هيثم طلعت: التنويريون والنسويات جعلوا المرأة مرحاضا مجانيًا لشهوة الرجل!
- الجمعة 22 نوفمبر 2024
القدس
قال الباحث في ملف الإلحاد، محمد سيد صالح، إن أمتنا الإسلامية رأت في تاريخها الطويل، من النصر والهزيمة، والأيام البِيض والأيام السُّود ما تراه كل أمة، وأمتنا الإسلامية الآن تعيش شيئًا من الهزيمة، فأعداء أمتنا يكيدون لنا كيدًا مدروسًا، وخططًا محكمة، وينفقون من أموالهم الكثير والكثير، ويساندون بعضهم، ولكن مع هذا كله لا نيأس بفضل الله؛ لأنَّ الله وضع لنا في أمور الدنيا وأمور الآخرة سننًا وقوانينَ لا تختلف ولا تتبدل، فهي مثل السنن والقوانين التي سنها الله وقننها للوجود، وكما أنَّ قوانين الطبيعة لا تختلف باختلاف الزمان والمكان، كقانون الجاذبية مثلًا الذي وضعه الله يوم الخلق، واكتشفه نيوتن من قريب، يسري في البلاد التي تلتهب من الحر عند خط الاستواء، وفي الجبال التي يغطي قممها الثلج عند القطبين، وتَنْفُذُ الآن كما نُفذت قبل قرون وستظل إلى قيام الساعة، كذلك قوانين النصر والتمكين لا تتبدل ولا تتغير، فإنْ فَعّلْناها وأقمناها قُمنا ونهضنا.
وشدد في كتابه
"لماذا فلسطين" على أن أولى قوانين النصر والتمكين هي العلم، فكلِّ
تقدمٍ وازدهار وعُلو ونصر وتمكين يبدأ بالعلم، لذا كان رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- يعيش بين كفار مكة كان من الممكن أن ينزل عليه أول أوامره (آمن)، وكان يعيش
بين مشركين، فكان من الممكن أن ينزل عليه أول أوامره (وحد)، كما أنَّه كان يعيش
بين أُناس ظلمة، الأسياد يظلمون العبيد، والرجال يظلمون النساء ...إلخ، فكان من
الممكن أيضًا أن ينزل عليه أول أوامره (اعدل)، كما أنَّه كان يعيش بين أناس
متخلفين ماديًا وصناعيًا فكان من الممكن أن ينزل عليه أول أوامره (اعمل)، لكن الله
سبحانه جعل أول أوامره تنزل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (اقرأ)، فالقراءة
هي مفتاح الثقافة والعلم، وبالعلم يتحقق كل ما سبق من إيمان وتوحيد وعدل وعمل..،
كذلك يتحقق به النصر والتمكين وإلا فكيف نقابل خططهم وأفكارهم وسلاحهم إن منعوا
عنا المدد بالسلاح؟! بالعلم، فالعلم هو ما يجعلنا نخطط لهم وندبر ونصنع لأنفسنا
العدة والمُعدة، دون الحاجة لمساعدات الآخرين.
وبين أن ثاني
قوانين النصر والتمكين هو صلاح النفس وطاعة الله والامتثال لأوامره والبعد عن
نواهيه، فالله جل في علاه هو الذي قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن
تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)().
فنصرة الله هي
القيام بحفظ حدوده، ورعاية عهوده، واعتناق أحكامه، واجتناب نهيه، فالجزاء من جنس
العمل، وحتمًا لو نصرنا الله بهذه الكيفية سينصرنا الله كما وعد، قال تعالى:
(وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ)، فالله أوجب النصر على نفسه
وجعله من جملة حقوق المؤمنين.
وذكر أن ثالث أسباب النصر والتمكين اليقين بالله وحُسن الظن به -جلَّ
في علاه-، فإذا أردنا النصرة على أعداءنا علينا بحسن الظن بالله وأن النصر من عنده
وإن كنا أقل منهم عددًا، قال تعالى: (كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً
كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ )()، فالثقة بالله
تمنح الإنسان إيمانًا عظيمًا، وتُخرج قوته المدخرة؛ لذا يقول بن القيم رحمه الله:
"لو أنَّ أحدكم هم بإزالة الجبل وواثق بالله لأزال".
