ما الحكمة من وجود المعصية ؟

  • أحمد نصار
  • السبت 20 يوليو 2024, 09:52 صباحا
  • 206
تعبيرية

تعبيرية

 يطرح البعض سؤالا يريد أن يعرف الحكمة من تقدير الله تعالى لوجود الطائعين والعاصين، وفيه استشكال للقدر، والاعتراض أو التمني أن يكون الناس كلُّهم مؤمنين، فاعلين للخير، ويدخلوا الجنةَ بغير ابتلاء.

أولا أن كل فعل يفعله اللهُ تعالى له فيه حكمةٌ، عرفناها أو لم نعرفها؛ فلا يُسأَلُ عن حكمتِه على وجه الاعتراض مصداقا لقوله تعالى في سورة النساء {وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}، وكذلك قوله تعالى في سورة الأنعام "وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ" وأيضا قوله تعالى في سورة آل عمران" {وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}، وقد علمنا من شواهد الأدلة ِ: أن اللهَ تعالى عليمٌ قديرٌ، وعزيزٌ حكيمٌ، ورؤوفٌ رحيمٌ أيضًا؛ فلا بد مِن حكمة عظيمة تشتمِلُ على آثار هذه الأسماء، فإذا علِمنا أن اللهَ تعالى له الحكمةُ البالغةُ التي عرفنا منها القليلَ الذي أدهَشَنا بكمالِه، فلا يضرنا إذا لم نَعلَم الباقي.

كما أنه ليس لأحد من خلقِه سبحانه أن يسألَهُ عما يفعل؛ ما دام أن أحدًا مِن خلقِهِ ليس إلهًا، وليس لدَيْهِ العِلمُ - ولا إمكانُ العِلمِ - بالنظامِ الكُلِّيِّ لهذا الكون، ومقتضَياتِ هذا النظامِ في طبيعةِ كلِّ كائنٍ في هذا الوجودِ؛ قال سبحانه في سورة الأنعام "قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ" وقال تعالى في سورة الأنبياء: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ}، وفقا لصفحة الدعوة الإسلامية .

وأضافت الصفحة أنه بوجودِ الطاعةِ والمعصية، والإيمانِ والكفرِ، تَظهَرُ حِكَمٌ كثيرةٌ؛ فبوجودِهما يحدُثُ التدافُعُ بين الخيرِ والشر، ويحدثُ التدافع بين الحق والباطل، ويحدُثُ التدافُعُ بين الكفرِ والإيمان، وتَظهَرُ حَلاوة الطاعة ومَرارة المعصية، وتظهَرحَلاوة التوبة، ومَرارةُ التمردِ والعصيان، ولولا قبح المعصية ما عرِفَ حسن وجمال الطاعة، ولولا وجودُ العصاة ما عرفَتْ نعمةُ الهداية، ولولا اقتراف المعاصي ما عرفت نعمةُ التوبة، والضد يظهِر حسنَهُ الضد، وبضِدها تتميزُ الأشياءُ.

وتابعت: أن  الإنسانُ ليس مجبورًا مطلَقًا على فعلِ الكفر، بل له قدرةٌ على تركِ ذلك؛ فهو كفَرَ بإرادتِه وقدرته واختيارِه:

فانقسامُ الناسِ إلى صالِحينَ ومنحرِفينَ، وترتب الثوابِ والعقاب على أفعالِهم -: أمرٌ طبَعي، ومتسق مع كمالِ العدلِ الإلهي، والحكمةِ الإلهية، ومع طبيعة النفسِ البشَريَّة وخصائصِها التي تميِّزُها عن الحيوانات، وبالتالي: فالاعتراض أو تمنِّي غير ما وقَعَ، لا معنَى له.

وختمت: كما أن اختيارِ الإنسانِ ميزة قد ميزه اللهُ بها عن كثير مِن المخلوقات؛ فليس الإنسانُ كالحيوانِ أو الجمادِ، بل الإنسان يطيع اللهَ باختيارِه، والعجيب أن من يعترِض على عدمِ جعلِ الناسِ جميعا طائعين مؤمِنين، هو في الحقيقة يعترِض على جعل الإنسانِ مخيرا ولا مسيرا ، وهو في الحقيقة يعترض على المِيزةِ التي تميَّز بها الإنسان عن الحيوانِ وعن الجماد.

تعليقات