كيف حدد القرآن مواقع النجوم والزمن الكوني ؟!

  • أحمد نصار
  • الثلاثاء 03 سبتمبر 2024, 7:20 مساءً
  • 137
تعبيرية

تعبيرية

قديما كان لا يوجد إمكانيات تجعل الإنسان يقيس ويحدد مواقع النجوم والزمن الكوني، ولكن العلماء في العصر الحديث ، راحوا  يدرسون النجوم والأجرام السماوية الأخرى، وجدوا أن السماء تتكون من تجمعات هائلة من النجوم والكواكب والأجرام الأخرى، وأسموا كل تجمع من تلك التجمعات بـ(المجرة).

ومن جانبه يقول الباحث في الإعجاز العلمي في القرآن الدكتور زغلول النجار، "إن المجرات هي نظم كونية شاسعة الاتساع تتكون من التجمعات النجمية والغازات والغبار الكونيين ‏(‏ الدخان الكوني‏)‏ بتركيز يتفاوت من موقع لآخر في داخل المجرة‏،‏ وهذه التجمعات النجمية تضم عشرات البلايين إلى بلايين البلايين من النجوم في المجرة الواحدة‏،‏ وتختلف نجوم المجرة في أحجامها‏،‏ ودرجات حرارتها‏،‏ ودرجات لمعانها‏،‏ وفي غير ذلك من صفاتها الطبيعية والكيميائية‏،‏ وفي مراحل دورات حياتها‏،‏ وأعمارها، كما وجدوا أن تلك المجرات تتكون من مجموعات نجمية، وتسمى المجرة التي ننتمي إليها  مجرة (درب التبانة أو درب اللبانة).

وأشار النجار إلى ملاحظة العلماء بأن هذه النجوم تبعد عنا مسافات شاسعة لا يمكن قياس أبعادها بالمقاييس التقليدية، فاتفق العلماء على وحدة قياس كونية تعرف باسم السنة الضوئية‏،‏ وهي المسافة التي يقطعها الضوء بسرعته ‏(‏المقدرة بحوالي الثلاثمائة ألف كيلو متر في الثانية‏)‏ في سنة من سنينا‏،‏ وهي مسافة مهولة تقدر بحوالي‏9.5‏ مليون مليون كيلو متر، موضحا أن مجموعتنا الشمسية عبارة عن واحدة من حشد هائل للنجوم على هيئة قرص مفرطح يبلغ قطره مائة ألف سنة ضوئية‏،‏ وسمكه نحو عشر ذلك‏،‏ وتقع مجموعتنا الشمسية على بعد ثلاثين ألف سنة ضوئية من مركز المجرة‏،‏ وعشرين ألف سنة ضوئية من أقرب أطرافها‏، وتحتوي مجرتتا ‏(‏درب اللبانة‏ =Milky Way)‏على تريليون ‏(‏أي مليون مليون‏)‏ نجم‏،‏ وبالجزء المدرك من السماء الدنيا مائتي ألف مليون مجرة على الأقل‏،‏ تسبح في ركن من السماء الدنيا يقدر قطره بأكثر من عشرين ألف مليون سنة ضوئية‏، وأقرب المجرات إلينا تعرف باسم سحب ماجلان (Magellanic Clouds‏) تبعد عنا بمسافة مائة وخمسين ألف سنة ضوئية‏.

وتابع أن أقرب هذه النجوم إلينا هي الشمس التي تبعد عنا بمسافة مائة وخمسين مليون كيلومتر‏،‏ فإذا انبثق منها الضوء بسرعته المقدرة بحوالي الثلاثمائة ألف كيلومتر في الثانية من موقع معين مرت به الشمس فإن ضوءها يصل إلى الأرض بعد ثماني دقائق وثلث دقيقة تقريباً، أي أن هذه المسافة الهائلة يمكن التعبير عنها بالقول إن الشمس تبعد عنا ثمان دقائق ضوئية، وذلك بوحدة القياس المسماة(السنة الضوئية)، ويلي الشمس في القرب إلينا النجم المسمى (ألفا قنطورس) و يبعد عنا مسافة 4، 4 سنة ضوئية، أي ما يعادل 42 مليون مليون كيلومتر تقريباً، وهناك نجم الشعرى اليمانية، وهو أسطع النجوم التي نراها في السماء و ليس أقربها، يقع على بعد 9 سنوات ضوئية، بينما يبعد عنا النجم القطبي بحوالي‏400‏ سنة ضوئية‏،‏ ومنكب الجوزاء يبعد عنا بمسافة‏1600‏ سنة ضوئية‏،‏ وأبعد نجوم مجرتنا‏(‏ درب اللبانة‏)‏ يبعد عنا بمسافة ثمانين ألف سنة ضوئية.‏

وأكمل : فإذا كان هذا بالنسبة للنجوم التي نشاهدها فكيف بالنجوم التي لا نشاهدها ونحتاج إلى تلسكوبات وأجهزة متطورة لكي نشاهدها، فهناك مجرات تبعد عنا أكثر من بليون (ألف مليون) سنة ضوئية، ولقد ساهمت المراصد الفضائية حديثاً في اكتشاف نجوم و مجرات و أشباه نجوم قد حدثت وتمت فعلاً منذ بلايين السنين، وإن الله وحده هو العليم بحالها الآن فلم يكن الإنسان قد وجد بعد على الأرض عندما انطلق الضوء من هذه النجوم منذ عشرة بلايين سنة ضوئية، منوها إلى أنه مما اكتشف أيضاً أن هذه النجوم مع تباعدها فإنها تتحرك بسرعات هائلة جداً منتقلة من موقعها الحالي إلى موقع جديد وهكذا باستمرار، مما يجعل هذا الأمر مثيراً للدهشة، أي أنه لا يمكن لنا رؤية النجوم من على سطح الأرض أبداً‏،‏ ولا بأية وسيلة مادية‏،‏ وكل الذي نراه من نجوم السماء هو مواقعها التي مرت بها ثم غادرتها‏،‏ إما بالجري في الفضاء الكوني بسرعات مذهلة‏،‏ أو بالانفجار والاندثار‏،‏ أو بالانكدار والطمس‏.

