د. حسام خطاب يكتب: البغي النسوي الشامل

  • جداريات Jedariiat
  • الأحد 19 مايو 2024, 08:28 صباحا
  • 371
البغي النسوي الشامل

البغي النسوي الشامل

ينبغي أن يُعلم أولا أنَّ الحركة النسوية في الغرب ما هي إلَّا حركة مترفة، تولى كبرها سيدات الطبقة البرجوازية العليا، وعليه، فكيف تُجمع المرأة البرجوازية الغنية المترفة البعيدة كل البعد عن حياة التهميش الاقتصادي والاجتماعي، مع المرأة العاملة المقهورة التي تعاني من الاستغلال؟ كيف تلتقي مصالح الأولى مع الثانية؟ بل كيف يمكن إغفال حقيقة أنَّ الأولى قد تكون مشاركة في استغلال الثانية وتهميشها.

أليس من الوارد أن تكون المرأة هي بنفسها مضطهدةً أختها وظالمةً لها وساحقةً لها؟ إذ لا أدلَّ على ذلك من ثناء الأولى صاحبة الإعلام على تفوق ابنتها الوزيرة والبرلمانية والمديرة والأديبة والطبيبة والفلكية والمهندسة وامرأة الأعمال! ثم إهمالها لابنتها الأخرى – التي هي أكثر عددًا وأقل مددًا - كالمربية والخادمة والسكرتيرة والبائعة والمحصلة وعاملة النظافة وعاملة الاستقبال ومقدمة الخدمات! إنَّ هذا لأول البغي.

ثم إنَّ ذلك البغي نابع من علاقة المرأة الملتبسة مع الرجل، إذ بحسب سيمون دو بوفوار - أن تكون المرأة رجلًا سائر الرجال لَهي الغاية التي يجب على المرأة أن تضعها نصب أعينها، وذلك بأن يكون مطلب المرأة الأعظم أن تفكر وتعمل وتكتب وتعيش مثل الرجال أن تتمثل طريقة الرجال العباقرة، وتفعل مثل ما فعلوا وتفكر مثل ما فكروا، وتسافر كما سافروا، لتصبح عبقرية مثلهم، وإلا فإنَّها ستبقى منحصرة مشكلاتها وآمالها الخاصة ولن تستطيع أن تربط ذلك في بمجموع الإنسانية كما يفعل الرجل. إن الإنسان استطاع حتى الآن أن يتجسد في الرجل وليس في المرأة».

وكما ترى فإنَّ العلاقة الأولى للنسوية مع الرجل هي علاقة انبهار، فكان أن سعت النسوية إلى المساواة، لكن الخطوة التي تلتها كانت تحطيم ذلك الرجل، أو هدم كل الفروقات البيولوجية والاجتماعية بينهما، ومن ثم التعايش ضمن منظومة الجندر ليصير الكل على سواء.

وإن كل من يعزز من تلك الفروقات متهم في نظر النسوية، وأيما رجل كان متخلقا بأوصاف الرجولة فهو عدوُّ النساء الأوحد، وأما الحبيب البريء، فهو من كان ناقص الفحولة، مخنثًا، أو من كان مثل يًّا (شاذا).. وفي نظر النسوية: فالرجل ما دام رجلًا حقا، فهو مذنب مهما قال أو فعل إلى أن يثبت العكس! ذلك البغي الثاني.

وأما البغي الثالث فهو شيطنة الرجل بشيطنة سلطته، والتي هي أمر فطري جبلي أودعه الله فيه. إذ إنّ الرجل يحتاج إلى الإنجاز من أجل تحقيق ذاته على عكس المرأة - من حيث الأصل وقبل أن تتعرض للمؤثرات النَّسْوية الثقافية - فهي غیر محتاجة إلى السلطة كالرجل تعترف بذلك السياسية والإعلامية فرانسواز جيرو: السلطة، أي سلطة، تنزع من المرأة التي تمتلكها من الجاذبية أكثر مما تضيفه لها».

تعليقات