نهر الفرات ونبوءة الذهب.. حين يسبق الحديث الشريف علوم الجيولوجيا
- الإثنين 21 أبريل 2025
سورة الأنعام
قال الدكتور فاضل السامرائي، إن سورة الأنعام، وهي أول سورة مكية في ترتيب المصحف
بعد ما سبقها من سور مدنية، كما أنها أول سورة ابتدأت بالحمد (الحمد لله الذي خلق السموات
والأرض)، لافتا في الوقت نفسه إلى أنه من مميزاتها أنها نزلت ليلاً دفعة واحدة وأنه
شيّعها سبعون ألف ملك, والسبب في هذا الامتياز أنها مشتملة على دلائل التوحيد والعدل
والنبوة والمعاد وإبطال مذاهب المبطلين والملحدين, ويقول الإمام القرطبي إن هذه السورة
أصلُ في محاجة المشركين وغيرهم من المبتدعين ومن كذّب بالبعث والنشور وهذا يقتضي إنزالها
جملة واحدة. ونزولها ليلاً لما في الليل من سكينة للقلب ومدعاة للتأمل والتفكر في قدرة
الله تعالى وعظمته. وتناولت سورة الأنعام القضايا الأساسية الكبرى لأصول العقيدة والإيمان
وهذه القضايا يمكن تلخيصها فيما يلي:
وتابع: قضية الألوهية قضية الوحي والرسالة قضية البعث
والجزاء، حيث الحديث في هذه السورة يدور بشدة حول هذه الأصول الأساسية للدعوة ونجد
سلاحها في ذلك الحجة والبرهان والدلائل القاطعة للإقناع لأنها نزلت في مكة على قوم
مشركين، ومما يلفت النظر في السورة الكريمة أنها عرضت لأسلوبين بارزين لا نكاد نجدهما
بهذه الكثرة في غيرها من السور وهما: أسلوب التقرير وأسلوب التلقين. ونرى هذين الأسلوبين
يأتيان بالتتابع في السورة فتأتي الآيات التي يذكر الله تعالى لنا البراهين على عظمته
وقدرته في الكون ثم تنتقل الآيات للحجة مع المشركين والملحدين والبعيدين عن التوحيد.
ولفت إلى أن أسلوب التقرير: يعرض القرآن الأدلة المتعلقة
بتوحيد الله والدلائل المطلوبة على وجوده وقدرته وسلطانه وقهره في صورة الشأن المسلّم
ويضع لذلك ضمير الغائب عن الحس الحاضر في القلب الذي لا يماري فيه قلب سليم ولا عقل
راشد في أنه تعالى المبدع للكائنات صاحب الفضل والإنعام فيأتي بعبارة (هو) الدالة على
الخالق المدبر الحكيم. وفي هذه الآيات تصوير قرآني فني بديع بحيث يستشعر قارئ الآيات
عظمة الله وقدرته وكأن الآيات مشاهد حية تعرض أمام أعيننا. وقد ورد لفظ (هو) 38 مرة
في السورة ومن هذه الآيات:
الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ
وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ (آية 1)
هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسمًّى
عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ (آية 2)
وَهُوَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهرَكُمْ
وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ (آية 3)
وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (آية
18)
وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ
مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ
حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ
(آية 59)
وأكمل : وهكذا تتوالى السورة
بمجموعة من الآيات التي تدل على قدرة الله تعالى ثم تتبعها آيات مجادلة ومواجهة مع
المشركين والملحدين، ثم تأتي قصة سيدنا إبراهيم مع قومه وسبب ورود هذه الجزئية من قصة
سيدنا إبراهيم في سورة الأنعام مناسب لأسلوب الحجة وإقامة البراهين والأدلة عند مواجهة
المشركين والملحدين فجاءت الآيات تعرض قصة سيدنا إبراهيم ومحاجته لقومه من الآيات 74-
83، ثم تأتي آية فاصلة في السورة تدلنا على أن آيات الله تعالى في الكون ترى ولكن القلوب
إذا عميت لا تراها وتجحد بها وتكفر. (قَدْ جَاءكُم بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ
أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ
(الآية 104)