هل الحياة نشأت بخلية مُعقدة التركيب والوظيفة.. ومن أوجدها بهذه الصفات؟

  • أحمد نصار
  • الثلاثاء 08 أكتوبر 2024, 5:47 مساءً
  • 38
تعبيرية

تعبيرية

تحاول فرضية التطور، دائما العمل على إثبات أن جميع الكائنات الحية تطورت من خلية واحدة بسيطة التركيب، قادرة على الإنقسام والتكاثر، والتطور إلى الأعقد. ولكن رياح العلم دائماً ما تجري بما لا تشتهي سُفن التطور، فلم يجد العلم حفريات لخلايا بسيطة التركيب، ولم يقدر على تفسير تحول المادة الغير عضوية للأرض لمواد عضوية ساهمت في تراكيب الخلية (جدار خلوي، وحمض نووي، وبروتينات)، ولم يستطيع إثبات نشأة الحمض النووي بدون البروتينات، أو نشأة البروتينات بدون الحمض النووي، مما اضطر كثير من العلماء للإعتراف بحتمية نشأة جميع مركبات الخلية في نفس الوقت. وسبق أن ناقشت هذه الأمور في بحث بعنوان (مُعضلة نشأة الخلية الأولى بين الخلق والتطور، وتقليد المخلوقات بالطباعة البيولوجية)، فبينت بالأبحاث العلمية حتمية نشأة الخلية الأولى بصورة مُعقدة، وأنه يستحيل إثبات ان تكون الحياة نشأت بسيطة، هذا ما أشار إليه الدكتور محمود عبدالله نجا، الأستاذ بكلية طب، جامعة المنصورة، والباحث في الإعجاز العلمي في القرآن الكريم.

وأضاف أنه كمحاولة أخيرة لأصحاب فرضية التطور لإثبات نشأة الحياة بخلية بسيطة، قام فريق بحثي بقيادة عالم التطور (إدموند مودي) من جامعة بريستول بإجراء بحث مُعقد بإستخدام النمذجة التطورية الحاسوبية، والذكاء الإصطناعي، لإنشاء نماذج شبه واقعية تقريبية لمُحاكاة نشأة وتركيب الخلية الأولى التي تمثل السلف المشترك لجميع الأحياء، وقام الفريق العلمي بتسمية هذه الخلية الأولى باسم (السلف المشترك العالمي الأخير) = (Last Universal Common Ancestor)، واسمه المختصر لوكا (LUCA). وقد تم نشر هذا البحث في مجلة نيتشر بتاريخ يوليو 2024، بعنوان (طبيعة السلف المشترك العالمي الأخير وتأثيره على نظام الأرض المبكر)، وقد لاقى هذا البحث اهتماماً كبيراً في الأوساط العلمية، لكونه أول بحث علمي يعطي تصور واضح عن الخلية الأولى، أو الجدة لوكا .

وتابع: وكان أحد أهم أهداف الباحثين التي ذكروها في هذا البحث هو الجواب على هذا السؤال المناسب، هل كان لوكا كائن بسيط أو مُعقد؟ لافتا إلى أن الدراسة الحديثة تعتمد على قاعدة بيانات كبيرة من السجل الأحفوري، والتركيب الجيني لأقدم الكائنات البدائية، ومعدل حدوث الطفرات، والتركيب البروتيني، والنشاط الأيضي (الإستقلابي)، والطبيعة البيئية، ومن خلال هذه البيانات تم توقع التركيب الجيني والبروتيني، ونظام الأيض، وعُمر الخلية الأم (السلف المشترك)، فكانت النتائج متمثلة في :

1. يبدو أن لوكا (LUCA) ظهر على الأرض منذ 4.2 مليار سنة، ما يعني أن الحياة ظهرت لأول مرة عندما كان الكوكب لا يزال حديث الولادة، فكان غلافه الجوي يحنوي على الكثير من الأبخرة السامة، والقليل جدا من الأكسجين، بما يعني أنه مخلوق لا هوائي. ويقول الباحثون أنهم لم يتوقعوا أن تكون نشأة السلف المشترك بهذا القدم.

وسبق وبينت في بحث سابق بعنوان (لماذا قرن الله بين فتق الرتق، وجعل الحياة من ماء)، وبينت فيه أن ظهور الحياة قرين لوجود الماء بعد فتق الرتق مُباشرة، فظهور الماء والحياة أقدم بكثير مما كنا نظن (3).

2. أظهرت الدراسة أن LUCA كان كائناً معقداً، ولا يختلف كثيراً عن بدائيات النواة الحديثة، فكان لديه جينوم بحجم حوالي 2.5 الى 3 ميجابايت، به حوالي 1500 جين تقريباً، ويقوم بتشفير حوالي 2600 بروتين.

3. ومن الغريب أن لوكا كان يمتلك نظاماً مناعياً ضد الفيروسات، ما يدل على أنه حتى قبل 4.2 مليار سنة، كانت هناك فيروسات، وكانت الكائنات تتسلح ضدها.

وأوضح قائلا إن خلاص مما سبق يتبين لنا بالدليل العلمي أن افتراض حدوث نشأة بسيطة لأول خلية حية نشأت على الأرض، هو افتراض باطل، وأن التعقيد الغير قابل للإختزال هو الصفة السائدة في تركيب ووظائف جميع الكائنات الحية، القديمة منها قبل الحديثة، ووحيدة الخلية قبل المُتعضية، وبدائية النواة قبل حقيقية النواة. ولذا ينبغي لكل مُنصف أن يسأل نفسه، كيف يحدث التعقيد صُدفة بدون تدخل من إرادة واعية مُدركة لما تفعل؟، وكيف للطبيعة أن توجه المادة الغير عضوية للأرض لصنع مركبات كل الخلية في نفس الوقت، وبهذا التوافق العجيب، فما من تركيب في الخلية إلا وله صفة جينية على الحمض النووي، وما من كائن حي وحيد الخلية إلا وعنده المصانع اللازمة لصنع ما يحتاجه من بروتينات وظيفية، وعنده الآلية اللازمة للتكاثر لإنتاج الذرية.

وختم قائلا: إن المُنصف لن يجد إلا جواب وحيد، هذا خلق الله، هذا صُنع الله الذي أتقن كل شيء، الخالق الباريء المصور، الذيعطى كل شيء خلقه ثم هدى، فالله المصور هو الذي جعل لكل مخلوق حي (بريئة) صورته التي يتميز بها عن غيره من المخلوقات، في الصفات الجينية والصفات الشكلية، فكان سيناريو الخلق المُباشر (حمأ مسنون = مصبوب على صورة) هو الأكثر منطقية في مخاطبة العقول المُنصفة، ولله الحمد والمنة على نعمة الإسلام.

 

تعليقات