كيف أنصف الإسلام المرأة وضمن جميع حقوقها؟.. باحث في ملف الإلحاد يوضح
- الجمعة 20 ديسمبر 2024
القرآن الكريم
رد الباحث في
ملف الإلحاد، محمد سيد صالح، على شبهة تقول: تَدَّعُونَ أنَّه لا يستطيع أحدٌ أنْ
يأتي بسورةٍ من مثل ما جاء به القرآن، في حينِ أنَّ مسيلمة الكذاب جاء بما يُحاكى
به القرآن كقوله: (الْفِيلُ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْفِيلُ، لَهُ زَلُّومٌ طَوِيلٌ،
إِنَّ ذَلِكَ مِنْ خَلْقِ رَبِّنَا الْجَلِيلِ* الْفِيلُ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْفِيلُ، لَهُ
ذَنَبٌ وَبِيلٌ، وَخُرْطُومٌ طَوِيلٌ*)، فَمَا الاستحالة في ذلك ليكون القرآن معجزًا؟!
وقال في بداية
إجابته: كما هو معروف أنَّ أغلى عُملة سعر ورقية في العالم حتى عامنا هذا هي عملة
(الدينار الكويتي)، لو افترضنا أنَّ حاكم الكويت تحدى كل رؤساء العالم أنْ يأتوا
بعملة كعملة الكويت، فجاء أحد الرؤساء، وقال أنا قبلتُ التحدي، ثم ذهب هذا الرئيس،
وأحضر الأوراق التي يُصنع منها الدينار الكويتي، ثم جاء بماكينة طباعة خاصة لطباعة
النقود، ووضع فيها الأحبار ثم أعطا الماكينة أمر تشغيل، فخرجت الأوراق مطابقة
تمامًا لعملة دولة الكويت (الدينار الكويتي)، فأخذها الرئيس بعد ذلك، وخرج إلى
كافة روؤساء الدول وقال لهم: "ها أنا قد قبلتُ التحدي، والآن جئتُ بعملة
تطابق تمامًا عُملة الكويت "فهل سيعتبرونه اجتاز التحدي؟!
إطلاقًا، بلْ
سيسخرون من فعله هذا؛ لأنَّ أصل التحدي لا يُقصد به طباعة أوراق نقدية تُتطابق
عملة الكويت مِن حيثُ الشبه، إنَّما أصل التحدي أنْ يأتي أي رئيس دولةٍ بعملةٍ
توازي عُملة الكويت، مِن حيث القيمة الشرائية، فما قام بطباعته ليس له قيمة، إنما
هو بمثابة نقود بنك الحظ..!
وأردف: لله
المثل الأعلى سبحانه، فحينما أنزل الله عز وجل آيات يتحدى بها الإنس والجن على أنْ
يأتوا بمثلِ هذا القرآن أو مثل سورةٍ منه، لم يكنْ التحدي على أنْ يأتي البعض،
ويكتبَ كلامًا على نسقِ القرآن، ونغمه دون قيمة بلاغية مُعتبرة ومستقلة، ودون
معنىً حقيقي، ومعلومة جديدة، وخبر جديد لم يكن معروفًا عند الناس.
أمَّا ما جاء في
مثال مسيلمة الكذاب لا جديد فيه ولا قيمة له، أين الإعجاز في شرحه ووصفه للفيل؟!
الكل يعلم
صغارًا كانوا أو كبارًا أنَّ الفيل له زلومٌ طويل، وذنبٌ طويل، فضلًا عن أنَّه قام
باستخدام نغم القرآن دون أنْ يأتي بطريقة مُستقلة ليس لها شبه؛ لذل لا يُعد ما جاء
به مسيلمة الكذاب اجتيازًا للتحدي، بل ما جاء به يدعو للسخرية والاستهزاء، لذلك لم
يمر عليه إلا أيامًا وشهورًا، ثم زال تمامًا، بل ونسبت إليه صفة الكذب حتى أصبح لا
يُعرف إلا بها.
