باحث بملف الإلحاد: الفرائض في الإسلام أبرز الأدلة على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
- الجمعة 22 نوفمبر 2024
لماذا لا نرى الله
لماذا لا نرى الله؟..
واحد من أبرز الأسئلة التي يطرحها الأطفال بين الحين والآخر، وهو سؤال يمكن الرد
عليه بطريقة سهلة وبسيطة، كما يجب على الأم والأب أن يكونا على دراية به، بما يعزز
اليقين لدى أبنائهم، ويكون حائط صد لديهم ضد الشبهات.
في البداية، يجب أن
نتكلم مع الطفل عن صفات المخلوق وأنها تختلف عن صفات الخالق، وأن كل صفة لها حدود
في حق الإنسان بخلاف صفات الله غير المحدودة، وضرب مثال على ذلك: "صفة البصر
بالنسبة للإنسان يمكن أن ترى القريب ولا ترى البعيد، لكن في حق الله ترى كل شيء".
ولكي نفهم عن الله
مراده منا في الحياة زودنا لطفا منه بمؤهلات تساعدنا على خوض هذا الابتلاء
والاختبار، فالإنسان ليس مجبورا دون إرادة، ولا محركا بالغرائز كالحيوانات بل هو
مكرم زوده الله بالعقل وأنعم عليه بنعمة الإرادة التي يختار بها بين الخير والشر،
قال تعالى: "ولقد كرمنا بني آدم وحملنهاهم في البر والبجر ورزقناهم من
الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا".
ومما اختبر الله به
عباده في هذه الدنيا، هو الإيمان بالغيب بل هو وصف للمتقين في قوله تعالى:
"الذين يؤمنون بالغيب"، وقضية رؤية الله تعالى في الدنيا هي من قضايا
الإيمان بالغيب الذي لا نعلم طريقه إلا بالسمع، يعني ما جاءنا به الخبر الصادق عن
طريق النبي الصادق، ومما جاء في أمور الغيب أن الله لا يطلع عليها أحدًا من خلقه
بما فيها رؤيته تعالى، فقال: "عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدًا إلا من
ارتضى من رسول".
فقد قضى سبحانه وقدر
أنه لم يراه أحد في الدنيا، لأنه لو حدث ذلك لآمن كل الناس وانتفت الحكمة التي من
أجلها أوجد الله الإنسان في هذه الحياة، وبين الله تعالى أن هذه الرؤية لا تحصل في
الدنيا، ولذلك لما طلب موسى عليه السلام من ربه أن يريه نفسه، قال الله تعالى له:
"لن تراني" (الأعراف: 143)، أي في الدنيا.
وفي هذا الصدد قال
النبي صلى الله عليه وسلم: "تعلموا أنه لن يرى أحد منكم ربه عز وجل حتى
يموت"، (صحيح مسلم)، ومع ذلك فإن كل ما في الكون دال على وجود خالق مدبر حكيم
عليم سبحانه وتعالى.
ولذا لم يخلق الله
لأعيننا القدرة على رؤيته سبحانه وتعالى في الدنيا، وفي ذلك يقول الإمام أبو الحسن
الأشعري: "لأن العين لا تدرك في الدنيا الأنوار المخلوقة على حقائقها؛ لأن
الإنسان لو حدق ينظر إلى عين الشمس فأدام النظر إلى عينها لذهب أكثر نور بصره، فإذا
كان الله سبحانه حكم في الدنيا بأن لا تقوم العين بالنظر إلى عين الشمس فأحرى ألا
يثبت البصر للنظر إلى الله تعالى في الدنيا، إلا أن يقويه الله تعالى".
ولهذا لما كانت الدار الآخرة دار جزاء جعل الله من ثواب المتقين والمؤمنين الذين آمنو بالغيب هو رؤية الله عز وجل وحرم منه غيرهم، قال تعالى في شأن المؤمنين: "وجوه يؤمئذ ناضرة إلى ربها ناظرة"، وقال عن الكافرين: "كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون".
أيضا أرد الله أن
يضعنا في اختبار وامتحان فمنحنا العين وجعل لنا القدرة على النظر لكنه مع ذلك حجب
عنا أشياء لا تستطيع رؤيتها، فجعل لها القدرة على رؤية بعض الموجودات دون البعض
فليس كل موجود نستطيع رؤيته، فمثلا: أعيننا ضعيفة لا تقدر على رؤية الأشياء
الدقيقة جدًا مثل الخلايا والأعصاب وما يسري في نفوسنا، بل حتى ما نشاهده ظاهرا قد
لا نستطيع أو لا نقدر التدقيق فيه، مثل النظر إلى قرص الشمس، فالشمس موجودة وساطعة
وظاهرة، ولا ننكر وجودها، ومع ذلك لا نستطيع التدقيق في قرصها وقت الشروق
والظهيرة، وهكذا، أما في الآخرة أخبرنا أنه سيخلق فيما القدرة على رؤيته.