حسان بن عابد: المهارات الغريزية في عالم الحيوان دلالة واضحة على العناية الإلهية (فيديو)
- السبت 23 نوفمبر 2024
القرآن الكريم (أرشيفية)
رد الدكتور محمد سيد صالح، الباحث في ملف الإلحاد، على الشبهة التي يثيرها بعض الملاحدة حول أن القرآن فيه آيات كونية تُعارض العلم الحديث
وأوضح في كتابه
"100 شبهة حول الإسلام" أن معتقدنا نحن المسلمون أن القرآن هو كلام الله
في كتاب الله المسطور أي المكتوب في سطور المصحف، والكون هو كتاب الله المنظور أي الذي
ننظر إليه وندركه بحواسنا، فبالتالي لن يُخالف كتاب الله المسطور كتابه المنظور، لأن
الذي خلق الكون بما فيه وضبطه ووضع له القوانين، هو بذاته سبحانه وتعالى الذي أنزل
القرآن الكريم.
وشدد على أن القرآن
الكريم فيه آيات مُحكمة قطعية الدلالة، وأخرى ظنية الدلالة، أما
قطعي الدلالة: فهو ما لا تحتمل دلالة ألفاظه على أكثر من تفسير، أو هو ما لا يحتمل
إلا معنى واحدًا، ولا يوجد نزاع بين العلماء في معناه ودلالته، مثل جلد الزاني
البكر مائة جلدة ونحو ذلك مما لا يقبل التأويل، وأما
ظني الدلالة: فهو ما يحتمل النص الشرعي فيه أكثر من وجه، أو ما كان محتملاً
للتأويل.
وبين أن القرآن
أغلب آياته قطعية مُحكمة يفهمها كل إنسانٍ، وفيه أيضاً آيات ظنية أو متشابهة وهذا
النوع يحتاج لأناس قد كرسوا حياتهم للعلم حتى أصبحوا راسخون فيه.
كما أن العلم هو
الملاحظة المنظمة للأحداث والظروف الطبيعية، من أجل اكتشاف الحقائق عنها ومن أجل
صياغة القوانين والمبادئ التي تعتمد على هذه الحقائق. وقد يمر بالعالم أثناء بحثه
عن الحقائق فرضيات ونظريات.
وذكر أن الفرضية هي افتراض يخضع لتجربة وعادةً
ما يضع العلماء الفرضية وبعدها يتفحصون ما إذا كانت قادرة على إثبات مصداقيتها،
بمعنى لربما يُخمن عالمٍ ما شيء ما ويفترض وجوده ثم يقوم بتجربته على الواقع فإن
وجد حوله عدد من الأدلة يرتقى إلى النظرية، وإن تطابقت الفرضية مع الواقع يرتقى
إلى مرتبة الحقيقة. وقبل أن يُجرب أو ينجح في التجربة يظل تحت مُسمى فرضية
وتابع: أما النظرية فهي تفسير لبعض جوانب
العالم الطبيعي التي تدعمها الحقائق والفرضيات المختبرة والقوانين ولكن تظل أقل
وضوحاً وغموضاً من الحقيقة، وأما الحقيقة فهي ملاحظة “مشاهدة” تم
تأكيدها مراتٍ عديدة، بحيث يمكن للعلماء، لجميع الأهداف والأغراض العلمية، قبولها.
وضرب مثالا يوضح
الفرق بينهم الثلاث: كنتُ أجلس مع أصدقائي في مقهى ووضعت هاتفي على الطاولة، ثم
ذهبتُ إلى دورة المياه، وحين عدتُ مجدداً وجدتُ هاتفي قد اختفى. ثم شككتُ في صديقي
أحمد لأنه كان أقرب شخص من جهة الهاتف فضلاً على أنه كان معجباً بهاتفي وكثيراً ما
تمنى شراء مثله. ولكن ظننتُ أيضاً أنه لعل الجرسون جاء لنا بالمشروبات وقت دخولي
دورة المياه وأخذه من على الطاولة دون آن يراه أحد.
وواصل: الحقيقة: هي اختفاء هاتفي بلا شك، لأنه
كان موجوداً على الطاولة ثم أصبح غير موجود، والنظرية:
هو تفسيري أن صديقي أحمد هو الذي أخفاه وهذا لأن حوله أدلة كثيرة لكن أظل غير
متيقن من ذلك.
أما الفرضية: تفسيري بأن الجرسون هو الذي
أخفاه فهذا افتراض جاء في ذهني لكن لا أعلم من الأساس هل الجرسون جاء ليطلب الحساب
وأنا بدورة المياه أم لا، فهذا الافتراض ليس عليه دليل، وما هو إلا تخمين، وهذا
المثال لنقيس صحة أو خطأ ادعاء أن القرآن الكريم يعارض العلم، يأتي
السؤال مجدداً؛ هل القرآن يعارض العلم؟!
يتابع محمد سيد
صالح في كتابه: من الوارد أن يعارض نص قرآني ظني الدلالة مع حقيقة علمية ثابتة.
