لماذا تلتفون حول الكعبة وتقبلون الحجر الأسود وهو لا يضر ولا ينفع.. أليست هذه وثنية؟!
- الثلاثاء 17 سبتمبر 2024
سورة الرعد
من يتأمل
قوله تعالى في سورة الرعد " أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّا نَأۡتِي ٱلۡأَرۡضَ نَنقُصُهَا
مِنۡ أَطۡرَافِهَاۚ وَٱللَّهُ يَحۡكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكۡمِهِۦۚ وَهُوَ سَرِيعُ
ٱلۡحِسَابِ" سيجد أن التفسير اللغوي ووفقا لتفسير الوسيط، أن الأطراف،
جمع طرف، وهو جانب الشيء، ومعناه أعمي هؤلاء الكافرون عن التفكير والاعتبار، ولم يروا
كيف أن قدرة الله القاهرة، قد أتت على الأمم القوية الغنية- حين كفرت بنعمه -سبحانه-،
فصيرت قوتها ضعفا وغناها فقرا، وعزها ذلا، وأمنها خوفا ... وتقرير الآية عليه: أو لم
يروا أنا نحدث في الدنيا من الاختلافات خرابا بعد عمارة، وموتا بعد حياة، وذلا بعد
عز، وفقا لمنصة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم.
وقالت إن الحقيقة
العلمية، تتمثل في تناقص الأرض من أطرافها في العلوم الكونية، قد تعددت صورها منها:
أولا: انكماشها
على ذاتها
تفيد الدراسات
العلمية أن كوكب الأرض مر بمراحل متعددة، من التشكيل منذ انفصال مادتها عن سحابه الدخان
الكوني التي نتجت عن عمليه فتق الرتق، عبر سديم الدخان الذي تولدت عنه المجموعة الشمسية،
فكانت كومة ضخمه من الرماد ذات حجم هائل يقدر
بمائه ضعف حجمها الحالي، ومكونه من عدد من العناصر الخفيفة، ثم ما لبثت تلك الكومة
الابتدائية أن رجمت بوابل من النيازك الحديدية، والحديدية الصخرية، والصخرية. وبحكم
كثافتها العالية نسبيا اندفعت النيازك الحديدية إلى مركز تلك الكومة الابتدائية حيث
استقرت، مولدة حرارة عالية ادت إلى صهر كومة الرماد التي شكلت الأرض الابتدائية، والي
تمايزها إلى سبع ارضين سبق توضيحها بالتفصيل في التركيب الداخلي للأرض، وأدي هذا التمايز
في التركيب الداخلي للأرض إلى نشوء دورات من تيارات الحمل، تندفع من نطاق الضعف الأرضي(الوشاح
الأعلى) غالبا، لتمزق الغلاف الصخري للأرض إلى عدد من الألواح التي شرعت في حركة
دائبة حول نطاق الضعف الأرضي، نشأ عنها الثورات البركانية، والهزات الأرضية، والحركات
البانية للجبال، كما نشأ عنها دحو الأرض، بمعني إخراج كل من غلافيها المائي والغازي
من جوفها، وتكون كتل القارات.
ولكي يتم المحافظة
علي العلاقة النسبية بين كتلتي الأرض والشمس؛ كان لابد من انكماش الأرض على ذاتها،
لأن هذه العلاقة التي تضبط بعد الأرض عن الشمس، وذلك البعد الذي يحكم كمية الطاقة الواصلة
إلينا ولو زادت الطاقة التي تصلنا من الشمس عن القدر الذي يصلنا اليوم قليلا لأحرقتنا،
وأحرقت كل حي على الأرض، ولبخرت الماء، وخلخلت الهواء، ولو قلت قليلا لتجمد كل حي على
الأرض، ولقضي علي الحياه الأرضية بالكامل.
ثانيا: تفلطحها
قليلا عند القطبين، وانبعاجها قليلا عند خط الاستواء
في القرن السابع
عشر الميلادي؛ أثبت نيوتن نقص تكور الأرض عن طريق مادة الأرض التي تتأثر بالجاذبية
نحو مركزها، مع القوة الطاردة لها، الناشئة عن دوران الأرض حول محورها، وقد نتج عن
ذلك انبعاج بطيء في الأرض، ولكنه مستمر عند خط الاستواء، حيث تزداد القوه الطاردة المركزية
إلى ذروتها، وتقل قوه الجاذبية إلى المركز إلى أدنى قدر لها، ويقابل ذلك الانبعاج الاستوائي
تفلطح (انبساط) قطبي غير متكافئ عند قطبي الأرض؛ حيث تزداد قوتها الجاذبة، وتتناقص
قيمة القوة الطاردة المركزية، والمنطقة القطبية الشمالية أكثر تفلطحا من المنطقة القطبية
الجنوبية. ويقدر متوسط قطر الأرض الاستوائي بنحو12756.3 كم، ونصف قطرها القطبي بنحو12713.6
كم، وبذلك يصبح الفارق بين القطرين نحو42.7 كم، ويمثل هذا التفلطح نحو33.% من نصف
قطر الأرض، مما يدل علي أنها عمليه بطيئة جدا، تقدر بنحو1 سم تقريبا كل ألف سنه،
ولكنها عمليه مستمرة منذ بدء خلق الأرض، وهي إحدى عمليات إنقاص الأرض من أطرافها.
