"الإيجاد والإتقان".. هيثم طلعت: دلائل وجود الخالق لا تعد

  • جداريات Jedariiat
  • السبت 22 يونيو 2024, 10:01 مساءً
  • 147
هيثم طلعت

هيثم طلعت

قال الدكتور هيثم طلعت، الباحث في ملف الإلحاد، إن دلائل وجود الخالق سبحانه كثيرة لا تُحصى.

وأوضح في كتابه "بصائر" أن القرآن الكريم يقدم لنا  ثلاث مراتب من الأدلة الكبرى على وجود الخالق سبحانه، ومراتب أخرى استئناسية كثيرة.

أكد أنه يقدم الأدلة العقليَّة التي يطرحها القرآن الكريم في إثبات وجود الخالق، وهذه الأدلة تستوي حُجتها في نظر المؤمن بالقرآن وغير المؤمن به؛ لأنها أدلة عقلية، وتشمل ما يلي:

الدليل الأول وهو: دليل الإيجاد:

كل شيء مُحدَث، أي: وُجد بعد أن لم يكن موجودًا، لا بد له مِن مُحدِث أي: موجِد، ووالكون كلُّه بكل ما فيه من مادَّة وقوانين وأفلاك، مُحدَث بلا خلاف بين علماء الأرض، والكون وُجِد بعد أن لم يكن موجودًا، والشيء المُحدَث الذي وُجد فيه بُرهان آكد على المُوجِد! هذه بديهة يستوي في التسليم لها كل البشر.

أشار "طلعت" إلى ما قاله  ستيفن هوكينج في كتابه الشهير تاريخ موجز للزمن: "وجود بداية للكون هذا الأمر له لوازم دينية"، كمايقول الفيزيائي فرانك تبلر Frank Tipler: "لقد بدأت حياتي المهنية كملحد، لم أتصوَّر حتى في أحلامي أن حدوث قوانين الفيزياء ستدفعني إلى الإيمان بالخالق، فكل شيء وُجد فيه برهان على الموجِد.

وبالتالي فكل ذرَّة وكل جُسَيم في الكون، وكل نشاط لذرَّة هي براهين بعضها فوق بعض على وجود الخالق، فهذا الوجود وهذه الذرَّات وهذه الجُسيمات؛ هذا الكون بكل ما فيه من مادة هو كون عَرَضي مُحدَث ليس أزليًّا.

وشدد على أن الكون بكل قوانينه ونواميسه غير مُكتفٍ بذاته، وإذا استقرت هذه البديهيات العِلميَّة في ذهنك فسينصرف عقلُك إلى الموجِد، وسيتبرهن لك بأن لهذا الكون خالقًا لا مَحالة، وهذا يُسمى بـ: "برهان الإيجاد" وما أكثر آيات القرآن الكريم التي تلفت أنظارنا إلى هذا البرهان، وتدفعُنا دفعًا للتفكر فيه والتأمل، ودعا لقراءة قولَه تعالى: {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ} [يونس: 101]، وقوله سبحانه: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} [الأعراف: 185]، مشددا على أن كل شيء خُلِق، كل شيء أُحدِث، كل شيء وُجِدَ؛ فيه دليل عقليٌّ وبرهنة مباشرة على الموجِد!

الدليل الثاني وهو: دليل الإتقان:

بين الباحث في ملف الإلحاد، أن كل شيء في الوجود على الإطلاق من الكواركات -أصغر جُسَيم تمَّ رصده- إلى أكبر الأجرام، كل شيء في الكون يحمل درجة من درجات التعقيد الوظيفي.

وأشار إلى أن التعقيد الوظيفي أي: يُؤدي وظيفة متخصصة ومُهمة مُحدَّدة، يحمل درجة من الإتقان، منوها إلى أن هذا الإتقان، هذا التعقيد الوظيفي، هو مرتبة زائدة على مجرد الوجود، وموضحا أن فالوجود مرتبة، والتعقيد الوظيفي -الإتقان- مرتبة زائدة على مجرد الوجود.

وأكمل: لو نظرت مِن حولك فكل شيءٍ حولك مُصمَّم بشكلٍ معين ليؤدي وظيفة محددة، ولو نظرت في أعمق أعماق الذرَّة ستجد أن الكوارك -أصغر جُسيم على الإطلاق تمَّ رصده- مُصمَّمٌ بشكل معين لأداء مهمة مُحدَّدة، فالذرَّة والفوتون والقوانين الفيزيائية والطاقة، كل شيء له وظيفة ويؤدي مُهمة، حتى العناصر المشعَّة لها دورها الحيوي في تمايُز طبقات الأرض!

كذلك الروابط بين الذرات: الروابط الكيميائية الأيُّونيَّة والتساهمية التي تجري بين الذرَّات لتكوين الجزيئات، وكيف أنَّ الذرة تقبل هذا التعاقد، وترفض تعاقدًا آخر؟ فتقبل ذرةُ الصوديوم التعاقدَ مع ذرة الكلور لتكوين ملح الطعام، بينما ترفض الذرَّات المكوِّنة للسيراميك التعاقد مع الذرات في خلايا جلدك!

