كيف عزز القرآن تعارف الحضارات ؟

  • أحمد نصار
  • الثلاثاء 21 مايو 2024, 07:54 صباحا
  • 309
القرآن الكريم

القرآن الكريم

يقول رب العزه في كتابه العزيز في سورة الحجرات: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير )، فجاء القرآن الكريم فى الآية الكريمة وأشار إلى ذلك، ثم وجه إلى التعارف، ورتب ذلك التعارف على انقسام البشر إلى شعوب وقبائل، بل جعله هو الغرض من انقسامهم، فليس المقصود إذًا بالتعارف ما يقع بين الأفراد، بل المقصود حركة تعارف أممية، يحدث فيها بين أمم البشر سريانٌ للعلوم والمعارف، وتتبادل فيه الأمم الفنون والآداب، بحيث تطلع الأمم على موروث جديد لم تتوجه هى إليه، ثم يجرى بعد ذلك ترشيح وانتقاء من كل أمة، للعلوم والمعارف الواردة عليها، فتقبل وترد، وتضيف وتكمل.

وقد حدث ذلك فى تاريخنا، حيث جاء التتار إلى ديارنا فى هجوم بربرى همجي، أحدث عندنا مأساة، من أكبر مآسى تاريخنا، ثم انجلت الكربة، وحصل التعارف، فاكتشفت كل أمة ما عند الأمة الأخري، ودخل المغول فى الإسلام من جهة، ومن جهة أخرى أعجب المسلمون بالنسق المغولى فى العمارة والبناء فنقلوه، وظل معروفًا فى الفنون الإسلامية إلى يومنا هذا بالفن المغولي، وهكذا، وللأستاذ السيد: محمد على البار كتاب مهم عنوانه: (كيف أسلم التتار؟؟)، وهو مطبوع، هذا ما أكده الدكتور أسامة الأزهري، مستشار رئيس الجمهورية،للشؤون الدينية، على صفحته الرسمية على الفيس بوك.

وأوضح: أنه إذا، كأنَّ الشرعَ الشريفَ جاء بدعوة عالمية إلى تعارف الأمم، وخاطب بها الناس أجمعين، وكان فى إمكان المسلمين أن يقتنصوا تلك الدعوة، وأن يؤسسوا بها فكرة عالمية نسميها مثلًا: (تعارف الحضارات) بدلًا من فكرة: (صدام الحضارات) التى بنيت على هوية وفكر لا يؤمـن بالله ولا برسوله، فنظرته إلى الكون والحياة نظرة الصدام، وكان بوسعنا أن ندعو منذ قرون إلى عولمة قائمة على أصولنا وقيمنا وهويتنا، نحن نصنعها، أو نشارك فيها مشاركة مؤثرة، توصل هداية القرآن ومبادئه إلى الناس أجمعين.إضافة إلى أن القرآن أعلى من قيمة التقوي، وجعلها معيار التفاضل بين البشر، مما يعزز من قدر القيم، والآداب، والأخلاق، فيوجه الخلق فى الجملة إلى نمط راق من التعامل البشري، يقصد به المسلم المنزلة عند الله، ونيل رضاه، ويقصد به غير المسلم المثالية والرقي، ويكفى أن يرث ذلك من نبع القرآن. أرأيت كيف أن تقسيم الهداية القرآنية إلى هداية عامة وهداية خاصة، وأن وضوح ذلك فى ذهن التالى للقرآن الكريم شديد الأهمية، عظيم الأثر.

وختم قائلا: إن علاقة المسلمين بغير المسلمين علاقة تفاعلية واسعة، تعتمد على المدخل الفقهي، والمدخل القيمى الأخلاقي، ومدخل السنن الإلهية المتعلقة بالاجتماع البشري، ومدخل الهداية، مما يجعل العلاقة البينية بين المسلمين وغيرهم واسعة، والأصل فيها هو الهداية والدعوة والأخلاق، وما سوى ذلك فهو أحوال عارضة وطارئة، تطرأ وتزول. فعندما عبر القرآن الكريم بقوله: («شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ» (سورة البقرة، آية 185) كان يهذب عقل الإنسان المسلم وينوره، ويبصِّره بالمقصود والمراد، ويجعله يبنى جسورا بينه وبين عموم الناس، وأن هذه الجسور قائمة على فكرة الهداية الممزوجة بالأدب والحكمة والحرص والرحمة. (..وللحديث بقية)

تعليقات