رئيس مجلس الإدارة

أ.د حسـام عقـل

هل القرآن يحتوى على كلمات ليس لها معنى؟!

  • أحمد نصار
  • الأربعاء 16 أكتوبر 2024, 6:39 مساءً
  • 64
القرآن الكريم

القرآن الكريم

 من الشبهات التي تتردد من حين لآخر: أن القرآن الكريم يحتوي على كلمات لا معنى لها، و كان يقصد بتلك الأحرف مثل سورة يس و القرآن على حسب قوله ان أحرف ” يس” هي مجرد أحرف لا معنى لها و جائت من عبث استغفر الله العظيم.

وعن هذه المسألة يقول الدكتور مسلم محمد جودت اليوسف أستاذ الفقه الإسلامي، إنه قد ورد في القرآن الكريم تسع وعشرون سورة افتُتِحَت بحروف هجائية تُقرأ مقطعةً بأسمائها هكذا : ألف – لام – ميم.. و كان منها ما افتتح بحرف واحد مثل : ص – ق – ن، و منها ما افتتح بحرفين مثل : طه – يس، وكذلك منها ما افتتح بثلاثة أحرف مثل : ألم، ومنها ما افتتح بأكثر من ذلك مثل : كهيعص.

وتابع: أنه ليس لهذه الحروف في اللغة العربية سوى مسمياتها التي ينطق بها في الكلمات المركبة. و لم يرد من طريق صحيح عن النبي – صلى الله عليه وسلم -بيان للمـراد منها , و لذلك اختلف أهل العلم فيها اختلافاً كثيراً , و هذه الأراء على كثرتها و تنوعها ترجع إلى رأيين اثنين هما :

أولاً : أنها جميعاً مما استأثر الله به و لا يعلم معناه أحد سواه و هذا رأي كثيرمن سلف هذه الأمة.

ثانياً : أن لها معنى , و ذهبوا في معناها مذاهب شتى نُثِرت في كتب التفسير و لعل أقرب هذه الآراء إليَّ هي : أن هذه الأحرف ما هي إلا زيادة في التحدي بالقرآن , بمعنى أن هذه الأحرف ليست مادة غريبة عليكم و لا مجهولة لكم , و رغم هذا فأنتم لا يمكن أن تأتوا بمثلها مما يدل على أن هذا القرآن ليس من صنع البشر إنما هو من عند الله تعالى , قال عز و جل : ( وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (البقرة:23)

وأكمل: وقال أيضاً : ( قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) (الاسراء:88)، وكذلك يقول رب العزة ( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (هود:13) وأيضا قوله تعالى ( وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِين * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ) (الشعراء:192-193-194 )

ونوه إلى أن قولـه تعالى : ( نزل به الروح الأمين)، يدل على دلالة قطعية على عدة أمور عدة منها :

1- أن هذا القرآن منزل من عند الله تعالى و نزل به الروح الأمين و هو جبريل عليه السلام فأوحاه للنبي محمد – صلى الله عليه وسلم -.

2- أن هذا القرآن هو من عند الله عز و جل و ليس فيض من نفس النبي – صلى الله عليه وسلم – أو غير ذلك مما تقول طوائف من الفلاسفة و الملحدين و أمثالهم.

وأردف قائلا : و قد سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية و الإفتاء عن بعض معاني الآيات مثل ( حم – ألم – ألمص – حم – عسق ) ( الفتوى رقم 6395) فأجابت ، أن هناك فيه آراء للعلماء , و الراجح أنها ذكرت هذه الحروف – و الله أعلم – في أول السور التي ذكرت فيها , بياناً لإعجاز القرآن , و أن الخلق عاجزون عن معارضة بمثله , هذا مع أنه مركب من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها , و هذا هو الذي نصره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله و ارتضاه أبو الحجاج المزي رحمه الله.

 وختم قائلا: إن كتاب الفوائد المشوِّق إلى علوم القرآن وعلم البيان لابن قيم الجوزية رحمه الله يقول  : ( روي أن يهودياً في مجلس المتوكل فأحسن الكلام , و ناظر فعلم أنه من حملة الإعلام و ناضل فتحققوا أنه مسدد السهام فدعاه المتوكل إلى الإسلام فأبى و أقام بفرط الإباء على مذهب الآباء بعد أ ن بذل له المتوكل ضروباً من الأنعام و صنوفاً من الرفعة والاكرام و راجعه في ذلك مرة بعد أخرى فلم يزده ذلك إلا طغياناً و كفراً فغاب عنه مدة ثم دخل إلى مجلسه و هو يعلن الإسلام و يدين دينه فقال لـه المتوكل : أسلمت ؟ قال : نعم. قال : ما سبب إسلامك ؟ فقال : لما قطعت من عنقي قلادة التقليد و صرتُ من رتبة الاجتهاد إلى مرتقى ما عليه مزيد نظرت في الأديان و طلبت الحق حيث كان فأخذت التوراة فنظرت فيها و تدبرت معانيها و كتبتها بخطي و زدت فيها و نقصت و دخلت بها السوق و بعتها فلم ينكر أحد من اليهود شيئاً , و أخذت الانجيل و زد ت فيه و نقصت و دخلت به السوق و بعته فلم ينكر أحد من النصارى منه شيئاً , و زدت فيه و نقصت و دخلت به السوق و بعته فلم ينكر أحد من النصارى منه شيئاً , و أخذت القرآن و قرأته و تأملته فإذا : ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا لـه لحافظون ) فكتبت و زدت فيه و نقصت و دخلت السوق و بعته فنظر فيه المسلمون فعرفوا المواضع التي زدت فيها و نقصت , و ردوا كل كلمة إلى موضعها و كل حرف إلى مكانه , فعلمت أنه الحق لتحقيق وصفه بأنه كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من حكيم حميد فآمنت به و صدَّ قت ما جاء به.


تعليقات