس المفهوم للمخ، حيث يخلط العديد منهم بين المفهومين ويعتبروا أنهم وجهان لعملة واحدة. كذلك ساد الاعتقاد دوماً بأنّه لا فرق بين العقل والدماغ، وأنّهما سيان، لكن لم يخطر ببال العامة التعمق في المعرفة، ليعلموا أنّ هناك فرقاً عظيماً بين الدماغ والعقل، وأن مفهوم كل منهما يختلف عن الآخر اختلافاً كليّاً… ولتصحيح هذا الاعتقاد لا بدّ من التعرف على أبرز الفروق بين كل من العقل والمخ والدماغ، منوها إلى أن العقل، ليس جزء من الدماغ وإنما هو مصطلح يُستخدم غالباً للتعبير ووصف جميع وظائف الدماغ البشري العليا، وعلى وجه الخصوص تلك الوظائف التي يكون فيها الإنسان واعياً، كالجدل والتفكير والذكاء والذاكرة والتحليل، وجميع الانفعالات العاطفيّة التي يتعرّض لها، والتي تعد وفق آراء البعض بأنها منسوبة للعقل. … إذن العقل هو ما يميز الإنسان عن الحيوان وليس الدماغ.

 وتابع: يعتقد الكثير من الناس أن العقل موجود بالدماغ وأن القلب مجرد عضو كسائر الأعضاء له وظيفة ضخ الدم إلى الجسد، أو أنه مركز للحب والكره ونحوه من المشاعر فقط، لكنّ نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، وحتى بعض نصوص التوراة والإنجيل تدل على أن للقلب وظيفة أخرى وهي وظيفة التدبر والفهم والتفكير، والسؤال المطروح هنا هو: أين توجد هذه الأداة المحركة للجوارح والتي يتم بها الإدراك والفهم والتمييز ؟ هل هي في الدماغ أو في القلب؟ أم فيهما معا ؟ أقول: إذا كان القلب في نظر الأطباء هو العضَلة التي تُنظِّم توزيع الدمِ حسب حاجاتِ البدَن، فإنه في نظَر الإسلام هو مصدر التوجيه والقيادة في الإنسان الذي يُضلُّه ويهديه

وعن وجود دليل بأن العقل في القلب، فقد أشار "عيد" إلى أن الأبحاث العلمية الحديثة رجحت وجود العقل في قلب الإنسان، حيث رجح العلماء الفسيولوجيين ذلك بأنه عندما يتعرض الإنسان لموقف مفاجئ كالخوف الشديد فإن القلب هو أوّل ما يتأثر بذلك في جسم الإنسان عن طريق زيادة سرعة نبضاته و عددها، ثمّ يرسل الأوامر للدماغ بأن يقوم بأفعال لا إرادية كالقفز أو الهرب، أمّا البعض الآخر فرجّحوا أن القلب يحتوي على طاقة خاصة تساعده على استقبال المعلومات وتحليلها ومعالجتها. وقد وصف البعض هذه الطاقة بدماغ صغير شديد التعقيد يوجد في القلب.

    وأضاف: أن هناك بعض علماء المسلمين قد لجوا إلى النصوص القرآنية لتحديد مكان وجود العقل ومنها قوله تعالى: “َ أ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا”. سورة محمد:24. حيث نسب التدبر والتفكير في هذه الآية إلى القلب، فهذه الآية تصرح بأن التدبر وإدراك المعاني يكُون بالقلب، ولو جعل على القلب قفل لم يحصل الإدراك ؛ فتبين أن الدماغ ليس هو محل الإدراك كما ترى..وقوله تعالى:”وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا” سورة   الأعراف: من الآية179.عابهم الله بأنهم لا يفقهون بقلوبهم ؛ والفقه هو: الفهم، والفهم لا يكون إلا بالعقل, فدل ذلك على: أن القلب محل العقل.

  وقال:  ولو كان الأمر كما زعم الفلاسفة لقال: لهم أدمغة لا يفقهون بها، حيث اكتشف العلماء أن القلب يحوي أكثر من أربعين ألف خلية عصبية لها دور مهم في التفكير والإدراك والسلوك وتوجيه الدماغ، وهذا ما أشار إليه القرآن بقوله تعالي: أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ” سورة الحج:46.ولم يقل: فتكون لهم أدمغة يعقلون بها، ولم يقل : ولكن تعمى الأدمغة التي في الرؤوس ، فقد صرح الحق سبحانه في آية الحج هذه بأن: القلوب هي التي يعقل بها، وما ذلك إلا لأنها محل العقل. ثم أكد ذلك تأكيدا لا يترك شبهة ولا لبسا ؛ فقال تعالى: وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ.

 

تعليقات