هل وجود الشر ينفي وجود الإله؟

  • جداريات Jedariiat
  • الثلاثاء 15 أكتوبر 2024, 10:06 مساءً
  • 170

يروج الملاحدة في الآونة الأخيرة لسؤال يراد به تشكيك الناس في دينهم، مفاده: لماذا خلق الإله الشر وسمح بالظلم وهل وجود الشر ينفي وجود الإله؟ 

وفي رد على هذا السؤال، ذكرت دراسة نشرها مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، أن وجود الشر في العالم هو الذي يؤدي إلى ظهور الخير، فلا معنى للأمانة بدون الخيانة، ولا معنى للنجاح بدون الفشل، ولا معنى للقوة بدون الضعف، كما أن وجود الشرور بين المخلوقات ما هو إلا أمر عارض لاستكمال معاني الخير.

 

ووفق المرصد فيمكن القول: إن وجود الشر يقيم الدليل الساطع على وجود إله خالق للكون، فلو فرضنا أن مزاعم إنكار وجود الإله بدعوى وجود الشر صحيح فإن السؤال الذي يطرح نفسه علينا هو: ما الذي سيقتص للمظلوم من الظالم؟ وهنا يرد أصحاب تلك المزاعم بأن القوانين الوضعية ستأخذ للمظلوم حقه من الظالم، وهو ما يوجب طرح سؤال آخر: ماذا لو أن قاتل الملايين قد هلك قبل توقيع العقوبة عليه فكيف سيقتص للقتلى حينها؟

 

بالإضافة إلى ذلك فإن القانون لا يوقف المجرمين في جميع الأحوال، وهو ما يوجب وجود إله قادر عدلٍ يراقب جميع المخلوقات، بهدف إقامة العدل المطلق بينهم جميعا، وإلا فإن الحياة ستحكمها الفوضى، أو قانون الغابة، بمعنى أن القوى سيضيم الضعيف، لا لشيء إلا لأن الضعيف لا يستطيع أن يدافع عن نفسه، وهو ما يعد أحد سمات الحضار التي تتخذ من الإلحاد والمادية منهج حياة.

 

كما أن الله تعالى ابتدأ بخلق الخير حين بدأ الخلق، فخلقه خلق تكوين، فقال تعالى: "كن فيكون"، وأما الشر حين خلقه خلق تقدير ولم يكن له كن فكان كما فعل بالخير بل خلق "الآله" وهي الإرادة التي سمح لها أن تفعل الشر "والله خلقكم وما تعملون".

 

وتابع المرصد: فخلقه للإنسان بـ "كن فيكون" لكن خلقه للشر حصل لما خلق الإرادة للإنسان وهي آلة المعصية والشر، كما هي آلة الطاعة والخير، وهذا هو الاختبار، وهنا يتضح للملحد الفرق بين خلق الله للخير وبين خلقه للشر.

وذكر المرصد أن الله سبحانه وتعالى خلق الخير وهو يحبه ويختاره بدليل خلقه له في الأول قبل خلق الشرور، وأما خلقه للشر فهو بسماحه له أن يقع مع قدرته على منعه أن يحصل، لكن سمح به لأنه يحب للإنسان الحرية ليتميز بها على سائر المخلوقات التي لا تمتلك هذه الحريات، وأحب له أن يختار بالحرية طريق سعادته، ولهذا أمر الأنبياء أن يقاوموا هذا الظلم بطل طاقتهم ليؤكد الله لخلقه أنه يريد بهم اليسر ولا يريد بهم العسر، وأنه كما قال "وما الله يريد ظلما بالعباد".

وشدد مرصد الأزهر على أن هذا هو وجه خلق الله سبحانه للشر الذي لا يستطيع الملحد أن يرده، فبعدما كان يرى الملحد أن ربه إما ظالم أو ضعيف فسيراه بعد هذه الحجة ربا وملكا وإلها يقرر مبدأ الحريات التي ينادي بها العالم اليوم مع تحميل الخالق للإنسان نتيجة ما يختار، ومطالبته لبعض خلقه وهم المؤمنون بأن يقاوموا هذا الشر بالحكم والموعظة الحسنة، بل وصد العدوان إذا ما أراد الظالم الاعتداء على وطن الإنسان وأمته فيما يعرف بالجهاد الأمني والجهاد السلمي، ولو أن الله خلق صفة أو قيمة دون أخرى لقيل كيف الله يحرمنا من الاختيار من الأصل؟ لكنه سبحانه قال للإنسان: "وهديناه النجدين"، أي أريناه الطريقين، والاختيار مكفول للإنسان  .

تعليقات