وشدد على أن الثقة بالله مفتاح النصر وعزة المؤمن وهو التمكين
والظَفر، فهل نظن أن من تعلق قلبه بالله وآمن به وأحسن الظن به أن يكلنا الله
لأعداءنا؟! لا والله، فهناك أحداث لا تقاس بمقاييس الدنيا، فهذا نبي الله - صلى
الله عليه وسلم - يهاجر من مكة إلى المدينة وحيدًا فريدًا طريدًا ليس معه سوى
صاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه، ولكنه كان قويًا بربه متوكلاً عليه، حسن الظن
به، فطارده المشركون ولاحقوه يريدون قتله، وضيقوا عليه فاختبأ -صلى الله عليه
وسلم- وصاحبه في الغار، وتتبع المشركون مسير أقدامهم حتى انتهت بهم إلى الغار، فجزع
الصديق -رضي الله عنه- وخاف على نبي الله - صلى الله عليه وسلم - أن يمسه الأعداء
بسوء، وقال: يا رسول الله! لو نظر أحدهم إلى موضع قدميه لرأنا، فقال -صلى الله
عليه وسلم- بلهجة الواثق بربه المطمئن إليه: "ما ظَنُّكَ يا أبَا بَكْرٍ
باثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا!.
وهذا موسى -عليه السلام- كان معه أناس من النساء والعجائز لا يملكون
حولًا ولا قوة، والبحر أمامهم، وفرعون بقوته وجنوده من خلفه، فقال أصحاب موسى
لموسى -عليه السلام-: (إنا لمدركون) فردَّ عليهم موسى -عليه السلام- بقلبٍ مطمئن
واثق بالله: (قَالَ كَلَّا ۖ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ)، فشق الله البحر
لموسى ومن معه وأغرق وأهلك فرعون ومن معه، فالثقة بالله تصنع المستحيل في عُرف
البشر.
أشار إلى أن رابع
أسباب النصر الوحدة ولمِّ الشمل والبُعد عن الفرقة، ففي الاتحاد قوّة وعزة وفي
الفرقة ضعف وهوان، فعندما تجتمع العصي معًا لا يقوى أحد على كسرها ولكن عندما تكون
منفردة فمن السهل أنْ تُكسر، والشقاق يضعف الأمم القوية ويميت الأمم الضعيفة.
لذا قال تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ
اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ
إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ
إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا
ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)()؛ لذا
نهانا الله عن الفرقة وأمرنا بالجماعة والالتفاف والتمسك بحبله المتين؛ لأنَّ
أعداء الأمة يدبرون لها ويكيدون لها ويمكرون الليل والنهار وهم يحرصون على تفريق كلمتها،
وتشتيت شملها، وتمزيق وحدتها، وتاريخ الأمة يُؤكد أنَّ النصر كان حليفًا لها أيام
كانت يدًا واحدة ويُبرهن على ذلك أنَّ عدوها لمْ ينل منها إلا بعد أنَّ فرق جمعها
واختلفت فيما بينها ولقد حذَّر القرآن المسلمين من عاقبة الفرقة والتنازع فقال:
(وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ
الْبَيِّنَاتُ ۚ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ )().
فالله الله في الاتحاد..، وكذلك كان يصنع الآخرون حيث يتحدون في
دعوتهم، فإذا كان موقفًا فيه حرب على الإسلام كانوا جميعًا علينا، كان بين أمريكا
وروسيا ما صنع الحداد، كانوا يختلفون على كل شيء، ولكن لما قامت هذه الدولة التي
ولدت لأبٍّ غير شرعي، والتي جاءت مسخًا مشوهًا؛ دولة إسرائيل المزعومة، تسببت
الدولتان في الاعتراف بها، ومباركة ولادتها، بل أن تبلغ يومًا وليلة من عمرها،
ونحن حتمًا أولى بالاتحاد الذي هو من أصول الدين.
وشدد محمد سيد صالح، أن خامس أسباب النصر؛ يتمثل في القوة المادية فهو
أمر لا بد منه والله أمرنا باتخاذ أسبابها، فقال: (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا
اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ
اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ) ، فعلينا الأخذ بكافة الأسباب المادية من أسبابٍ علمية،
واقتصادية، وعسكرية، وسياسية وغيرها..، وفي الآية السابقة لم يطلب الله منَّا أن
نُعد لهم أكثر مما أعدوا أو حتى مثل ما أعدوا! لا، إنَّما طلب منا أن نعد لهم ما
نستطيع بعدما نبذل قصارى جهودنا، فإنْ رأى الله منا محاولة حقيقية لإعداد العِدة
نصرنا عليهم بحوله وقوته، وإن كنَّا أقل منهم عدة وعددا، قال تعالى: (وَمَا
النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ۚ)()، فالأخذ بالأسباب التي أوجبها الله
علينا، والنصر منه سبحانه وكل شيء منه وإليه.
واختتم حديثه مؤكدا أنه مما لا شك فيه أنَّ أسباب النصر كثيرة ولا
تأتي فرادى، إنما تأتي جميعًا متضافرة، فإذا حققنا منها أقصى ما نستطيع فلا سبيل
إلا النصر بحول الله وقوته.