حسان بن عابد: المهارات الغريزية في عالم الحيوان دلالة واضحة على العناية الإلهية (فيديو)
- السبت 23 نوفمبر 2024
صخرة ـ تعبيرية
قال الدكتور منصور أبو شريعة العبادي، الأستاذ بجامعة
العلوم والتكنولوجيا الأردنية، إنه تم الاستعانة بصور جوجل إيرث، للإطلاع على المواصفات
المذكورة في تفاسير القرآن الكريم للصخرة التي خرجت منها ناقة صالح بتحديد مكان هذه
الصخرة.
وتابع: أنه جاء في تفاسير القرآن الكريم المختلفة، أن الناقة
التي أرسلها الله سبحانه وتعالى كآية إلى قوم ثمود قد خرجت من صخرة عظيمة تقع منفردة
في ناحية الحجر، فقد ذكر المفسرون أن ثمود اجتمعوا يوماً في ناديهم، فجاءهم رسول الله
صالح عليه السلام، فدعاهم إلى الله، وذكرهم، وحذرهم، ووعظهم، وأمرهم، فقالوا له: إن
أنت أخرجت لنا من هذه الصخرة -وأشاروا إلى صخرة هناك، وذكروا أوصافاً سموها ونعتوها
وتعنتوا فيها، وأن تكون عشراء، طويلة، من صفتها كذا وكذا.. فقال لهم النبي صالح عليه
السلام: أرأيتم إن أجبتكم إلى ما سألتم على الوجه الذي طلبتم أتؤمنون بما جئتكم به
وتصدقوني فيما أرسلت به؟ قالوا: نعم. فأخذ عهودهم ومواثيقهم على ذلك. ثم قام إلى مصلاه،
فصلى لله عز وجل ما قدر له، ثم دعا ربه عز وجل أن يجيبهم إلى ما طلبوا، فأمر الله عز
وجل تلك الصخرة أن تنفطر عن ناقة عظيمة عشراء على الوجه المطلوب الذي طلبوا، أو على
الصفة التي نعتوا، فلما عاينوها كذلك رأوا أمراً عظيماً، ومنظراً هائلاً، وقدرة باهرة،
ودليلا قاطعا، وبرهاناً ساطعا، فآمن كثير منهم، واستمر أكثرهم على كفرهم وضلالهم وعنادهم
الشديد.
وأكمل: قد يسأل البعض عن المصدر الذي اعتمد عليه المفسرون
هذه الروايات عن مواصفات الصخرة، وكذلك الناقة، والطريقة التي عقرت، بها وحتى أسماء
الأشخاص الذين تآمروا على قتلها؟ والجواب على ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قد قص على أصحابه كثيرا من تفصيلات قصة صالح عليه السلام مع قومه، عند مروره بالحجر
في طريقه إلى تبوك، وقد حفظها من حفظها، ونسيها من نسيها. فقد روى أبو الزبير عن جابر
قال : لما نزلنا الحجر فغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوك، قال : « أَيُّهَا النَّاسُ
لاَ تَسْأَلُوا عَن هَذِهِ الآياتِ [ هؤلاء ] قَوْمُ صَالِحٍ سَأَلُوا نَبِيَّهُم أَن
يَبْعَثَ اللَّهُ لَهُم آيَةً ، فَبَعَثَ اللَّهُ لَهُم نَاقَةً، فَكَانَتْ تَرِدُ
مِن ذَلَكِ الفَجَ، فَتَشْرَبُ مَاءَهُم يَوْمَ وُرُودِهَا، وَيَحْلِبُونَ مِنْهَا
مِثْلَ الَّذِي كَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْهَا يَوْمَ غِبِّهَا، وَيَصْدِرُونَ عَن ذَلِكَ.
وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: { وَنَبِئّهُمْ أَنَّ الْمَآءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُم}»
الآية.
وأردف قائلا: وروى البخاري عن ابن عمر: أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم لما نزل الحجر في غزوة تبوك، أمرهم ألا يشربوا من بئرها، ولا يستقوا
منها، فقالوا: قد عجنا واستقينا، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهريقوا ما
استقوا، ويعلفوا الإبل العجين، وأمرهم أن يستقوا من البئر التي تردها الناقة،
وأشار إلى أن هذه الأحاديث، تبين لنا أنه إذا كان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم
قد حدد الفج الذي كانت تدخل منه الناقة، والبئر التي كانت تشرب منه، فلا يستعبد أن
يكون قد حدد الصخرة التي خرجت منها، وكذلك بقية التفاصيل المتعلقة بها، وقام الصحابة
بتداولها كروايات دون نسبتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأضاف: أما مواصفات الصخرة فسنستخلصها من كتب التفسير، ثم
نقوم بمقارنتها بمواصفات الصخور الموجودة في الوادي، اعتمادا على صور الجوجل إيرث.
