رئيس مجلس الإدارة

أ.د حسـام عقـل

الرقمنة في الكائنات الحية شاهد على عظمة الخالق !

  • أحمد نصار
  • الخميس 28 مارس 2024, 04:04 صباحا
  • 261
الرقمنة

الرقمنة

قال الدكتور منصور أبوشريعة العبادي، الأستاذ بجامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية، إن الرقمنة والتكنولوجيا الحديثة المستخدمة في الكائنات الحية، تعد  من المعجزات الباهرات ما  صدعت رؤوس العلماء وهم يحاولون كشف أسرار طريقة تصنيع أجسام الكائنات الحية ابتداء من خلية واحدة. فالمعجزة الأولى وهي الأبسط تتعلق بالكيفية التي يتم بها تخزين أشكال وأبعاد المكونات المختلفة للجسم بطريقة رقمية على الشريط الوراثي.

  وتابع: أن في جسم الإنسان على سبيل المثال يوجد أحد عشر جهازا يتكون كل منها من مكونات عديدة ويلزم كتابة أبعاد هذه المكونات بشكل دقيق على الشريط الوراثي.  ففي الجهازين العظمي والعضلي يوجد  206 عظمة و 640 عضلة جميعها لها أشكال غير منتظمة وفي داخل كل منها تراكيب دقيقة ويلزم لتصنيعها تحديد أبعادها الخارجية وكذلك مواصفات التراكيب الداخلية. إن علماء البشر حتى في هذا العصر لا زالوا يحاولون إيجاد طرق لتحديد أبعاد الأجسام غير المنتظمة لكي يتمكنوا من تخزينها في أجهزة الحاسوب. ولتوضيح الصورة  للقارئ فإن الطريقة التي يتبعها البشر إذا ما طلب منهم تصنيع إحدى هذه العظمات هو من خلال أخذ قوالب عنها كما يفعل طبيب الأسنان عند تصنيع الأسنان الصناعية. أما الخلية فإن شريطها الوراثي يحتوي على أبعاد هذه العظمة وبقية مواصفات تركيبها بشكل بالغ الدقة بحيث أنه عندما تقوم خليتان أحدهما في يمين الجسم والأخرى في يساره بتصنيع عظمتين من نفس النوع فإنهما تكونان متطابقتين تماما بشكل مدهش.

وأكمل: أن العملية التي تدار داخل الجهازين الدوري والليمفاوي تقوم على تحديد مسارات آلاف الشرايين والأوردة والأوعية الليمفاوية ، بالإضافة إلى أقطارها وتراكيبها الداخلية، لافتا إلى أنه في الجهاز العصبي فيلزم تحديد أماكن بلايين الخلايا العصبية والوصلات التي تربط بينها وكذلك تحديد مسارات ملايين الألياف العصبية التي تربط بين الخلايا الحسية ومراكز الحس في الدماغ وكذلك تلك التي تربط مراكز التحكم في الدماغ مع عضلات الجسم. وكذلك الحال مع تحديد مواصفات مكونات الجهاز الهضمي والبولي والتنفسي والتناسلي والجلدي والمناعي والهرموني والسمعي والبصري. 

ونوه إلى أن هناك معجزة أخرى تتمثل في طريقة تنفيذ البرامج الرقمية المخزنة على الشريط الوراثي والتي تهدف إلى تصنيع أجسام الكائنات الحية ابتداء من خلية واحدة فقط، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن على هذه الخلية الأم أن تنقسم إلى خليتين عليهما أيضا أن ينقسما إلى أربع وهكذا إلى أن يصل العدد إلى بلايين الخلايا وعلى كل خلية منها أن تتخذ مكانها المحدد في جسم الكائن فتلك الصلبة في العظام والمرنة في العضلات والشفافة في عدسات العين وتلك الحساسات للضوء واللمس والضغط والحرارة والبرودة وغير ذلك من الخلايا المتخصصة في أماكنها الخاصة بها.

 وأوضح "العبادي" أنه في حالة أن كان الجسم كله يبدأ تصنيعه من خلية واحدة فلا بد وأن كل جهاز من أجهزته يبدأ أيضا تصنيعه من خلية واحدة وكذلك الحال مع كل عظمة وعضلة وشريان ووريد وليف عصبي وغيرها من مكونات الأجهزة المختلفة، إن انقسام الخلايا وتحديد مواصفات ومهام الخلايا الناتجة عن الانقسام تتم من خلال الأوامر التي يصدرها الشريط الوراثي الموجود في كل خلية وذلك من خلال آليات معقدة سنبين بعض تفصيلاتها في الشرح التالي. وللقارئ أن يتخيل حتى يتقين من هذه المعجزة الكبرى منظر خلايا جسم جنين الإنسان وهي تعمل بكل صمت فتقوم بتصنيع جميع عظمات الجسم وعضلاته وشرايينه وأوردته وأعصابه  وبقية مكونات أجهزته المختلفة بأبعادها الثلاثية المطلوبة لتنتج بعد مرور تسعة أشهر طفلا مكتمل النمو دون عيب في جسمه بعد أن كان خلية واحدة وسبحان الله العظيم الذي صور هذه المعجزة الكبرى بقوله "وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14)".

تعليقات