باحث بملف الإلحاد: الفرائض في الإسلام أبرز الأدلة على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
- الجمعة 22 نوفمبر 2024
مسجد صنعاء
يعد مسجد صنعاء الكبير من أهم وأشهر مساجد اليمن، وسر ذلك يكمن في أنه بعدما أمر الله المسلمين أن يتجهوا في صلاتهم إلى قبة
واحدة هي الكعبة المشرفة في مكة المكرمة، مصداقا لقوله تعالى : (فول وجهك شطر المسجد
الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره)، ومعنى (فول وجهك شطر المسجد الحرام) أي قبله
كما قاله المفسرون، أما الذي يصلي وهو يشاهد الكعبة فقط أمر بأن يتجه بجسمه نحو عين
الكعبة، فعن ابن عباس قال لما دخل النبي صلى الله عليه وسلم، البيت دعا في نواحيه كلها
ولم يصل حتى خرج منه فلما خرج ركع ركعتين في قبل الكعبة وقال هذه الكعبة .
يقول الشيخ عبد المجيد الزنداني، إنه قد حكى القرطبي
الإجماع على أن استقبال عين الكعبة فرض على المعاين، وإذا كانت مشاهدة الكعبة فضيلة
يؤجر عليها المسلم كما ثبت ذلك من قول ابن مسعود، فإن الذي يصلي إلى عين الكعبة أكمل
توجهاً نحو القبلة من غيره، لافتا إلى أنه عندما دخل اليمنيون في دين الله أفواجاً
، وقد أرسل لهم معلمين يعلمونهم الدين كان منهم علي بن أبي طالب، ومعاذ بن جبل، وأبو
موسى الأشعري، ووبر بن يحنس وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين.
وأضاف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد أمر وبر بن
يحنس الخزاعي الذي وجهه إلى صنعاء أن يبني لهم مسجداً، عرف بمسجد صنعاء، وحدد الرسول
صلى الله عليه وسلم أوصاف المسجد، فحدد موضعه في صنعاء، وحدد علامة واضحة هي جبل ضين
الذي يبعد عن صنعاء حوالي (30)كم وبتحديد جبل ضين حدد لهم زاوية الميل بين موضع المسجد
والجبل كما حدده ـ أي الجبل ـ جهة القبلة المسجد، ولما كان الرسول صلى الله عليه وسلم
ـ المعصوم من الخطأ ـ هو الذي حدد الصفات التي يكون عليها المسجد من حيث دقة الموقع،
وزاوية الميل نحو الكعبة، وجهة المسجد بالنسبة للكعبة، فلاشك أن هذا التوجيه سيكون
دقيقاً، لذلك كان أهل اليمن ولا يزالون يعتبرونه أفضل مساجد اليمن، لأنه بني طبقاً
لتوجيهات الرسول صلى الله عليه وسلم ووصفه .
وتابع: أن إذا كان من أهم صفات المسجد ضبط قبلته نحو الكعبة،
فسنرى في هذا البحث كيف حدد الرسول صلى الله عليه وسلم الأوصاف والمعالم التي جعلت
المصلى في مسجد صنعاء وكأنه يراها وهذا من تمام بناء المسجد، وبهذا الوصف الدقيق من
الرسول صلى الله عليه وسلم يكون قد حدد خطاً مستقيماً من موضع مسجد صنعاء إلى الكعبة
في المسجد الحرام بمكة المكرمة.
ونوه إلى أن الشروط المطلوبة لرسم خط بين مدينتين متباعدتين،
تتمثل في أن المسافة بين صنعاء ومكة هي (815كم)تقريباً فإذا أردنا رسم خط مستقيم بين
مكة وصنعاء فلابدّ من وجود خريطة تعتمد على الصور الحقيقية لسطح الأرض المأخوذة بالطائرات
أو الأقمار الصناعية وذلك لنتمكن من تحديد موقع المسجد. وموقع مكة تحديداً دقيقاً،
فضلا عن أنه لابد من معرفة خطوط الطول وخطوط العرض على سطح الكرة الأرضية لمعرفة زاوية
الميل بين الموقعين بالنسبة للشمال المغناطيسي، كما أنه لابد من معرفة مقدار ارتفاع
مكة وصنعاء عن سطح البحر لنتمكن من معرفة درجة الإنحناء الناتج عن السطح الكروي لسطح
الأرض.
وأضاف أن الخريطة المسطحة للأرض لا تمثل الحقيقة لأن الأرض
كروية وليس مسطحة، ووضع الخرائط المسطحة ـ إذا كانت دقيقة ـ تفقدنا المسافة أو الجهة
بين أي موقعين متباعدين على سطح الأرض، متى تمكن الإنسان من استيفاء هذه الشروط: لم
يتمكن الإنسان من وضع الخرائط الدقيقة للأرض إلا في القرن العشرين الميلادي بعد أن
صنع الطائرات والصواريخ بعيدة المدى التي تحمل الأقمار الصناعية وآلات التصوير الدقيقة،
وغيرها من الأجهزة، حيث ولم يتمكن الإنسان من وضع خطوط الطول والعرض الدقيقة للأرض
إلا في القرن العشرين بعد أن تمكن من وضع الخرائط الدقيقة لسطح الأرض بأكمله ـ مشتملاً
على البحار والجزر والقارات، المرتفعات والمنخفضات على سطح الأرض طوط الطول والعرض
على الكرة الأرضية.
وأوضح أنه لم يتمكن من
معرفة المرتفاعات والمنخفضات على سطح الأرض إلا في القرن العشرين بعد أن امتلك الأجهزة
الدقيقة التي تحدد له إرتفاع كل جبل وانخفاض كل وادي على سطح الأرض، فهل توفرت هذه
الشروط في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، فالجواب لا .. ويعرف كل عاقل فضلا عن الباحثين
والدارسين فتأمل إلى أول خريطة للأرض وضعها الإدريسي في عام (1154م) بعد الهجرة النبوية
بحوالي خمس قرون ونصف لقد وضع اليمن جنوب شرق الجزيرة ووضع عُمان شمال شرق الجزيرة
وتأمل في الخريطة التي وضعها (جيوفاني لردو) بعده بثلاثة وتأمل إلى خريطة الجزيرة العربية
المأخوذة بالأقمار الصناعية لترى الفرق بين موقع مكة واليمن، فضلاً عن الفرق بين موقع
مكة وصنعاء.