وأوضح محمد سيد صالح، أن كلُّ رسولٍ له مُعجزة تكون
دليلًا مِن أدلة نبوته ورسالته، وأنَّه مرسل من ربه؛ إذ بدون ذلك لا تقع حُجة
اللهِ على الخلق بالإيمان برسله، فمَهْما سمتْ أخلاق الرسول وعلت همته، وجادت
قريحته، وتوقد ذهنه، وتبوأ المكانة العليا في قومه، فإنَّ ذلك لا يكفي ليكون دليلًا
على أنَّه مرسل من عند الله سبحانه؛ لذا فإنَّ الله تعالى قد بعث كل رسول إلى قومه
وأظهر على يديه المُعجزات، التي من شأنها أنْ تجعل قومه يُدركون إدراكًا يرفع عنهم
كلَّ لبسٍ وغموضٍ أنَّ هذا رسول من الله، وليس بمُدَّعٍ عليه؛ لذا كانت معجزات كل
نبي ورسول نابعة مِن بيئته، ملائمة لقومه؛ فتأتيهم وفق ما برعوا فيه حتى يكون ذلك
حُجة عليهم، وأدعى لإيمانهم.
وأكمل: لو كنتَ
تعمل مهندسًا ثم جاءك طبيبٌ، وقال سأُقيم أمامكَ إجراء طبي، واتحداكَ أنْ تفعل
مثله، فلن ينفع تحديه في شيءٍ؛ لأنَّه مِن الطبيعي أنَّك لنْ تستطيع فعلَ ما فعل
،ما دمتَ غير متخصصٍ في تخصصه، ولا حتى فهمه؛ لأنَّ تخصصه ليس كتخصصكَ، فأنت طبيب
وهو مهندس، أما إذا ذهبَ إلى طبيبٍ مثله، في نفس التخصص، ثم قام بإجراء طبي في
تخصصهما أمامه، ثم تحداه أنْ يفعل مثله، هنا يكون قد وقع التحدي حقًا.
لذا كانت مُعجزة موسى _عليه السلام _ التي كانت في عصاه، تتلاءم
تمامًا مع قوم احترفوا السحر، وفاقوا غيرهم فيه.
ومثلُ
ذلكَ في معجزةِ عيسى _عليه السلام _ حين برع قومه في الطب، فجعل الله مُعجزة عيسى
مِن جنس ما عُرف به قومه، وبرعوا فيه؛ فجعل الله على يد عيسى إحْيَاء الموتى قبل
دفنهم أو بعده، وجعل مسحةً مِن يديه ترد الأعمى بصيرًا، وتبرأُ الأبرصَ فيعودَ
سليمًا.
وأكثرُ النَّاس
إدراكًا لهذه المعجزة هم أولئك الذين يعرفون الطب وعلومه، فهم أقدر النَّاس على
التمييز بين إحياء حقيقي، أو إحياء مزعوم، وبينَ إبراء مريض حقًا مِن مرضه، أم غير
ذلك.
وقلْ مِثل ذلك
تمامًا في مُعجزة النبي _صلى الله عليه وسلم _، فلقد بعث الله تعالى محمدًا، رسول
الله في قوم كانَ الكلامُ بضاعتهم، فكانوا فرسانَ البلاغة، والفصاحة والبيان،
فالشعر الجزل، والخُطب البليغة، والحكمة السائرة تبلغ مِن نفوسهم ما لا يبلغه
السحر، والقصيدة الشاردة تعلقها نفوسهم، ويضعونها في أعزِّ مكان، وتكونُ مِن
المُعلقات، وكانت أسواقهم تعج بالتبادل والتداول، يتبادلونَ فيها بضائعهم وأيضًا
أشعارهم، فجاءتهم معجزة النبي _صلى الله عليه وسلم _ مِن جنس ما عرفوا وأَلِفوا،
فجاء التحدي لهم بما هو معروفٌ عندهم، ومألوف لديهم؛ فكان القرآن الكريم هو
المعجزة الكبرى التي تحدي الله بها الناس قاطبة.