ونوه إلى أن القرآن الكريم، قد سبق العلم الحديث منذ 14 قرنا في ذكر أهمية أبعاد الكون وذلك في 3 حقائق مهمة: الأولى أن خلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ﴿لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون﴾2/3 والثانية قسم الله عز وجل بمواقع النجوم ووصفه بأنه قسم عظيم (فلا أقسم بمواقع النجوم وانه لقسم لو تعلمون عظيم) (س. الواقعة)، والثالثة الحديث عن الزمن الكوني من خلال عدة آيات قرآنية منها قوله تعالى: (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) السجدة 5

وأضاف أن الشمس التي تبعد عنا بمسافة مائة وخمسين مليون كيلومتر‏،‏ فإذا انبثق منها الضوء بسرعته المقدرة بحوالي الثلاثمائة ألف كيلومتر في الثانية من موقع معين مرت به الشمس فإن ضوءها يصل إلى الأرض بعد ثماني دقائق وثلث دقيقة تقريبا‏ًً،‏ بينما تجري الشمس بسرعة تقدر بحوالي‏19‏ كيلومتراً في الثانية في اتجاه نجم النسر الواقع ‏Vega‏ فتكون الشمس قد تحركت لمسافة لا تقل عن عشرة آلاف كيلومتر عن الموقع الذي انبثق منه الضوء‏،‏ و تدور الشمس حول نفسها مرة كل 27 يوماً في المتوسط، وتجري مع الشمس مجموعتها الشمسية بسرعة فائقة تبلغ 220 كيلومتر في الثانية منتمية لمجرتنا، وهذه المجرة تدور حول المجرة نفسها مرة كل 250 مليون سنة، وكل النجوم الأخرى تدور حول نفسها وحول المجرة التي تنتمي إليها، وتتباعد المجرات عن بعضها في فضاء الكون السحيق، وهكذا فنحن من على سطح الأرض لا نرى النجوم أبداً‏،‏ ولكننا نري صوراً قديمة للنجوم انطلقت من مواقع مرت بها‏،‏ وتتغير هذه المواقع من لحظة إلى أخري بسرعات تتناسب مع سرعة تحرك النجم في مداره‏،‏ ومعدلات توسع الكون‏،‏ وتباعد المجرات عنا‏،‏ والتي يتحرك بعضها بسرعات تقترب أحياناً من سرعة الضوء‏،‏ وأبعد نجوم مجرتنا عنا يصلنا ضوءه بعد ثمانين ألف سنة من لحظة انبثاقه من النجم‏،‏ بينما يصلنا ضوء بعض النجوم البعيدة عنا بعد بلايين السنين‏،‏ وهذه المسافات الشاسعة مستمرة في الزيادة مع الزمن نظراً لاستمرار تباعد المجرات عن بعضها البعض في ضوء ظاهرة اتساع الكون‏،‏ ومن النجوم التي تتلألأ أضواؤها في سماء ليل الأرض ما قد انفجر وتلاشى أو طمس واختفى منذ ملايين السنين‏،‏ لأن آخر شعاع انبثق منها قبل انفجارها أو طمسها لم يصل إلينا بعد‏،‏ والضوء القادم منها اليوم يعبر عن ماض قد يقدر بملايين السنين‏.

وختم قائلا: إن أبعاد الكون ومواقع النجوم أمر يعجز ويبهر الفكر البشري في تتبعه، ورغم كل ما توصل إليه العلم الحديث من اكتشافات في علم الفضاء.. تنتمي الأرض للمجموعة الشمسية التي تنتمي بدورها لمجرة درب التبانة والتي تحتوي على حوالي 4 مليارات من النجوم، (أحد النجوم في مجرتنا واسمه (النجم الأزرق)  يبلغ حجمه 2100 مرة ضعف حجم الشمس) ومجرتنا واحدة من حوالي 400 مليار مجرة تشكل الكون المعروف حاليا.. لكن مجموع الكون المعروف حاليا لا يشكل حقيقة إلا 1 في المائة من الكون الموجود في إدراك البشرية، و9 في المائة مادة لم نكتشفها بعد و90 في المائة مادة دكنة لا نعرف طبيعتها.

 وللمقاربة فإن عدد النجوم والكواكب التي خلق الله عز وجل في الكون يتناسب مع عدد حصى الرمل المتواجد فوق كوكب الأرض.. وليست الأرض إلا حبة من حبات الرمال المتواجدة في أرضنا..مع العلم أن العلماء يكتشفون حوالي 5000 مجرة جديدة كل أسبوع.. ﴿لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون﴾.

 

تعليقات