وواصل كل  ما حولك يحمل تعقيدًا وظيفيًّا، كل ما حولك يحمل تسخيرًا لعملٍ مُحدَّدٍ، وهذا التعقيد والتسخير والإتقان هو بُرهان خَلْق وإبداع، لذلك الملحد الشهير أستاذ ميكانيك الكم بجامعة أوكسفورد ديفيد دوتش يستهزئ من الحال التي وصل إليها الملاحدة فيقول: "إذا زعم أيُّ إنسان أنه لم يتفاجأ من الإتقان والدقة في هذا الكون وقوانين هذا الكون، فهو ببساطة يدسُّ رأسه في الرمل؛ المفاجآت كثيرة وغير مُتوقعة".

فالإتقان في الكون يفاجئ العلماء. وما أكثَرَ الآيات التي تحدثت عن دليل الإتقان في القرآن الكريم: قال الله عز وجل : {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} [النمل: 88]. وقال سبحانه: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} [السجدة: 7]. وقال عزَّ مِن قائل: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} [الأعلى: 1-3].

وكثيرة هي الآيات التي تُؤكد هذا البرهان العقلي السامق: برهان الإتقان لكن للأسف هذا الإتقان لا يبهر كثيرًا من الملاحدة مِمَّن يُجهزون للسفسطة حتى قبل أن يتأملوا البرهان الذي يحمله هذا الإتقان! ولذلك فقد أحسن ديفيد دوتش حين وصفهم بأنهم: "يدسُّون رؤوسهم في الرمال"!

ودعا هيثم طلعت لتأمل الإتقان في زهرة الأوركيد Orchid التي تتخذ صورة تُطابق تمامًا صورة أُنثى النحل، فيأتي ذَكَر النحل محاولًا تلقيحها فتلتصق حبَّات غُبار الطلع في رأسه، ويقوم بالعملية نفسها في أوركيد أخرى، فيقوم بالتلقيح المثالي لزهرة الأوركيد دون أن يدري.

 والأعجب من ذلك أن زهرة الأوركيد Orchid تُفرز نفس الرائحة الخاصة بأُنثى النحل فيرمون Pheromone أُنثى النحل، وليس شكلها فقط.

كما دعا للتأمل في هذه الزهرة العجيبة زهرة الأوركيد، مردفا: "لا تنسَ أنها كائن لا يعي من أمره شيئًا، ولا يُدبِّر من أمره شيئًا ومع هذه الخاصية المعجزة للتلقيح عند الأوركيد، فهي تعيش في توازُن بيئي مثالي مع غيرها من الكائنات، فلا تطغى عليها بحيث تنتشر في الأرض على حساب غيرها من النباتات؛ فسبحان فاطر الخَلق، ومُودِع عجيب الصنع في كل شيء".

وحتى تشارلز داروين نفسه اعترف قبل عام من وفاته أن ما تقوم به زهرة الأوركيد يعصف بعقله؛ نعميعصف بلاأدريته، ويعصف بكفره!( ) لكنَّ بعض الملحدين المعاصرين للأسف لا يُعصفون، ولا يتأثرون بهذه الأمور ولا بهذه البراهين، فهم يعيشون حالة من السفسطة الجاهزة!فما أعجَبَ براهين الإتقان لو تدبَّروها!

ومَن نظر في براهين الإتقان بتجرُّدٍ للحق، سيُسلم بالخالق البارئ المُصور الهادي العليم الحكيم القدير!

وأكمل: إذا أردت أن ترصُد بنفسك أحد أوجُه براهين الإتقان الإلهي، فاذهبْ لأحد معامل التحاليل الطبية، وانظر إلى معايير ضبط الهُرمونات في أجسادنا!

هرون النمو Growth hormone على سبيل المثال، انظر في تركيزه في الدم:  5 نانو جرام، وبمُعادلة رياضيَّة بسيطة، تجد أنَّ جرامًا واحدًا من هذا الهرمون مُقسَّم على ثلاثة آلاف إنسان، انظر لمقدار الدقة المبهرة.

ولو ازدادت نسبة هذا الهرمون بمقدار يُقاس بأجزاء من المائة مليون من الجرام؛ فإن هذا قد يؤدي إلى مرض العملقة، ولو قلَّت بأجزاء من المائة مليون من الجرام قد تؤدي إلى مرض التقزُّم، تغيُّرات كاملة في بنية الهيكل العظمي: عَمْلقة أو تقزُّم، نتيجة زيادة أو نقص بهذا القدر البسيط والمدهش من هرمون النمو.

 أما لو نظرت في هرمون الأدرينالين، ذاك الهرمون العجيب الذي تشعر بتأثيره لحظة الخوف، ولحظة الخطر، فيُسرع دقات ضربات القلب، ويضخُّ الدم إلى العضلات، ويزيد من قُوَّة انتباهك، هذا الهرمون لو نظرت فيه لوجدت أنه مُقدَّر بضبط مبهر في دمك، بحسب حديث هيثم طلعت في كتابه. 

 ويضيف: بمُعادلة رياضيَّة بسيطة، فإنَّ حجم ملعقة واحدة منه تقريبًا تُوزع على عشرات الآلاف من البشر "تخيَّل دِقة أن ملعقة واحدة تُوزع على عشرات الآلاف من البشر! مشيرا لقول الله: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49].

تعليقات