فقد جاء في تفسير ابن كثير ما نصه: “وفي الصحيح عن ابن عمر أن الناس نزلوا مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم على الحجر أرض ثمود، فاستقوا وكانوا هم الذين سألوا صالحاً
أن يأتيهم بآية، واقترحوا عليه بأن تخرج لهم من صخرة صماء عينوها بأنفسهم، وهي صخرة
منفردة في ناحية الحجر، يقال لها الكاتبة، فطلبوا منه أن تخرج لهم منها ناقة عشراء
تمخض، فأخذ عليهم صالح العهود والمواثيق: لئن أجابهم الله إلى سؤالهم، وأجابهم إلى
طلبتهم، ليؤمنن به وليتبعنه. فلما أعطوه على ذلك عهودهم ومواثيقهم قام صالح عليه السلام
إلى صلاته، ودعا الله عز وجل، فتحركت تلك الصخرة، ثم انصدعت عن ناقة جوفاء، وبراء،
يتحرك جنينها بين جنبيها، كما سألوا”. وإذا ما دققنا النظر في صورة الجوجل إيرث التالية
نلاحظ وجود صخرة عظيمة مغطاة بالسواد تقع منفردة في أعلى يمين الواد.
وأشار إلى أن هذه الصخرة من الضخامة بحيث أنها أقرب لأن تكون
جبلا صخريا، وهي ذات شكل عجيب، مما يؤكد على الرواية التي تقول: أن ثمود كانت تعبد
أصنامها عندها. ويبلغ أقصى طول للصخرة ألف وخمسمائة متر، أما أقصى عرض لها فيبلغ
700 متر، ويبلغ أقصى ارتفاع لها مائة متر عن الأرض المحيطة بها. وسنسوق الآن الأدلة
التي تثبت أن هذه الصخرة هي التي أخرج الله منها الناقة، التي أرسلها آية كدليل على
صدق سيدنا صالح عليه السلام.
ولفت إلى أن أول هذه الأدلة: أن الرواية تقول أن اسم هذه
الصخرة هي الكاتبة، وكما هو معروف فإن الكتابة هي من أعمال اليد، وإذا ما تفحصنا شكل
الصخرة في الصورة التالية نجد أنها على شكل كف اليد، حيث يخرج من الصخرة ما يشبه أصابع
اليد. وفي الزمن الحاضر فإن الناس يسمون هذه الصخرة بجبل الحوار، حيث أن حوار الناقة
قد عاد إليها بعد أن قتلت أمه، وغاب فيها بعد أن رغى ثلاث رغيات، وهي عدد الأيام التي
أمهل بها صالح عليه السلام قومه قبل أن يحل بهم العذاب.
وتابع: أما الدليل الثاني: فنستخلصه من قول الرواية: أن الصخرة
قد تحركت ثم انصدعت عن الناقة، وهذا ما تبينه الصورة؛ حيث يظهر أن الصخرة قد أصابها
خسف عند أطرافها، ويصل مقدار الخسف عند أحد الأطراف ما يقرب من ثمانين مترا. إن خروج
ناقة عظيمة الحجم كما ذكرت الروايات من قلب الصخرة لا بد وأن يحدث تشوها في شكل الصخرة،
مما أدى إلى انهيار جوانبها، ليتركها الله عز وجل دليلا على ولادة الناقة من الصخرة.
وختم قائلا: إنه من العجيب أنه لا يوجد بين صخور الواد إلا
هذه الصخرة، وصخرة أخرى على مقربة منها قد أصابها الخسف، مما يدل على أن حدثا ما قد
أصاب هذه الصخرة، وهو خروج الناقة منها، أما الدليل الثالث: فهو وجود فوهة بركانية
ذات لون أسود على قمة الصخرة، وهي على شكل ناقة في حالة الجلوس. ويبلغ طول فوهة البركان
ما يقرب من خمسين مترا، وعرضها ما يقرب من عشرين مترا. إن وجود فوهة بركانية على مثل
هذه الصخرة يثير كثيرا من التساؤلات عسى أن يجيب عليها الأخوة المختصون في علوم الجيولوجيا:
التساؤل الأول: فالصخرة رغم كبر حجمها إلا أنها من غير السهل
أن تتحمل ثورة بركانية دون أن تتفتت من قوة الانفجار، كما أن حدود فوهة البركان واضحة
تمام الوضوح، ولها شكل هندسي عجيب، وهو على غير أشكال الفوهات المعهودة، كالدائرية
والبيضاوية.