باحث بملف الإلحاد: الفرائض في الإسلام أبرز الأدلة على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
- الجمعة 22 نوفمبر 2024
يقول البعض من مروجي الشبهات، إن النبي ﷺ اشتهى زوجة ابنه بالتبني زيد، وأمره أن يطلقها لأنها أعجبته، وبعد ذلك طلقها زيد وتزوجها النبي ﷺ!
وفي هذا الصدد قال الدكتور محمد عبد الله، إن الأحاديث التي يستدل بها مروجي هذه الشبعة "موضوعة" لا تصح نسبتها للنبي ﷺ، وهي كلها أحاديث ضعيفة سندا.
وبين أنه في تفسير الطبري نجد أن النبي ﷺ هو من زوّج زيدا وزينب رضي الله عنهما؛ لأن زينب رضي الله عنها كانت ابنة عمة النبي ﷺ، وكانت من سادة القوم، وكان زيدٌ قد تبناه النبي ﷺ حين كان عبدا لا يجد من يراه، فتبناه النبي ﷺ ليرعاه فأحب النبي ﷺ أن يقضي على عادة أن السيدة لا تتزوج من العبد فوجد النبي ﷺ هذه الفرصة فعرض على السيدة زينب زواجها من زيد وكانت زينب رضي الله عنها رافضة في البداية ثم اقتنعت (1)، فلو كانت زينب تعجب النبي ﷺ فلماذا لم يتزوجها من البداية؟!!
وشدد على أنه لم يثبت أبدا أن النبي ﷺ طلب من زيد أن يطلق زوجته، بل الثابت كما ورد في الآية من سورة الأحزاب: "وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتقِ الله"، مشيرا إلى أنه في تفسير ابن كثير رحمه الله عن هذه الآية يقول: "فجاء زيد يشكوها إلى رسول الله ﷺ فجعل رسول الله يقول له: "أمسك عليك زوجك واتق الله"، أي أن ما حصل هو العكس، فأنتم تقولون أن النبي هو من أمره بطلاقها، والقرآن يرد ويقول عكس ما قلتم، وهذا ينسف شبهتكم بأكملها، ويدلنا على أن سبب طلاقهما هو أنه لم يكن هناك انسجام بينهم؛ لأن زينب رضي الله عنها كانت تنظر إليه أنه عبد وأنها من سادة القوم؛ فكان زيد ينزعج جدا من هذه التصرفات، لذلك أصر على الطلاق.
وأشار إلى ما ورد في سورة الأحزاب والتي تستخدم للطعن في هذا الزواج المبارك، تقول الآية: "وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه"، فما الذي أخفاه النبي ﷺ في نفسه؟!
الآية نفسها أعطتنا إشارة وهي "ما الله مبديه"، أي أن الله أبدى ما أخفاه النبي ﷺ، وما الذي أبداه الله عز وجل؟! هو كما ذُكر في تفسير ابن كثير "لكن الله تعالى أعْلَمَ نَبِيَّهُ أنَّها سَتَكُونُ مِن أزْواجِهِ قَبْلَ أن يتزوجها"، فالواقع أن ما أخفاه النبي ﷺ هو الزواج فقط، وليس الحب.
وذكر الباحث في ملف الإلحاد، أن هذا الكلام من يبحث فيه يجد أن ابن كثير وابن عثيمين رحمهما الله يقولان في تفسيريهما -ما مجمله- أن ما أخفاه النبي ﷺ هو إخبار الله عز وجل له بأنه سيزوجه من زينب إذا طلقها زيد، كان النبي ﷺ يعلم ذلك ومع ذلك كان يقول لزيد: "أمسك عليك زوجك" رغم علمه أن الله أخبره أنه سيتزوجها وأن الطلاق واقع لا محالة. الآية واضحة جدا كما قال ابن عثيمين ولا إشكال فيها أصلا.
وتكملة الآية تقول: "وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه" لأن النبي ﷺ كان يخشى أن يقول الناس عنه أنه تزوج حليلة ابنه بالتبني، لأن زينب رضي الله عنها كانت زوجة الابن المتبنَى، وهي محرمة لأن ابن التبني عندهم كان في مقام الابن تماما، ونحن نعرف أن الإسلام يحرم زوجة الابن على الأب، حتى لو طلقها فإن النبي ﷺ كان يخشى من ذلك، لذلك فإن الله عز وجل يعاتبه ويقول له ألا يلتفت لكلام الناس ولا يخشىاهم فالله أحق بالخشية.
وتابع: باقي الآية تقول: "فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها"، يعني لما قضى زيد حاجته منها وطلقها، زوجه الله عز وجل إياها.
