كيف أنصف الإسلام المرأة وضمن جميع حقوقها؟.. باحث في ملف الإلحاد يوضح
- الجمعة 20 ديسمبر 2024
مرصد
قال تقرير لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، إن الاستهلاك في عالمنا المعاصر، بات يشهد تحولًا غير مسبوق؛ فمع انتشار العولمة وتقدم التكنولوجيا الرقمية، تطورت أنماط الشراء والاستهلاك إلى مستوى يتجاوز الاحتياجات الأساسية للفرد، ليصبح استهلاكًا مسرفًا، أو ما يمكن أن نطلق عليه تطرفًا استهلاكيًّا.
وتابع: ويعبر هذا المفهوم عن الإفراط في الاستهلاك بما يتعدى
الضروريات؛ إذ يسعى الأفراد إلى الحصول على مزيد من المنتجات والخدمات، سواءٌ أكان
ذلك لحاجتهم الفعلية، أم لمجرد مواكبة المعايير الاجتماعية والثقافية التي تروج للاستهلاك
المفرط في كل شيء. التطرف الاستهلاكي سلوك يهدف إلى الحصول على السلع والخدمات بكميات
كبيرة دون مراعاة الاحتياجات الفعلية، أو العواقب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية
التي قد تنجم عن ذلك السلوك.
وأوضح التقرير أن هذا السلوك يتجاوز مجرد الرغبة
في تلبية حاجات الفرد، ليصبح تعبيرًا عن الهوية الشخصية أو الاجتماعية، وغالبًا ما
يرتبط بالتنافس الاجتماعي، أو إشباع الرغبات النفسية، ويعزز ثقافة "الشراء من
أجل الاستمتاع"، ما يؤدي إلى زيادة الضغط على الموارد، وزيادة الفجوة بين الطبقات
الاجتماعية.
ولفت إلى أسباب التطرف الاستهلاكي التكنولوجيا والإعلانات الرقمية، والتي تمثلت
في :
نهوض وسائل التواصل الاجتماعي والإعلانات الرقمية
بدور رئيس في تعزيز ظاهرة التطرف الاستهلاكي، فقد أصبح بإمكان الشركات استهداف المستهلكين
بدقة بناءً على اهتماماتهم وسلوكياتهم عبر الإنترنت، ما يخلق شعورًا بالحاجة المستمرة
إلى شراء مزيد من السلع لتلبية توقعات المجتمع، أو لتحقيق الرضا الذاتي، الأمر الذي
نلمسه بأنفسنا عند شراء الملابس، أو الأحذية، أو أدوات التجميل، أو القيام بأي نشاط
شرائي آخر.
وأكمل: أيضا الثقافة المادية، حيث تنظر المجتمعات
الحديثة إلى استهلاك السلع والخدمات باعتباره مقياسًا للنجاح والتفوق الاجتماعي، فيكون
تقييم الأفراد بناءً على قدرتهم على شراء منتجات ذات قيمة عالية، أو التمتع بخدمات
فاخرة، ما يدفع كثيرًا من الراغبين في تصنيفهم ضمن "الفئة الأولى" في المجتمع
إلى الاستهلاك المفرط للحفاظ على مكانتهم الاجتماعية، أو لتلبية شعور التميّز والرقي
من منظورهم أو من منظور المجتمع.
ونوه إلى التأثير ات النفسية، حيث يرتبط التطرف
الاستهلاكي بالحالة النفسية للفرد؛ إذ غالبًا ما يلجأ البعض إلى الشراء استجابةً لضغوط
نفسية أو اجتماعية، وهو ما يطلق عليه المتخصصون: "التسوق العاطفي". وفي هذه
الحالة، يصبح الشراء وسيلة للهروب من القلق أو الاكتئاب، ما يؤدي إلى إنفاق غير مسبب
على المنتجات التي قد لا تكون ضرورية.، فضلا عن الضغوط الاجتماعية حيث يسعى كثير إلى
الاندماج في مجتمعاتهم من خلال تقليد أسلوب حياة معين، ما يدفعهم إلى شراء منتجات باهظة
الثمن لإثبات انتمائهم إلى طبقة اجتماعية ما، أو من خلال إلحاق أبنائهم بمدارس وجامعات
خاصة بمصروفات عالية، أو المبالغة في تجهيزات الزواج وغير ذلك من المظاهر الاجتماعية.
