حسان بن عابد: المهارات الغريزية في عالم الحيوان دلالة واضحة على العناية الإلهية (فيديو)
- السبت 23 نوفمبر 2024
نخلة
قال الباحث في علم النبات الدكتور نظمي أبو العطا موسى، أستاذ النبات ـ ومدير مركز ابن النفيس في البحرين، إن قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( مَثَلُ المُؤْمِنِ كَمَثَلِ شَجَرَةٍ خَضْراءَ) لا يسقط ورقها، فيه إعجاز مدهش وعجيب.
وتابع: أن الحكمة في تشبيه المؤمن بهذه الشجرة، مدهش،
لافتا إلى أن الحديث كما رواه الأمام مسلم في صحيحة: عن ابن عمر (رضي الله عنهما )
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً لأصحابه: أخبروني عن شجرة مثلها مثل المؤمن
؟!!، وفي رواية ( مثل المؤمن كشجرة لايتحات ورقها ).فجعل القوم يذكرون الشجر من شجر
البوادي، قال ابن عمر (رضي الله عنهما): وألقي في روعي أنها النخلة، فجعلت أريد أن
أقولها فإذا بأسنان القوم (أي كبارهم وشيوخهم) فأهاب أن أتكلم.
فلما سكتوا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” هي النخلة
“.
وأضاف أن الشجرة سيدة المملكة النباتية من الناحية العلمية،
الظاهرية، والتشريحية والوظائفية، والبيئية فهي: معمرة تتغلب على التقلبات السنوية،
طيبة مثمرة نافعة، منوها إلى أن المؤمن، حقا هو سيد المخلوقات الإنسانية من الناحية
العلمية، والعقائدية،والوظائفية والاجتماعية فهو: يتحمل المصاعب، مثمر أينما وقع نفع.
ولفت إلى أن تشبيه النبي صلى الله عليه وسلم، المؤمن
بالنخلة، ليس بالأمر الهين، منوها إلى أنه رغم جمال النخلة الأخاذ لها شكل ظاهري واحد
لايتغير إلا للأحسن فيزداد حسنها بظهور ثمرها ودنو قطوفها، وللمؤمن أيضاً هيئة ظاهرية
واحدة، لا يتقلب حسب الموضة والأهواء، ولكنه يتزين لزوجته فيسرها بمنظره، حيث يقول
ابن عباس: ( إني أتزين لامرأتي كما احب أن
تتزين لي )، وهو يتزين في العيدين وقت قطوف ثواب الصوم والحج كما تتزين النخلة وقت
قطوف الثمر، ويتزين يوم الجمعة، وعند المجالس، والمساجد ومقابلة الوفود، وهو يتزين
بالمشروع ولايتزين بغير المشروع.
وأردف قائلا: إن النخلة أصلها ثابت في الأرض، وفرعها في السماء، تتحمل الجفاف، وتقلبات الطقس، وتصبر على الشدائد البيئية، ولا تعصف بها الرياح بسهولة، وتستمد طاقتها من الشمس والهواء بورقها المهيأ لذلك وقوتها في هالتها الورقية، كذلك المؤمن قوي ثابت في أصول الإيمان، يرتبط بالأرض التي خلق منها واستمد منها الماء والمعادن، ويتحمل الشدائد والفتن والابتلاء، ويصبر ولا يضجر وهامته مرفوعة تستمد نورها وعلمها من السماء، حيث الوحي وأوامر الله، ويرفع يديه إلى الله في الدعاء والشدة. وقوة المؤمن في عقله وتفكيره، وقوة النخلة في هالتها الورقية، والمؤمن لا يستغني عن الوحي الإلهي، والنخلة لا تستغني عن الضوء الإلهي.
وأوضح أن النخلة نافعة بثمارها، وأوراقها، وظلها، وجذعها، وخوصها، وكرانيفها، وليفها، وكروبها،
وعذوقها، وأنويتها، وقطميرها، وجمارها، وجمالها في حياتها وبعد موتها، وأيضا
المؤمن كذلك أينما وقع نفع، وهو نافع: بعلمه، وأخلاقه، وماله، وجهده، وحديثه، وفضل
زاده، وفضل ظهره، وفعله، وقوته، وأمره بالمعروف، ونهيه عن المنكر، وتعاونه على البر
والتقوى، وتراحمه، وترابطه، وتآزره مع المجتمع.
وختم قائلا: إن النخلة صبورة حليمة كريمة تُرمى بالحجر فتسقط
أطيب الثمر، والمؤمن معرض عن اللغو، وإذا خاطبه الجاهلون قال سلاماً، ويصفح عن المسيئين
ولا يظلم ولايجهل على الجاهلين كما قال الشاعر:
كن كالنخيل
عن الأحقاد مرتفعا
يرمى بحجر فيلقي
بأطيب الثمر