حسان بن عابد: المهارات الغريزية في عالم الحيوان دلالة واضحة على العناية الإلهية (فيديو)
- السبت 23 نوفمبر 2024
مراحل خلق الجنين
ذكر القرآن
الكريم، عدد أماكن خلق الجنين داخل بطن الأم؟ فقد قال الله (يخلقكم في بطون أمهاتكم
خلقاً من بعد خلق في ظلماتٍ ثلاث)، هذا ما أكده طبيب المخ والأعصاب والباحث في
الإعجاز العلمي في القرآن الكريم الدكتور محمود نجا الأستاذ بكلية طب المنصورة .
وتابع: أنه لو كان خلق
الجنين من البداية للنهاية في الرحم فلا معنى عندها لذكر البطون في الآية، ولقال الله
(يخلقكم في أرحام أمهاتكم)، وهو ما لم يحدث، فالبطون أدق من الأرحام، لإشتمالها على
كل الأعضاء التي تتم فيها مراحل الخلق داخل البطون، وهذه المراحل منها ما هو مُستتر
خفي لا يمكن إدراكه إلا بالوسائل العلمية الحديثة، مثل خلق النطفة في المبيض، وخلق
النطفة الأمشاج في قناة فالوب، وقد أشار القرآن لهذا الخفاء في آية (هُوَ أَعْلَمُ
بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ)،
وكلمة البطون أدق من الأرحام، لتعلقها بعلم الله المُحيط، ويقتضي معرفة نشأتنا من تراب،
ثم خلقنا في المبيض، وقناة فالوب، والرحم، فلو استبدل الله البطون بالأرحام في هذه
الآية لنقص علم الله بمراحل خلقنا، ومعلوم ان كلمة جنين مُشتقة من الفعل (جن)، وهو
الستر والخفاء، قال الله (فلما جن عليه الليل)، أي ستره وغطاه. ولذا أرفض أن يُقال
في آيات البطون أن الله أطلق الكل (بطون)، وأراد الجزء (الرحم)، فدلالة البطون اللغوية
أوسع بكثير من الأرحام.
ولفت إلى أنه إذا ذكر الله
الأرحام في آية، فهي أدق من البطون، فلا يُقال عندها اطلق الله الجزء (الرحم)، وأراد
الكل (البطون)، ومثال ذلك آية (هو الذي يصوركم في الأرحام)، ومعلوم من حديث صحيح مسلم
ان التصوير يتم بعد ٦ اسابيع (إذا بلغت النطفة اثنتان وأربعين ليلة أتاها ملك من قبل
الله فصورها)، ولذا ناسب الرحم لفظة التصوير، اذ لا يوجد تصوير للجنين بالشكل الإنساني
في المبيض أو في قناة فالوب. وأيضاً في قول الله (ولا يحل لهن ان يكتمن ما خلق الله
في أرحامهن)، فالمرأة المطلقة لن يظهر حملها إلا بتعلق الولد ببطانة الرحم، وانقطاع
الدورة الشهرية، وهذا لا يحدث في المبيض أو في قناة فالوب، فكانت لفظة الرحم أدق من
البطون.
وأردف قائلا : إن المفسرين
اتفقوا بالإجماع أن الفعل (يخلقكم) جاء بالمضارع ليصف الخلق التدريجي للجنين في بطن
أمه ابتداءاً من النطفة، وإتفقوا أيضاً أن (خلقاً من بعد خلق) هي وصف للأطوار الجنينية
التي ذكر الله خلقها في آيات مُتفرقة (نطفة، نكفة أمشاج، باقي الأطوار)، وإتفقوا أيضاً
على أن (ظلمات ثلاث) مُتعلقة بالفعل يخلقكم، وبالخلق من بعد خلق، ولازم هذا القول أن
جميع مراحل الجنين بداية من النطفة لابد أن تتم داخل الظلمات الثلاث. فكانت مُقدماتهم
لفهم الآية سليمة ١٠٠%، ولكن النتيجة النهائية خطأ، فتفسير الظلمات الثلاث بأنها الرحم
والمشيمة والبطن، أو طبقات المشيمة فقط، لا يستوعب جميع مراحل الخلق بدايةً من النطفة،
والمشيمة علمياً لا تغطي الجنين من مرحلة النطفة، وإنما تكتمل بعد ثلاث أسابيع تقريبا
من التلقيح.
وأوضح : أنه ليس عيباً
أن نعترف أن تصور المفسرين عن مراحل الحمل كان بدائي، وتأثر بما شاهدوه في بيئتهم،
ولذا فهم معذورون في ذلك. ونحن لا نبحث عن إعجاز علمي حول فهم المفسرين للآيات، ولكن
نبحث عن الإعجاز العلمي للفهم الصحيح للآية، منوها أنه طالما أقر المفسرون بأن الفعل
(يخلقكم) يستوعب كل مراحل خلق الجنين بداية من النطفة، وأن الخلق من بعد خلق يشمل كل
أطوار الجنين بداية من النطفة، وأن الظلمات الثلاث مُتعلقة بالفعل يخلقكم خلقا من بعد
خلق، فلابد أن نبحث داخل البطون عن ثلاث أماكن (ظلمات) تتم فيها مراحل الخلق التي ذكرها
القرآن، وهي النطفة، والنطفة الأمشاج، وباقي الأطوار.
ونوه إلى أن هذه الظلمات
الثلاث مظروفة مكانياً داخل البطون (يخلقكم في بطون.........في ظلمات ثلاث)، فمُحال
أن تكون البطن ظلمة من هذه الظلمات الثلاث، ولأن المشيمة علمياً لا تكتمل إلا بعد
٣ اسابيع بعد التلقيح، فيستحيل أن يقع الجنين داخل ظلمة المشيمة من بداية الحمل لنهايته،
ولذا ينبغي استبعاد هاتين الظلمتين، فضلا عن تنكير الجمع (ظلمات ثلاث)، له دلالة الإطلاق
والعموم، والتنوع، فينبغي أن تكون ظلمات مُختلفة، وذلك مثل قول الله (أو كصيب من السماء
فيه ظلمات)، فتنكير الجمع (ظلمات) أفاد تنوعها واختلافها، وايضاً في قول الله (وكنتم
أزواجاً ثلاثة)، أي أصناف مختلفة. وعليه فتنكير (ظلمات ثلاث) أفاد أنها ظلمات مختلفة
عن بعض، وهذا الفهم ينفي أن تكون جميع مراحل الجنين داخل الرحم فقط، وفي النقطة السابقة
بينت أن ظلمة البطن وظلمة المشيمة لا تصحان، فوجب أن نبحث عن ظلمات فيها خلق للجنين
بداية من النطفة ثم النكفة الامشاج.
وختم قائلا: إن القرآن الكريم، كان دقيقاً في استعمال الظرف
(من بعد)، في قول الله (خلقا من بعد خلق)، وهو ظرف زمان وأيضاً ظرف مكان، فدل ذلك على
انتقال الجنين داخل البطن في مكان من بعد الآخر، وفي زمان من بعد الآخر، أو في ظلمة
من بعد الأخرى، فالنطفة تسبق النطفة الأمشاج في زمان ومكان تكونها، والنطفة الأمشاج
تسبق العلقة في زمان ونكان تكونها.