حسان بن عابد: المهارات الغريزية في عالم الحيوان دلالة واضحة على العناية الإلهية (فيديو)
- السبت 23 نوفمبر 2024
سورة النمل
قال االدكتور فاضل السامرائي، إن سورة النمل وهى سورة مكيّة، تعد من السور المهمة جدا التي تتحدث عن التفوق الحضاري لتثبت أن الدين ليس دين عبادة فقط، وإنما هو دين علم وعبادة ويجب أن تكون الأمة المسلمة الموحّدة متفوقة في العلم ومتفوقة حضاريًا لأن هذا التفوق هو سبب لتميّز أمة الإسلام كما حصل في العصر الذهبي للإسلام الذي انتشر من الشرق إلى الأندلس بالعلم والدين الحنيف وقد تميّز فيه العلماء المسلمون في شتى مجالات العلوم.
وأشار إلى أنه في سورة النمل خطة محكمة لبناء مؤسسة أو شركة
أو مجتمع أو أمة غاية في الرقي والتفوق من خلال آيات قصة سيدنا سليمان مع بلقيس ونستعرض
عناصر قوة هذه المملكة الراقية التي يعلمنا إياها القرآن الكريم، أهمية العلم حيث ابتداء
القصة من الآية 15 :(وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ
لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ) فقد كان
عند داود وسليمان تفوق حضاري بالعلم الذي آتاهم إياه الله تعالى وهم مدركين قيمة هذا
العلم، وكذلك توارث الأجيال للعلم مصداقا لقوله تعالى:(وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ
وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِوَأُوتِينَا مِن كُلِّ
شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ) آية 16 والاهتمام باللغات المختلفة
(لغة الطير) وأهمية وجود الإمكانيات والموارد والعمل على زيادتها (وأوتينا من كل شيء)
وتابع: مه وجود نظام ضبط وربط ووجود تعدد في الجنسيات والكائنات(وَحُشِرَ
لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّوَالْإِنسِوَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ) آية17،
وذلك مع أهمية التدريب الميداني للأفراد:(وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا
أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ) آية 20 بدليل أن الهدهد كان في مهمة
تدريبية ، فضلا عن مسألة تفقد الرئيس ومتابعته لعمّاله(لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا
أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ) آية 21 هذا بجانب إلى إيجابية الموظفين في العمل الاستكشافي وتحري
المعلومات الصحيحة: فالهدهد كان موظفًا غير عادي وكان عنده إيجابية وجاء بأخبار صحيحة
ودقيقية:(فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ
مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ) آية 22
وأضاف أن مسئولية الموظفين تجاه الرسالة:(وَجَدتُّهَا
وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ
أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ) آية 24 فالهدهد
استنكر أن يجد أقوامًا يعبدون غير الله وهذا حرص منه على رسالة التوحيد، مع أهمية تحرّي
الأخبار والتأكد من صحتها وتحليلها:(قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ)
آية 27لم يصدق سليمان الهدهد بمجرد أن أخبره لكنه أراد أن يتحرى صدقه فيما أخبر به
وهذا حرص المسئول على صدق ما يصله من معلومات من عمّاله.
ونوه إلى تجربة تحرّي الأخبار:(اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا
فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ) آية
28 إرسال الكتاب مع الهدهد إلى بلقيس وقومها، فضلا عن أهمية الشورى:(قَالَتْ يَا أَيُّهَا
المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ)
آية 32 مشاورة بلقيس لقومها، وكذلك سياسية جس النبض:(وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم
بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ) آية 35 بلقيس أرسلت هدية لسليمان
لترى ردة فعله، فضلا عن امتلاك قوة عسكرية هائلة:(ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ
بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ)
آية 37 وهي ضرورية لأية أمة تريد أن تنشر دين الله في الأرض وتدافع عنه.
وتابع: وكذلك التكنولوجيا الراقية:(قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَأُ
أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَ عِفْريتٌ
مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ
لَقَوِيٌّ أَمِينٌ * قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ
قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ
هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا
يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) آية 38 إلى آية
40 نقل عرش بلقيس في زمن قياسي من مكانه إلى قصر سليمان وهو ما يعرف في عصرنا الحاضر
بانتقال المادة، والذكاء والدبلوماسية في السياسة:(فَلَمَّا جَاءتْ قِيلَ أَهَكَذَا
عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ)
آية42 أجابت بلقيس كأنه هو حتى لا يظهر أنها لا تعرف.
وختم قائلا: الاستسلام أمام تكنولوجيا غير عادية:(قِيلَ لَهَا
ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا
قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي
وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) آية 44 جعل الزجاج فوق
الماء كانت تكنولوجيا غير عادية في ذلك الزمان فلم تستطع بلقيس إلا أن تسلم. وهنا نلاحظ
الفرق بين ردّ بلقيس التي كانت تقدّر العلم فقد بهرتها هذه التكنولوجيا التي رأتها
بأم عينها فأسلمت مباشرة بلا تردد، أما في الآية :(فَلَمَّا جَاءتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً
قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ) آية13 في قصة سيدنا موسى
اعتبر قومه الآيات المعجزة التي جاء بها سحر لأنه لم يكن لديهم علم
أو تكنولوجيا.