وقفة بلاغية مع قول الله “كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ"

  • أحمد نصار
  • الجمعة 27 سبتمبر 2024, 7:56 مساءً
  • 316
الأسود

الأسود

يقول رب العزة في كتابه الكريم، بسورة المدثر ” فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ * كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ * فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ ”، وهنا وفقا للمفسرين يشبه الله سبحانه وتعالى حالة الكفار عندما يُدعَون إلى الإيمان كما يفعل الحمير الوحشية عند الفرار من الأسود أو أي خطر آخر، حيث يظهر التشبيه حالة الفزع من الحق، وفقا لما نشره الباحث في الإعجاز العلمي في القرآن فراس وليد .

ونوه إلى أن عناصر التشبيه في الآيه يتمثل في أن المشبه: المشركون الذين أعرضوا عن الإيمان بالقرآن، والمشبه به: الحمر المستنفرة التي فرت من الأسد، بينما وجه الشبه: النفور والخوف.

وأشار إلى أن الغرض من التشبيه في هذه الآية هو بيان حال المشركين الذين أعرضوا عن الإيمان بالقرآن، وكيف أنهم أعرضوا عنه خوفاً من أن يغير من حياتهم وعاداتهم، كما يهرب الحيوان من عدوه، مشيرا إلى أن بعض المعاني والتأملات في الآيه تمثلت في :

الخوف من الحق: إن المشركين الذين أعرضوا عن الإيمان بالقرآن، كانوا يخافون من الحق الذي جاء به القرآن، لأنه كان يخالف عاداتهم وتقاليدهم.

التعلق بالدنيا: كان المشركون متعلقين بالدنيا وملذاتها، وكانوا يخشون أن يفقدوها إذا آمنوا بالقرآن.

العناد والتكبر: كان المشركون عنيدين ومتكبرين، ولم يكونوا يريدون أن يغيروا معتقداتهم مهما قيل لهم.

كما تطرق "وليد" إلى بعض الجوانب البلاغية في الآية القرآنية، حيث جاء أسلوب بلاغي يقارن بين شيئين أو أكثر، لبيان وجه الشبه بينهما. وقد استخدم الله تعالى التشبيه في هذه الآية لبيان حال المشركين الذين أعرضوا عن الإيمان بالقرآن، وكيف أنهم أعرضوا عنه خوفاً من أن يغير من حياتهم وعاداتهم، كما يهرب الحيوان من عدوه.

وتابع: أن الإيجاز: وهو أسلوب بلاغي يعتمد على التعبير عن المعنى الكثير في لفظ قليل. وقد استخدم الله تعالى الإيجاز في هذه الآية، حيث عبر عن حال المشركين الذين أعرضوا عن الإيمان بالقرآن، بتشبيه واحد، وهو تشبيههم بالحمر المستنفرة التي فرت من الأسد.

التصوير: وهو أسلوب بلاغي ينقل الصورة إلى الذهن، ويجعل القارئ أو السامع يشعر وكأنه يشاهدها أو يسمعها. وقد استخدم الله تعالى التصوير في هذه الآية، حيث صور حال المشركين الذين أعرضوا عن الإيمان بالقرآن، بحال الحمر المستنفرة التي فرت من الأسد. بالإضافة إلى الجوانب البلاغية المذكورة أعلاه، يمكن أن نلاحظ بعض الأمثلة الأخرى للبلاغة في الآية، منها:

وأردف قائلا: إن استخدام الفعل “كأنهم”: وهو أسلوب بلاغي يفيد التشبيه. وقد استخدم الله تعالى هذا الفعل في الآية لبيان أن حال المشركين الذين أعرضوا عن الإيمان بالقرآن، شبيه بحال الحمر المستنفرة التي فرت من الأسد، وأن استخدام الفعل “فرت”: وهو تعبير عن الحركة السريعة. وقد استخدم الله تعالى هذا الفعل لبيان أن المشركين الذين أعرضوا عن الإيمان بالقرآن، نفروا عنه بسرعة كبيرة.

كما أن استخدام الصفة “مستنفرة”: وهي صفة تدل على شدة الخوف. وقد استخدم الله تعالى هذه الصفة لبيان أن المشركين الذين أعرضوا عن الإيمان بالقرآن، كانوا خائفين جداً من الحق.

 

تعليقات