هكذا برع العلماء المسلمون في علم الميكانيكا؟

  • أحمد نصار
  • الثلاثاء 02 يوليو 2024, 07:48 صباحا
  • 390
تعبيرية

تعبيرية

  في أواخر القرن التاسع الميلادي، وتحديداً عام 870 ميلادية، كان البلاط الإمبراطوري في فرنسا يضج بأخبار مفاجأة كبيرة: هدية مذهلة من الشرق، مقدمة من الخليفة العباسي هارون الرشيد، الرجل الذي تملأ سيرته الأجواء بالأساطير، أرسل إلى شارلمان، ملك الفرنجة، ساعةً مائيةً ضخمة، تحفة فنية صنعت من النحاس الأصفر بمهارة تثير الدهشة والغرابة.

وكانت هذه الساعة، التي لم يرَ الأوروبيون مثلها من قبل، بارتفاع نحو 4 أمتار، وكأنها جدار يعانق سقف القصر، حيث كانت تعمل بالقوة المائية، ما يجعلها تتحرك بدقة متناهية بفضل الجاذبية الأرضية، وتجلب معها إيقاعاً جديداً للوقت في القصر.

عند تمام كل ساعة، كانت تسقط كرات معدنية كبيرة من داخل الساعة على قاعدة نحاسية مفرغة، تُحدث رنيناً يتردد صداه في أنحاء القصر. في ذات الوقت، يُفتح باب من الأبواب الإثني عشر المصفوفة حول وجه الساعة، ويمثل كل باب ساعة من ساعات النهار أو الليل. عند دقات الساعة، كان يخرج فارس مذهل، يدور حول الساعة، ثم يعود ليختفي في قلب الآلة المذهلة. وعندما تحل الساعة الثانية عشرة، يخرج من الأبواب جميعها اثنا عشر فارساً في موكب مهيب، يدورون حول الساعة دورة كاملة، قبل أن يعودوا إلى داخلها وتغلق الأبواب خلفهم، لتصبح الساعة مرة أخرى في سكونها الساحر، وفقا لصفحة نهاية الإلحاد.

وتابعت الصفحة: أنه في وصف كاتم سر الملك شارلمان، كانت هذه الساعة أشبه بتحفة سحرية. قال: "إنها مصنوعة من النحاس الأحمر المطلي بالذهب، وبها عدة تروس، وتبين الوقت على ميناء. تدق الساعات على جرس عند سقوط كرات صغيرة من الحديد، يساوي عددها عدد الساعات التي تدقها. بها اثنتا عشرة نافذة تفتح من تلقاء نفسها عند الدق، ويخرج من كل نافذة فارس يتحرك حركة عسكرية حول نفسه، ثم يعود مرة أخرى ويختفي داخل جهاز الساعة."

جلبت هذه الساعة إعجاباً ودهشة، لكن ما كان يثير الإعجاب تحوّل إلى رعب في قلوب الحاشية. اعتقدوا أن شيطاناً يسكن هذه الساعة الغريبة، وأن هارون الرشيد أرسلها كخدعة لتحطيم حكمهم. دفعهم هذا الخوف إلى الهجوم على الساعة ليلاً، فحطموها بفؤوسهم، ليكتشفوا عند الفجر أن الساعة كانت مكونة من آلات معقدة فقط، لا شيء سواها، وهو ما جعل شارلمان يدخل في دوامة منم الحزن الشدد ً، وأمر بجمع العلماء والصناع المهرة لمحاولة إصلاح الساعة، لكنهم فشلوا في ذلك. كان بعض مستشاريه يقترحون عليه أن يخاطب هارون الرشيد ليرسل فريقاً عربياً لإصلاحها، لكن شارلمان، بخجل شديد، رفض ذلك قائلاً: "إنني أشعر بخجلٍ شديدٍ أن يعرف خليفة المسلمين في بغداد أننا ارتكبنا عاراً باسم الفرنجة كلها."

سجلت كتب التاريخ أن المسلمين  كانوا سباقين في تطوير آلات قياس الزمن. ففي عهد الخليفة المأمون، أُهدي إلى ملك فرنسا ساعة أكثر تطوراً، تُدار بالقوة الميكانيكية بواسطة أثقال حديدية معلقة في سلاسل بدلاً من القوة المائية. برع العلماء المسلمون في هذا العلم، الذي سُمي بعلم "الحيل"، وهو ما عرف عند الإغريق بالميكانيكا.

 

تعليقات