رئيس مجلس الإدارة

أ.د حسـام عقـل

هل العلم هو كل ما يخضع للتجربة والملاحظة؟.. باحث في ملف الإلحاد يرد

  • جداريات Jedariiat
  • الإثنين 14 أكتوبر 2024, 6:55 مساءً
  • 296

رد الباحث في ملف الإلحاد، محمد سيد صالح، على شبهة تقول: إن العلم هو كل ما يخضع للتجربة والملاحظة وقابل للاختبار غير ذلك يسمى العلم الزائف أو العلم الكاذب.

 

وقال إنه على ضوء هذه الشبهة يقول برتراند راسل: "إنَّ الذي يعجز العلم عن اكتشافه لا يستطيع البشر معرفته"، وهنا يقصد راسل "اكتشافه حسيًا أو مختبريًا"، وهذه النظرة المغالية فى العلم هى نفسها ذاتية الدحض، حيث تزعم العلموية أنَّ الشيء ليس صحيحًا إذا لم يمكن اثباته علميًا، ومع ذلك فهذه العبارة السابقة نفسها لا يمكن اثباتها علميًا! فهي كالقول بأنَّه "لا يوجد جُمل فى اللغة العربية أطول من ثلاث كلمات"، والتي هي نفسها ذاتية الدحض؛ لأنَّ هذه الجملة نفسها أطول من ثلاث كلمات"، فعبارة أنَّ الشيء الذي لا يقع تحت التجربة لا وجود له، هي عبارة خاطئة، وإلَّا فعليهم أنْ يضعوا هذه العبارة تحت التجربة الحسية المباشرة، فإنْ وجدوها أو حسوها فكلامهم صحيح، وإنْ عجزوا عن الإحساس بها فكلامهم باطل ومردودٌ عليه بإدعائهم نفسه، وهي كذلك.

 

وبين أنَّ أقوى ما يدل على بُطلان هذا الإدِّعاء؛ أنَّ المنهج العلمي التجريبي نفسه ليس خالصًا فى التجريبية، وإنَّما هو مشتمل على مكونات كثيرة غير تجريبية، والعلماء التجريبيون يسلمون بوجود حقائق كثيرة من غير أنْ يقوموا بالتحقق منها واختبارها تجريبيًا، بل لا يمكنهم ذلك.

 

وشدد على أن المنهج العلمى إذن يدل على إبطال ذلك الاعتراض، ويثبت تهافته وافتقاده للصحة، ويُثبت أيضًا أنَّ طُرق اثبات الوجود الخارجي للأشياء ليست مُقتصرة على طريق الإدراك الحسى للشيء ذاته، وإنَّما يمكن إثباته عن طريق آثاره وأفعاله، فكثير من الحقائق العلمية التى يؤمن بها العلماء، ويصدقون بها، ويبنون عليها اكتشافاتهم لم تُدرك بذاتها وإنَّما بآثارها، كالإلكترون _مثلًا_ والتطور، لا يوجد إنسان قديمًا أو معاصرًا شاهد الكائنات الحية وهي تنتقل من طورٍ إلى طورٍ آخر، ومع ذلك يعتقد البعض بصحة التطور، وكان هذا الاعتقاد مبني على آثارٍ شاهدوها.

 

ويقول _واين أولت_ وهو من المختصين فى الكيمياء الحيوية_ مبينًا تناقض الذين ينكرون وجود الله بناء على الإدِّعاء بأنَّ وجوده لا يخضع للمنهج العلمى: "يُسلم العلماء بصحة بعض الفروض المقبولة، والتى ليس هناك سبيل إلى إدراكها حسيًا، فليس هناك من يستطيع أنْ يَدَّعِي أنَّه رأى البروتين أو الإلكترون، ولكنِ الناس يلمسون آثارها، وكذلك الحال فيما يتصل بتركيب الذرة وخواصها.

 

كما يُؤكد أستاذ الفيزياء التطبيقية _جورج هربرت لونت_ وجود التناقض نفسه عند الغلاة فى العلم المنكرين لوجود الله، فيقول فى كلام مُفَصَّل: "فمن المعروف في علم الهندسة، أنَّنا نستطيع أنْ نبني كثيرًا من النظريات على عدد قليل من البديهيات، أو تلك الفروض التى نسلِّم بها ونقبلها دون مناقشة أو جدال حول صحتها، فالعلماء يُسَلِّمون أولًا بالبديهيات، ثم يتتبعون مقتضياتها، أو النتائج المترتبة عليها، وعند إثبات أي نظرية نجد أنَّ برهانها يعتمد فى النهاية على مسلمات أو أمور بديهية، ومع ذلك فإنَّ النظريات مجتمعة لا تستطيع أنْ تقدم دليلًا على صحة بديهية من هذه البديهيات، ولكنَّنا نستطيع أنْ نختبرَ صحة هذه البديهيات بمعرفة ما يترتب على استخدامها من اتفاق أو تضارب مع التطبيقات العلمية والحقائق المشاهدة.

 

وكذلك الحال فيما يتعلق بوجود الله سبحانه، فوجوده أمر بديهي من وجهة نظر فلسفية، وعلينا أنْ نأخذ هذه البديهية التي نتوقعها ونعرضها على ما نشاهده من حقائق الكون ونظامه، فإنْ تَطَابَقا يثبتُ لدينا وجود الإله بلا شك، وإنَّ الاستدلال على وجود الله يقوم على أساس المطابقة بين ما نتوقعه إذا كان هنالك إله وبين الواقع الذي نشاهده.

 

وهنا يتجلى ما قاله ألبرت ربوس سابين: "إن العلم والدين كليهما يقومان على الإيمان"()، والذي يقصد بها كما أنَّ الدين يقوم على الإيمان بأشياء لم نشاهدها مشاهدة تجريبية، وحسية مباشرة، فكذلك العلم يصدق العلماء كثيرًا منه دون مشاهدته تجريبيًا أو حسيًا مباشرًا.

تعليقات