ورد على سؤال لماذا تزوجها نبينا ﷺ؟ أو لماذا زوجه الله عز وجل إياها؟ نفس الآية تجيب علينا وتقول: "لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم"، يعني حتى لا يكون عند الناس حرج من الزواج من طليقة أبنائهم من التبني فما دام النبي ﷺ قد فعلها فلا حرج فيها، لماذا؟! لأن النبي قدوة لنا وقد فعلها؛ إذا فلا يستطيع أحد أن يعير أحدا امتثل لفعل النبي ﷺ.
وشدد على أن غرض زواج النبي من زينب رضي الله عنها هو ما ذكرناه وليس غرضه تحريم التبني؛ لأن التبني تم تحريمه قبل هذه الواقعة، وإذا عدنا للوراء في نفس السورة: سورة الأحزاب وقبل هذه الآيات، يقول الله عز وجل: "أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله"، وهذا يعني أن التبني تم تحريمه قبل هذه الواقعة، والغرض من الزواج هو لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم.
وفي رد على سؤال مستنبط مما سبق: لماذا الإسلام حرم التبني أصلا؟! ما هذه القسوة؟! ألا يوجد عطف على هؤلاء الأطفال؟! قال عبد الله محمد، إن تحريم التبني جاء لمنع اختلاط الأنساب.
وأردف: سيأتيك الآن شخص مثل رشيد حمامي، ويصيح قائلا مستفهما كيفية اختلاط الأنساب، فعلا كيف سيحدث اختلاط أنساب؟!! أولا لو أخذت طفلا فليس من حقك أن تنسبه لك؛ لأنك بذلك تسلب حق أبيه في ذلك، ثانيا هذا سيكون له تبعات وآثار، كيف؟! مثلا ابنتك هي في الأصل ليست محرمة عليه، وبهذا فأنت قد جعلتها محرمة عليه وأصبح لا يجوز له أن يتزوجها. مثلا أختك صغيرة في السن وأراد أن يتزوجها، أنت بذلك حرمت عليه الزواج منه؛ لأنها في مقام عمته. وهكذا فأنت خلطت الأمور وجعلت الحلال حراما والحرام حلالا. ولو تبنيت هذا الطفل ولم تتبنَ أخته أصبحت أخته من أبيه حلالا له وهي في الأصل حراما عليه.
و لهذا جاء الإسلام بالحل وهو أن نحرم التبني دون تحريم الكفالة، فالإسلام لا يحرّم كفالة اليتيم أو كفالة المسكين، فالنبي ﷺ جعل جزاء من يكفل يتيم مجاورته في الجنة، يقول النبي ﷺ: "أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين" وأشار بأصبعه الوسطى والسبابة. فالإسلام حرم ما سيحلل الحرام ويحرم الحلال، وحلل الكفالة، حلل الكفالة، فيمكنك أن تنفق عليه وتكفله وتربيه كما تربي أبناءك تماما ولكن لا تنسبه لك.
و بعد ذلك سيخرج علينا خفيف الظل يضحكنا قائلا: "هل الإله كان قد انتهى من كل مشاكل البشر فأصبح يهتم لأمور النبي الشخصية"، وهذا طبعا شخص جاهل وغبي في نفس الوقت؛ لأن الإسلام لم يترك شاردة ولا واردة من أمور الدنيا أو الآخرة إلا وقد فصلها؛ وهذه الآية ليست أقل شأنا من غيرها من الآيات الأخرى التي ستفيد البشرية؛ لأن هذا الأمر ليس من الأمور الشخصية للنبي ﷺ أصلا، إنما هو أمر اجتماعي، فالآية تقول: "لكي لا يكون على المؤمنين حرج"، "على المؤمنين" تعني أن هذه الآية تعالج أمرا من أمور المسلمين كلهم وليس من أمور الرسول ﷺ، تعالج الأمور الاجتماعية وليس أمرا شخصيا خاصا بالنبي ﷺ.
واختتم: لو افترضنا أنها تعالج أمرا شخصيا خاصا بالنبي، فما المانع من ذلك؟! أليس هذا النبي مرسل إلى البشر كلهم؟!! فما المانع العقلي من أن تكون الآية تعالج أمرا شخصيا خاصا بالنبي ﷺ؟!! مشكلتك أنك دائما تضع موانع عقلية ليست موجودة إلا في رأسك المربعة، يعني أنت تفترض أن هناك موانع عقلية، فأين هو هذا الثابت العقلي الذي يتعارض مع اهتمام الإله بالنبي؟! لا يوجد. وهو ما يعرف بمغالطة ( إستلزام ما لا يحب إلزامه)