ثالثا: اندفاع
قيعان المحيطات تحت القارات وانصهارها
يمزق الغلاف
الصخري للأرض بواسطه شبكه هائلة من الصدوع العميقة التي تحيط بالأرض إحاطة كاملة، وتمتد
لعشرات الآلاف من الكيلومترات في الطول، وتتراوح أعماقها بين65 كم و120كم، وتفصل
هذه الشبكة من الصدوع الغلاف الصخري للأرض إلى 12 لوحا رئيسيا، وعدد من الألواح الصغيرة
نسبيا، ومع دوران الأرض حول محورها؛ تنزلق ألواح الغلاف الصخري للأرض فوق نطاق الضعف
الأرضي متباعدة عن بعضها البعض، أو مصطدمة مع بعضها البعض، وينتج عن هذه الحركة اندفاع
الصهارة الصخرية عبر مستويات الصدوع، خاصة التي تشكل محاور حواف أواسط المحيطات، فتؤدي
إلى اتساع قيعان البحار والمحيطات لعدة سنتيمترات في كل عام وتجدد صخورها، وينتج عن
هذا التوسع اندفاع صخور قاع المحيط يمينا ويسارا في اتجاهي التوسع، ليهبط تحت كتل القارات
المحيطة في الجانبين؛ بنفس معدل التوسع (أي بنصفه في كل اتجاه).
رابعا: عوامل
التعرية المختلفة
نظرا لاختلاف
كثافة صخور الغلاف الصخري؛ فسطح الأرض ليس تام الاستواء، لذلك يوجد نتوءات عديده في سطح الأرض، حيث تتكون قشره الأرض
من صخور خفيفة مثل كتل القارات والمرتفعات البارزة علي سطحها، وهناك أيضا انخفاضات
مقابلة لتلك النتوءات؛ حيث تتكون قشره الأرض من صخور عالية الكثافة نسبيا، مثل قيعان
المحيطات والأحواض المنخفضة علي سطح الأرض، فتكون التعرية من المرتفعات للمنخفضات
من سطح الأرض، حتى تتم التسوية، وذلك إحدى صور نقصان الأرض من أطرافها .
خامسا: طغيان
مياه البحار والمحيطات على اليابسة وإنقاصها من أطرافها:
ومن الثابت علميا أن غالبيه الماء
العذب على اليابسة محجوز بكم هائل من الجليد فوق قطبي الأرض، وفي قمم الجبال، يصل سمكها
في القطب الجنوبي إلى أربعة كيلو مترات، ويقترب من هذا السمك قليلا في القطب الشمالي
(3800 متر)، وانصهار هذا السمك الهائل من الجليد؛ سوف يودي إلى رفع منسوب المياه
في البحار والمحيطات لأكثر من مائة متر، ومع ازدياد تلوث البيئة الذي يؤدي بدوره إلى
ارتفاع درجة الحرارة؛ أصبح انهيار الجليد محتملا فتتعرض حواف القارات للتعرية بواسطة
حركة المياه في البحار والمحيطات؛ (من مثل التيارات المائية، وعمليات المد والجزر،
والأمواج السطحية والعميقة)، إلى ظاهرة (التحات) البحري، وهو الفعل الهدمي لصخور
الشواطئ، وهو من عوامل إنقاص الأرض (اليابسة) من أطرافها.
سادسا: التصحر
وهو زحف الصحراء على المناطق الخضراء وانحسار التربة الصالحة للزراعة من خلال التلوث البيئي؛ فقد بدأ زحف الصحاري على مساحات كبيرة من الأرض الخضراء، وذلك بالرعي الجائر، واقتلاع الأشجار، وتحويل الأراضي الزراعية إلى أراض للبناء، وندرة المياه نتيجة لموجات الجفاف، والجور علي مخزون المياه تحت سطح الأرض، وتملح التربة، وتعريتها بمعدلات سريعة تفوق محاولات استصلاح بعض الأراضي الصحراوية، فيؤدي ذلك في انكماش المساحات المزروعة سنويا بمعدلات كبيرة، خاصة في المناطق القارية وشبه القارية نتيجة لزحف الصحاري عليها، ويمثل ذلك صورة من صور خراب الأرض بإنقاصها من أطرافها.
وأشارت المنصة إلى أن وجه الإعجاز العلمي، في
اللفظ القرآني (نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا) يدل على الشمول والدقة في التعبير، فكانت
الصور المختلفة للعمليات الجيولوجية في ما سبق شرحه في الحقيقة العلمية دلالة على نقص
جزء من الأرض بسبب تأثير العوامل المؤثرة عليه، فسبحان الله الذي أنزل كتابه بالحق
على رسوله صلى الله عليه وسلم؛ ليكون معجزة الأولين والآخرين، وشهادة صدق للنبي الكريم
الذي يوحى إليه من رب العالمين، الصادق الأمين، الذي لا ينطق عن الهوى صلوات ربي وسلامه
عليه وعلى آله وصحبه وسلم.