لماذا لا نرى الله؟.. كيف تجيب طفلك على هذا السؤال

  • جداريات Jedariiat
  • الإثنين 07 أكتوبر 2024, 09:40 صباحا
  • 61
لماذا لا نرى الله

لماذا لا نرى الله

لماذا لا نرى الله؟.. واحد من أبرز الأسئلة التي يطرحها الأطفال بين الحين والآخر، وهو سؤال يمكن الرد عليه بطريقة سهلة وبسيطة، كما يجب على الأم والأب أن يكونا على دراية به، بما يعزز اليقين لدى أبنائهم، ويكون حائط صد لديهم ضد الشبهات.

في البداية، يجب أن نتكلم مع الطفل عن صفات المخلوق وأنها تختلف عن صفات الخالق، وأن كل صفة لها حدود في حق الإنسان بخلاف صفات الله غير المحدودة، وضرب مثال على ذلك: "صفة البصر بالنسبة للإنسان يمكن أن ترى القريب ولا ترى البعيد، لكن في حق الله ترى كل شيء".

 أما الخطوة الثانية للرد على هذا السؤال، وبحسب ما جاء في الدليل الإرشادي للإجابة على أسئلة الأطفال الوجودية، الصادر عن دار الإفتاء، فيجب أن نتكلم مع الطفل عن فكرة الاختبار، ومعناها أننا لا نرى الله لكي نختبر إيماننا به، فمن آمن استحق الجنة ومن ثم رؤية الله عز وجل، ومن كفر استحق النار وحُرم رؤيته سبحانه وتعالى.

ولكي نفهم عن الله مراده منا في الحياة زودنا لطفا منه بمؤهلات تساعدنا على خوض هذا الابتلاء والاختبار، فالإنسان ليس مجبورا دون إرادة، ولا محركا بالغرائز كالحيوانات بل هو مكرم زوده الله بالعقل وأنعم عليه بنعمة الإرادة التي يختار بها بين الخير والشر، قال تعالى: "ولقد كرمنا بني آدم وحملنهاهم في البر والبجر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا".

ومما اختبر الله به عباده في هذه الدنيا، هو الإيمان بالغيب بل هو وصف للمتقين في قوله تعالى: "الذين يؤمنون بالغيب"، وقضية رؤية الله تعالى في الدنيا هي من قضايا الإيمان بالغيب الذي لا نعلم طريقه إلا بالسمع، يعني ما جاءنا به الخبر الصادق عن طريق النبي الصادق، ومما جاء في أمور الغيب أن الله لا يطلع عليها أحدًا من خلقه بما فيها رؤيته تعالى، فقال: "عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدًا إلا من ارتضى من رسول".

فقد قضى سبحانه وقدر أنه لم يراه أحد في الدنيا، لأنه لو حدث ذلك لآمن كل الناس وانتفت الحكمة التي من أجلها أوجد الله الإنسان في هذه الحياة، وبين الله تعالى أن هذه الرؤية لا تحصل في الدنيا، ولذلك لما طلب موسى عليه السلام من ربه أن يريه نفسه، قال الله تعالى له: "لن تراني" (الأعراف: 143)، أي في الدنيا.

وفي هذا الصدد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "تعلموا أنه لن يرى أحد منكم ربه عز وجل حتى يموت"، (صحيح مسلم)، ومع ذلك فإن كل ما في الكون دال على وجود خالق مدبر حكيم عليم سبحانه وتعالى.

ولذا لم يخلق الله لأعيننا القدرة على رؤيته سبحانه وتعالى في الدنيا، وفي ذلك يقول الإمام أبو الحسن الأشعري: "لأن العين لا تدرك في الدنيا الأنوار المخلوقة على حقائقها؛ لأن الإنسان لو حدق ينظر إلى عين الشمس فأدام النظر إلى عينها لذهب أكثر نور بصره، فإذا كان الله سبحانه حكم في الدنيا بأن لا تقوم العين بالنظر إلى عين الشمس فأحرى ألا يثبت البصر للنظر إلى الله تعالى في الدنيا، إلا أن يقويه الله تعالى".

 

ولهذا لما كانت الدار الآخرة دار جزاء جعل الله من ثواب المتقين والمؤمنين الذين آمنو بالغيب هو رؤية الله عز وجل وحرم منه غيرهم، قال تعالى في شأن المؤمنين: "وجوه يؤمئذ ناضرة إلى ربها ناظرة"، وقال عن الكافرين: "كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون".

 كذلك، علينا أن نقول للطفل: أنه لو تخيلنا أنفسنا أمام مجموعة كبيرة من النمل ننظر إليها من فوق العمارة فإننا نستطيع رؤية أكبر عدد موجود من مجموعة النمل في حين أن النملة ترى جزءً صغيرا من جسمنا أو لا تستطيع أصلا ولا تتمكن من رؤيتنا لأن بصرنا أكمل من بصر النملة، فالله أكمل من بصر جميع المخلوقات فيرى ما لا نستطيع رؤيته.

أيضا أرد الله أن يضعنا في اختبار وامتحان فمنحنا العين وجعل لنا القدرة على النظر لكنه مع ذلك حجب عنا أشياء لا تستطيع رؤيتها، فجعل لها القدرة على رؤية بعض الموجودات دون البعض فليس كل موجود نستطيع رؤيته، فمثلا: أعيننا ضعيفة لا تقدر على رؤية الأشياء الدقيقة جدًا مثل الخلايا والأعصاب وما يسري في نفوسنا، بل حتى ما نشاهده ظاهرا قد لا نستطيع أو لا نقدر التدقيق فيه، مثل النظر إلى قرص الشمس، فالشمس موجودة وساطعة وظاهرة، ولا ننكر وجودها، ومع ذلك لا نستطيع التدقيق في قرصها وقت الشروق والظهيرة، وهكذا، أما في الآخرة أخبرنا أنه سيخلق فيما القدرة على رؤيته.

 

تعليقات