وهنا لا نعتبر أن القرآن عارض العلم، لأنه عارض آية ظنية الدلالة وقد تحتمل
تفسيراً آخر، أو قد تتعارض نظرية علمية مع حقيقة
قرآنية قطعية؛ وهنا لا يحق لأحد أن يدعى أن القرآن عارض العلم لأنه من الممكن جداً
أن يكتشف العلم في المستقبل خطأ هذه النظرية، ونفس الحال مع الفرضية العلمية.
وأكمل: يتبقى
معنا أن يكون هناك حقيقة علمية مؤكدة ثابتة عارضت آية قطعية الدلالة لا تحتاج
لتأويل، لكن هذا لم يحدث قط منذ بدأ الإسلام إلى يومنا الحالي، فلا توجد حقيقة
علمية ثابتة واحدة عارضت نص قرآني قطعي الدلالة. ولن يصبح موجود هذا في المستقبل،
وإن آراد أحد إسقاط القرآن فالحل بين يديه أن يأتي بحقيقة علمية ثابتة بشكلٍ قطعي
تعارض وتناقض آية قرآنية ثابتة قطعية في دلالتها، فإن استطاع ولن يستطيع وقتها يأتي
ويقول أن القرآن يعارض العلم، أما غير ذلك فلا يُقبل منه.
وإضافة لما سبق
ايضاً قد يتعارض تفسير عالمٍ غير معصومٍ حاله حال كل البشر دون الأنبياء مع حقيقة
علمية، وهذا أيضاً لا يُعطى الحق لمشكك أن يشكك في القرآن بمجرد تعارض شخص غير
معصوم مع العلم الثابت، لأن تفسير هذا العالم سيكون تفسيراً لآية ظنية الدلالة
تحتمل أكثر من قول لأنها لو كانت قطعية لما احتاجت لمفسر. والأمثلة على ذلك كثيرة
ولكن نكتف بمثالٍ واضح يقاس عليه باقية الشبهات العلمية. الاختلاف القائم بين
طائفتين من الناس حول أن الأرض كروية أم مسطحة. فالشاهد أنه لا يوجد نص قرآن واحد قطعي
الدلالة أخبر أن الأرض كروية كانت أو مسطحة أو حتى مثلثة إنما ترك القرآن ذلك
للبحث العلمي فحسب. والآيات التي يستدل بها بعض الناس على أن الأرض كروية أو
الآيات التي يستدل بها بعض الناس على أنها مسطحة كُلها آيات ظنية تحتمل أكثر من
وجه وكل وجه فيهم يتوافق مع الحقيقة إن ثبتت. وهذا من قوة القرآن ودقته. وشموله.
وشدد على أن القرآن
الكريم هو دستور الله الذي أنزله ورضاه لنا ليكون هداية لنا ورشاد، وبلا شكٍ أن
القرآن الكريم ملئ بالنصوص التي تدل على أهمية العلم والبحث والنظر، ويحث الله
سبحانه وتعالى فيه على ذلك، ومن أمثلة ذلك: قول الله تعالى (قل
سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق.. ). (العنكبوت/ ٢٠ ). هنا أمرنا الله
بالبحث في كل علوم الكونيات كالفيزياء والكيمياء والرياضيات الخ لنصل إلى بداية
الخلق لأن الوصول لنشأة الخلق يأتي بالبحث والبحث يكون في تلك العلوم المتعلقة
بنشأة الكون.
وبين أنه كان من الممكن أن ينزل الله أول آياته على رسوله "وَحِّد" لأن الناس كانوا على الشرك، أو "آمِن" لأن منهم من كان على الكفر، أو "إعدل" لأن الحياة وقتها كان يسودها كثير من الظلم لكن أول ما أنزل الله سبحانه وتعالى آياته قال: " اقرأ" ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ). ( العلق/ ١ ). سنجد أن أول ما نزل على رسول الله هو الأمر بأن يقرأ لأن القراءة مفتاح العلم لأنه بالعلم يتحقق التوحيد والإيمان والعدل وكل شيء حسن.
ولفت إلى قول الله تعالى (سنريهم آياتنا في الآفاق وفى
أنفسهم ). فكيف نحقق هذه الآية إن لم يكن بيننا علماء يبحثون في الآفاق بعلمهم وفى
أعماق النفس البشرية؟ وقوله سبحانه: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي
الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا
الْأَلْبَابِ) (الزمر: ٩)، أخبرنا الله
سبحانه باستحالة مساواة طالب العلم بغيره.
واستطرد: بل الإسلام هو الدين الوحيد الذى حرم غياب العقل بالخمر أو إهدار
الوقت في اللهو الغير مباح على حساب العلم والعمل والذى بهما يفلح الإنسان وينجح
بل وشدد في تحريم ذلك كي يحترم الإنسان وقته و عقله الذى هو مناط التفكير والعلم؛
وهذا يتضح لنا في قول الله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا
الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ
الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، إِنَّمَا يُرِيدُ
الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ
وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ
أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ). ( المائدة: 90، 91 ).
وأكد أن هناك غير
ذلك الكثير والكثير من الإشارات التي بالقرآن والسنة الصحيحة والتي تدل على أهمية
العلم وفضله، مختتما: كيف يُتهم الإسلام عامة والقرآن خاصة أنه يعارض العلم وهو
الذي وصل بالعلم من خلال الإشارات الدالة عليه إلى منتهاه؟