هذا بجانب إلى سهولة الحصول على القروض وبطاقات المشتريات: يعدُّ تسهيل الحصول على
القروض والبطاقات الائتمانية عاملًا رئيسًا في التشجيع، بل التحريض على الإنفاق دون
التفكير في العواقب المالية.
وأشار التقرير إلى آثار التطرف الاستهلاكي وعلى
رأسها الآثار البيئية، كونه يؤدي الاستهلاك المفرط إلى استنزاف الموارد الطبيعية وزيادة
الإنتاج الصناعي، ما يتسبب في تدهور البيئة، ويصاحب ذلك زيادة في التلوث البيئي وتفاقم
ظاهرة التغير المناخي، فضلا عن الآثار الاقتصادية كون التطرف الاستهلاكي يعمل على خلق
اقتصاد غير متوازن، إذ يزداد الاعتماد على الاستهلاك على حساب الادخار والاستثمار في
المستقبل، كما يؤدي إلى تراكم الديون الشخصية، خاصة في حالة شراء السلع غير الضرورية
بقروض أو ببطاقات ائتمانية، كما توجد الآثار الاجتماعية، حيث يعزز التطرف الاستهلاكي
الفجوة بين الطبقات الاجتماعية؛ لأن النظرة المترتبة على هذا النمط الحياتي يجعل تصنيف
الأفراد مرتبطًا بمدى قدرتهم على استهلاك السلع الفاخرة، وهذا بدوره يخلق بيئة تنافسية
غير صحية، وقد يؤدي إلى الشعور بالاستياء أو القلق لدى من لا يستطيعون مواكبة هذا النمط
الاستهلاكي، ويخلق حالةً من الصراع بين الطبقات الاجتماعية ويذكي التمييز والتفرقة
بين عناصر المجتمع الواحد، كما يزيد في حالات التنمر.
وختامًا: فالتطرف الاستهلاكي ظاهرة خطيرة نالت
من المجتمعات لا سيّما مجتمعاتنا العربية، وتسببت في حالة من الترف الفاحش والإسراف
المنهي عنه، وأدت إلى خلق أجيال لا تجيد التدبير، ولا يعنيها الحفاظ على الموارد التي
باتت في تناقص وتضاؤل بسبب سلوكيات غير قويمة وممارسات غير صحية، لذا فإن مرصد الأزهر
لمكافحة التطرف يطلق صافرة إنذار من تنامي هذه الظاهرة الخطيرة في مجتمعاتنا باعتبارها
شكلًا من أشكال التطرّف غير المألوف، ولكن بالنظر للآثار الناجمة عنها يمكن إدراك خطورتها
وضرورة مواجهتها. هذا، ويمكن الحد من التطرف الاستهلاكي، وتبني ثقافة ترشيد الاستهلاك،
والحفاظ على الموارد الطبيعية والاقتصادية من خلال الممارسات والسلوكيات الآتية: التوعية
المجتمعية: ينبغي تعزيز الوعي بماهية التطرف الاستهلاكي ومخاطره وآثاره السلبية من
خلال حملات توعوية تركز على أهمية الاستهلاك الواعي المسئول، ويمكن ذلك من خلال الوزارات
ذات الطابع الاجتماعي والمؤسسات الدينية والتعليمية. التربية المالية: من خلال تعليم
الأفراد كيفية إدارة مواردهم المالية بحكمة، والتمييز بين الاحتياجات والرغبات، كما
يمكن أن يساعد هذا التعليم في الحد من السلوكيات الاستهلاكية الضارة. تشجيع الاستدامة:
من اللازم تشجيع الاستهلاك المستدام والمنتجات الصديقة للبيئة بوصفه بديلًا عن الاستهلاك
المفرط، ويمكن تحقيق ذلك من خلال تبني سياسات حكومية داعمة، مثل فرض ضرائب على المنتجات
غير المستدامة، أو تقديم حوافز للشركات التي تتبع ممارسات إنتاج مستدامة. التشريعات
والقوانين: للمجالس التشريعية وللحكومات دورٌ أساسي في ضبط الإعلانات الترويجية التي
تشجع على الاستهلاك المفرط، ووضع قيود على إنتاج وبيع المنتجات التي تؤثر سلبًا على
البيئة.