لماذا تلتفون حول الكعبة وتقبلون الحجر الأسود وهو لا يضر ولا ينفع.. أليست هذه وثنية؟!

  • جداريات Jedariiat
  • الثلاثاء 17 سبتمبر 2024, 8:26 مساءً
  • 62
الحجر الأسود

الحجر الأسود

رد محمد سيد صالح، الباحث في ملف الإلحاد، على سؤال يطرحه بعض المشككين في الإسلام، يقول: لماذا تلتفون حول الكعبة وتقبلون الحجر الأسود وهو لا يضر ولا ينفع.. أليست هذه وثنية؟!

واستنكر "صالح" السؤال، متسائلا: كيف يُتهم الإسلام بالوثنية والشرك، وهو دين التوحيد الخالص على ظهر الأرض؟! موضحا أن المسلم لن يكون مسلمًا إلا إذا اعتقد بالركن الأول من أركان الإسلام وهو؛ أن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله؛ أي لا معبود حق إلا الله وحده.

وبين  أنَّ القرآن الكريم يحتوي على سورة قصيرة ألا وهي سورة (الإخلاص)، والتي تعدل ثُلث القرآن الكريم كاملًا رُغم قصرها؛ لِما فيها من توحيدٍ خالصٍ وتنزيه لله سبحانه من كل شرك، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ رَجُلًا سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ يُرَدِّدُهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ ، وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا [أي يراها قليلة] فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ).

وأشار إلى أن القرآن الكريم يحتوي على آية تُعد أفضل آية في القرآن الكريم كله؛ لِما فيها أيضًا من توحيدٍ خالص، لقول النبي _صلى الله عليه وسلم _ لأبي بن كعب: "يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم، قلت: الله ورسوله أعلم، قال: يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم، قال: قلت: الله لا إله إلا هو الحي القيوم، قال: فضرب في صدري وقال: والله ليهنك العلم يا أبا المنذر".

وأوضح أن المسلم يُصلى كل يوم كحد أدنى (سبعة عشر) ركعة وهي عدد ركعات الفرائض دون السنن والنوافل، ويقرأ في بداية كل ركعة سورة الفاتحة، التي يردد فيها المسلم قول الله تعالى: ( إياك نعبد وإياك نستعين ). أي أننا نعهد ونجدد النية مع كل صلاة ومع كل ركعة في كل يوم خمس مرات كحد أدنى، على أننا لا نعبد ولا نستعين إلا بالله وحده، ولا نعبد أو نستعين بسواه، وهذه الآية يرددها المسلمون أثناء صلاتهم، وهم أمام الكعبة المكرمة.

كما أن الله جل في علاه قال في كتابه العزيز: (فليعبدوا رب هذا البيت)، والمقصود بالبيت؛ هو الكعبة المكرمة، وقد أمرنا بعبادة رب الكعبة، لا عبادة الكعبة، فضلًا عن أن الله سبحانه وتعالى أخبرنا في مواضع كثيرة في الكتاب والسنة الصحيحة؛ أنه يغفر الذنوب كلها لمن مات على شيء منها، إلا من مات على الشرك فلا يُغفر له، فهذا التشديد في الوعيد لمن يشرك بالله ويموت على ذلك، يدحض كل إتهامٍ يُتهم به الإسلام أنه دين وثني أو اتباعه يعبدون الحجارة.

كما أن النبي _صلى الله عليه وسلم _ عندما فتح مكة هدم ثلاثمائة وستين صنماً كانوا حول الكعبة؛ ليحرر الناس من عبادة الأصنام والأوثان والأحجار التي لا تنفع ولا تضر، ويكتفوا بعبادة الله وحده دون الشرك به، فهل يُعقل أن يُتهم هذا الدين الذي ينادي بالتوحيد في كل اتجاه، والذي فيه الآذان يردد بصوتٍ عال؛ ليسمع الناس مع كل صلاة (أشهد أن لا إله إلا الله) وهل ذلك من الإنصاف؟!

وشدد محمد سيد صالح على أن إسلامنا دين عالمي، ودين نظام يرفض العشوائية، دين يخاطب كل الجنسيات بمختلف لغاتهم وثقافتهم، فكان لا بد له من قبلة يتجه إليها المسلمون حول العالم؛ ليعبدون إله واحدًا، ولولا الكعبة التي هى قبلتنا لوجدنا عشوائية أثناء الصلاة، فمنا من كان سيصلي وهو متجهًا للشرق، ومنا من كان سيصلي وهو متجهًا للغرب..، وهكذا، وهذا لا يليق، لكن وجود القبلة يجعل المسلمين بمختلف لغاتهم وأجناسهم يصطفون كالبنيان المرصوص مع قول الإمام : "الله أكبر"،  فيشعر المسلم بالإخاء والمحبة والود والقرب مع أخيه المسلم، وهو واقف بجواره في الصلاة قدمه جوار قدمه وكتفه ملصق بكتفه.

وبشأن الحجر الأسود، أكد الباحث في ملف الإلحاد، أن هذا قد أخبرنا عنه عمر بن الخطاب رضى الله عنه حين قال: " إِنِّي لَأَعلَم أَنَّك حَجَرٌ، لا تَضُرُّ ولا تَنفَعُ، ولَولاَ أَنِّي رَأَيتُ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- يُقَبِّلُك مَا قَبَّلتُك، وهذا دليل واضح على أننا حينما نقبل الحجر الأسود نقبله اقتداءً برسولنا الكريم _صلى الله عليه وسلم _ مع الاعتقاد التام أن الحجر الأسود مخلوق من مخلوقاتِ الله لا ينفع ولا يضر، وكان تقبيل رسول الله _صلى الله عليه وسلم _ للحجر الأسود؛ لعلمه أن الحجر الأسود هو حجر من أحجار الجنة، فعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "نَزَلَ الحَجَرُ الأَسْوَدُ مِنَ الجَنَّةِ، وَهُوَ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، فَسَوَّدَتْهُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ". فكان تقبيل رسول الله _صلى الله عليه وسلم _ له تقبيلًا رمزيًا فيه دلالة على الاشتياق للجنة وما فيها.

وتابع: مثلما نجد الواحد منا _أحيانًا_ يحتفظ بصورة لابنه أو لأبيه أو أمه أو شخص عزيز عليه، وحينما يخرجها تجده يقبل الصورة تلقائيًا، وهو على يقين أنه لا يُقبل الشخص ذاته، إنما يُقبل صورة ترمز له لا روح فيها ولا جسد. فهل يوجد عاقل يتخذ مَن يقبل صورة شخص عزيز على أنه يعبد الصورة؟

واختتم قائلا: "ديننا هو دين التوحيد الوحيد، ومن يتهمه بالوثنية حاله كحال من يتهم النحلة أنها تُخرج طينًا قطرانًا، لا عسلاً".

تعليقات