وشدد الباحث في
ملف الإلحاد، على أن القرآن الكريم مُعجز بلا ريب، ومِن وجوه إعجاز القرآن الكريم:
الإعجاز البياني، والإعجاز العلمي التجريبي، والإعجاز التشريعي، والإعجاز الغيبي،
وغير ذلك من وجوه الإعجاز الأخرى، وكلُّ وجهٍ مِن هذه الوجوه يحتاج لكتبٍ مستقلة
لبيانها وإظهارها، لكن سأتناول هنا جزءًا مِن وجه واحد؛ وهو الوجه الأساسي في
الإعجاز القرآني والمُتعلق بلغةِ العرب، ألا وهو الإعجاز البياني.
وذكر أن الأسلوب
القرآني تفردَّ بميزاتٍ عظيمة معجزة، وذلك من ناحية بلاغته، وحسن بيانه.
فبلاغة القول:
أنْ تكون ألفاظه فصيحة، ونظمه محكمًا، ودلالته على المعنى منتظمة وافية.
أمَّا فصاحة
ألفاظه: فأنْ يسهل جريانها على اللسان، ويخفَّ وقعها على السمع، ويألفها الذوق غير
نابٍ عنها، وهي مع ذلك جارية على ما ينطق به العرب، أو يجري على قياس لغتهم.
وأمَّا إحكام
نظمه: فَبِأنْ تقع كلُّ كلمةٍ منه موقعها اللائق بها، بحيث تكون كلماته مُتناسبة
يأخذ بعضها برقاب بعض، فلا يمكنكَ أنْ تضع يدك على كلمة وتقول: ليتَ هذه الكلمة
تقدمت على تلك، أو تأخرتْ عنها، وهذا يعرفه المتخصصون في اللغة تمام المعرفة.
وأمَّا انتظام
دلالته: أنْ يطرق اللفظ سمعك، فيخطر معناه في قلبك، وحصول المعنى في القلب بسرعةٍ،
أو بعد مُهلة يرجع لحالِ السامع مِن الذكاء، أو بطء الفهم، وقربه مِن اللغة مِن
بُعده عنها، ومع ذلك يتحقق انتظام دلالة الكلام بإخراج المعاني في طرق تركيبها في
أقوم صورة، وأعلقها بالنفس، كالتشابيه، وضرب الأمثال، والاستعارات، والكنايات
المصحوبة بقرائن تجعل قصد المتكلم قريبًا مِن فهم السامعين.
وأمَّا كون
الدلالة على المعنى وافية: فبأنْ يؤدي اللفظُ صورَ المعاني التي يقصد بها المتكلم
البليغ إفادتها للمُخاطبين على وجهٍ أكملٍ، بحيثُ تكون العبارة بمفراداتها
وأسلوبها كالمرآة الصافية تعرض عليك ما أودعت مِن المعاني"().
ومِن مميزات
بلاغة القرآن، وحُسن بيانه المعجز أيضًا:
1. فصاحة مفرداته.
2. متانة نظمه.
3. انتظام دلالته على ما يقصد إفادته،
وإحضاره في الأذهانِ، كما يظهر في التشابيه، والأمثال البارعة، والاستعارات
الطريفة، والمجازات اللطيفة، والكنايات، وغير ذلك.
4. استيفاؤه للمعاني.
5. تناسبه في حُسن بيانه دون تفاوتٍ، أوْ
تباينٍ.
6. صوغ الأقوال على قدرِ الحقائق.
7. خُلُوِّه مِن التصنع.
8. تكرار القصص في أكمل مَا يكون مِن حُسن
البيان.
هذا
كُله شرحٌ مُبسط لجزءٍ واحدٍ، مِن وجهٍ واحدٍ مِن أوجه إعجاز القرآن.
واختتم حديثه
مشددا على أنه مَن أراد قبول التحدي أنْ يأتي ولو بسورةٍ واحدةٍ تحتوي على قيمةٍ
إعجازيةٍ حقيقةٍ، ومنفردةٍ تحتوي ولو على وجه واحد كامل مِن أوجه القرآن الكريم،
وألَّا يأتي بكلامٍ مُرسلٍ عبثي لا قيمة له.