أفلا تبصرون.. هل رأيت نمل الباندا من قبل؟!
- الأحد 24 نوفمبر 2024
القرآن
قال الباحث الإسلامي اليمني، علي البركيني، إن تغيير النفس له أثر عظيم في القرآن الكريم، لافتا إلى أن أولويات أصلاح وأصول الفساد هي قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ (الرعد-11)غير أنه من النادر أن نتساءل عن كيفية تغيير النفس وحقيقتها وأصنافها وكيفية معالجة أحوالها وتقلباتها.
وأوضح أن القرآن نص على وجود ثلاثة أصناف من الأنفس، والتي تتمثل في النفس الأمارة بالسوء، وهي النفس الحريصة على دفع صاحبها نحو مخالطة المعاصي، وتزيين الشهوات والإيقاع به في المهلكات، ومثلها ما ذكره الله على لسان امرأة العزيز: ﴿إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي﴾ (يوسف-53) وهذه أسوء أنفس الآدميين.
وكذلك النفس اللَّوَّامَةُ: هي نفس تترنح بين الخير والشر، تغالب شهواتها تارة وتسقط في حمأة المعصية تارة، فصاحبها يستحضر الملامة والحسرة والخشية عقب اقتراف أي ذنب فيتوب ويؤوب، قال تعالى:﴿وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ﴾(القيامة-2) وهذه نفس طيبة لأنها رجّاعة إلى الحق ولا توجد بها مادة الإصرار والتحدي، وأخيرا النفس المطمئنة: وهي النفس الموحدة التي رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد ﷺ نبيا ورسولا، فبلغت من كمال الإيمان ولطائف الإحسان ما جعلها ترتقي في مدارج العرفان، فاطمأنت بوعد الله ورغبت فيما عنده دون سواه، قال تعالى ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً(28)﴾(الفجر)
وأردف قائلا : إن أحوال الأمم، كان مرتبطا بشكل قوي بتقلبات الأنفس في القرآن الكريم، منوها إلى أن الأمر بالقراءة وطلب العلم، فمن حكمة الله أنه لما أراد أن يغير ما بنفوس العرب من فساد، عاجلهم بالأمر بالقراءة التي هي سبيل العلم وتحرير الوعي ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾، ولا يوجد أنفع منهما في تزكية النفوس، لقد ضرب لنا القرآن عدة نماذج حول تقلبات الأمم والأفراد وارتباط مصائرهم بما كسبت أنفسهم خيرا أو شرا، ومن هذه النماذج تأتي قصة إخوة سيدنا يوسف عليه السلام ففي بداية أمرهم كادوا لأخيهم يوسف وآذوا أباهم يعقوب، ثم لما أدركوا خِطْئَهُم تابوا وأصلحوا نفوسهم فقبل الله منهم بعد أن ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِين (97) قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (98)﴾ وكذلك قصة امرأة العزيز: فبعد سعيها لإغواء يوسف والإيقاع به، تابت واعترفت بذنبها وندمت عليه وقالت: ﴿ذَٰلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (52) وما أبرئ نفسي ِإنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إن ربي غفور رحيم (53)﴾ (يوسف) فصلح حالها بعد ذلك واستقامت سيرتها وسريرتها.
وأشار أيضا إلى قصة سحرة فرعون: لقد أعلن السحرة توبتهم في اللحظة التي تكشفت لهم فيها عظمة الله، فبعد أن كانوا أعوانا لفرعون في طغيانه، أيقنوا أن ما جاء به موسى هو الحق وليس من قبيل السحر الذي يأتونه، فاخترق الإيمان شغاف قلوبهم وصدحوا في لحظة استفاقة وصدق و﴿قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (47) رَبِّ مُوسَىٰ وَهَارُونَ(48)﴾ (الأعراف)، ولفت إلى قصة العرب في جاهليتهم وبعد إسلامهم: لقد كان العرب في جاهلية جهلاء وضلالة عمياء، وعلى وضع أخلاقي وديني وإنساني بئيس،غير أنه لما صدقت منهم طائفة فآمنت وأخلصت وتزكت نفوسها، انتقلوا من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة ومن سيء الأخلاق والمعتقدات إلى أحسنها، فأصبح منهم سادة وقادة، حتى وصفهم القرآن بقوله ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ﴾ (آل عمران-110)