أفلا تبصرون.. هل رأيت نمل الباندا من قبل؟!
- الأحد 24 نوفمبر 2024
سورة الأنعام
سورة الأنعام من سبع القرآن الطوال، وهي سورة مكية، وترتيبها 55 من حيث النزول، وقد نزلت بعد سورة الحجر، وقبل سورة الصافات، وعدد آياتها 165 آية.
سميت بهذا
الاسم؛ لورود ذكر الأنعام فيها، تعبيرًا عن أهم ثروات بيئة العرب، وإحدى أهم ما
يعتمدون عليه في معايشهم وأعمالهم، وفق منشور لـ مركز الأزهر العالمي
للفتوى الإلكترونية.
نزلت سورة
الأنعام جملة واحدة؛ ردًّا على المشركين الذين أنكروا البعث والنشور، وطعنوا في
نزول القرآن على سيدنا النبي ﷺ، وقالوا: {لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ
جُمْلَةً وَاحِدَةً }. [الفرقان: 32]
فرح سيدنا رسول
الله ﷺ بنزول هذه السورة فرحًا شديدًا، وتلقاها بالتهليل، والتسبيح؛ فعَنْ جَابِرٍ
رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ سُورَةُ الْأَنْعَامِ سَبَّحَ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ قَالَ: «لَقَدْ شَيَّعَ هَذِهِ السُّورَةَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ
مَا سَدَّ الْأُفُقَ». [أخرجه الحاكم]
تدور السورة حول
قضايا الإيمان الكبرى، ورغم طولها إلا أنها خلت من قصص الأنبياء سوى حوارين لسيدنا
إبراهيم عليه السلام مع أبيه وعبدة الكواكب، كما أنها لم تفصّل أحكام العبادات أو
العقوبات أو الأسرة أو الحديث عن أهل الكتاب، على خلاف نسق طوال سور القرآن.
بدأت سورة
الأنعام بحمد الله تعالى والثناء عليه وذكر صفات وحدانيته، وموجبات الخضوع له
وعبوديته سبحانه، وهو مُنشئ الكون وخالق السموات والأرض، ومقلب الليل والنهار، وفي
هذا تقريع للكافرين الذين عدلوا عن عبادته سبحانه إلى عبادة غيره من مخلوقاته.
عرضت السورة
عددًا من قضايا العقيدة، ومظاهر قدرة الله في الكون، بأسلوبٍ استفهامي، يُثير
الأذهان ويشوقها للإجابة، ثم أجابت عنها؛ مستدلة بالحجج والبراهين، كما قررت أن
الجاحدين بآيات الله المستكبرين عن سماع وحيه لا تكفيهم المعجزات الدالة على
وحدانية الله وقيوميته وقدرته.
عددت السورة
نِعَم الله المبثوثة في الكون؛ فهو سبحانه فالق الإصباح، وخالق أوقات الراحة
وأوقات الكد والسعي، وعبرت السورة بالمتقابلات عن آياته الكونية، كالبر والبحر،
والليل والنهار، والحي والميت؛ للدلالة على الإحاطة والإحكام، كما أكَّدت اختصاص
الله سبحانه بعلم الغيب.
وردت كلمة (قل)
في هذه السورة 44 مرة؛ للإشارة إلى صلة الله سبحانه بنبيه ﷺ، وعصمته له، ونطقه
بوحيه سبحانه؛ كما في قوله: {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ
وَالْبَحْرِ}. [الأنعام: 63]
رسمت السورة
منهجًا لآداب الحوار والمناظرة في قضايا العقيدة، ويتجلى ذلك في مُحاورة سيدنا
إبراهيم عليه السلام لأبيه وقومه، وعبدة الكواكب، وإثارة تفكيرهم في خلق الكون
للوصول لمعرفة خالقه سبحانه.
امتلأت السورة
بالحقائق والحكم التي تضبط معايير الفهم، وتحسن الأخلاق، كقول الحق تعالى: {وَمَا
الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ
لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} [الأنعام: 32]، وقوله: {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ
يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ}
[الأنعام: 36]
في السورة أمر
للمؤمنين بالإعراض عن مجالس الاستهزاء بآيات الله وأحكامه، والخوض في دينه ومقام
نبيه ﷺ، وفيها أمر لهم بطاعة شرع الله، والاقتداء بهدي النبي المعصوم ﷺ.
فصّلت السورة
ذكر المحرمات، وبينت أن ما دونها مباحات أحلها الله لعباده؛ ردًا على من اتخذ هواه
مُشرعًا، في قوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا
عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا
أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ ..} [الأنعام: 145]، كما بينت مكارم الأخلاق، وأمرت
بالمعروف ونهت عن فواحش الأقوال والأفعال، ومن ذلك قوله: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ
مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا
وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا .. } [الأنعام: 151]
في ختام السورة يوضح المولى سبحانه أن منهج الوحي هو منهج الهداية والاستقامة والنجاة والحياة، في قوله تعالى: {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۚ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}. [الأنعام: 161 - 163].