هل يتعمد إبراهيم عيسى تشويه التاريخ الإسلامي؟ (فيديو)
- الخميس 21 نوفمبر 2024
الآية الكريمة
يزعم بعض الملحدين، أن قوله تعالى "فتبارك الله أحسن الخالقين" المُؤْمِنُونَ: ١٤، تثبت آلهة أخرى بدليل لفظ الخالقين، وهذا الاعتراض قائم على الجهل بمعني كلمة خلق وعلي المراد بها من موقعها فالخلق علي نوعين الأول يختص به الخالق وحده والثاني مشترك فيه الخالق والمخلوق.
ولبيان ذلك نأتي إلى معني خلق في كتب اللغويين : الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت ١٧٠) في معجم العين : وخَلَقْتُ الأديم: قدرته، و قال ابن دريد (ت ٣٢١) في — جمهرة اللغة: وخلقت الشَّيْء إذا قدرته، بالإضافة إلى ما قاله الأزهري (ت ٣٧٠) : والخَلْقُ فِي كَلام العَرَب: ابتداعُ الشَّيْء على مثالٍ لم يُسْبَقُ إليْه. وقالَ أبُو بَكْرِ بْنُ الأنْبارِيِّ: الخَلْقُ فِي كَلام العَرَب على ضَرْبَيْنِ، أحدهما: الإنْشاء على مثالٍ أبدعه، والآخر: التَّقْدِير، وفقا لصفحة نهاية الإلحاد.
وتابعت: أن في
قَول الله جلّ وعز: ﴿فَتَبارَكَ الله أحسن الخالِقِينَ﴾ [المُؤْمِنُونَ: ١٤] مَعْناهُ:
أحسنُ المقدرين، وكَذَلِكَ قَوْله: ﴿وتخلقون إفكا﴾ [العنكبوت ١٧] أي: تُقَدِّرون كَذبًا،
والعرب تَقول: خَلَقْتُ الأدِيمَ إذا قدَّرْتَه وقِسْتَه، لتَقطع مِنهُ مَزادَةً أو
قِرْبَةً أو خُفًّا، كما قال الراغب الأصفهاني
(٥٠٢ هـ) : الخلق أصله: التقدير المستقيم، ويستعمل في إبداع الشيء من غير أصل ولا احتذاء،
قال: ﴿خلق السماوات والأرض﴾ [الأنعام : 1] ، أي: أبدعهما، بدلالة قوله: ﴿بديع السماوات
والأرض﴾ [البقرة : 117] ، ويستعمل في إيجاد الشيء من الشيء نحو: ﴿خلقكم من نفس واحدة﴾
[النساء : 1] ، ﴿خلق الإنسان من نطفة﴾ [النحل : 4] ، ﴿خلقنا الإنسان من سلالة﴾ [المؤمنون
: 12]
وكذلك قال الدقيقي
(ت ٦١٣) ، والخلق يكون إبداعا ويكون تركيبا فمن الخلق الذي معناه الإبداع قوله تعالى
﴿هل من خالق غير الله﴾، ومن الخلق الذي معناه التركيب قوله تعالى ﴿فتبارك الله أحسن
الخالقين﴾ وقوله تعالى ﴿وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني﴾ والخلق تقدير الأديم
للقطع قال الشاعر زهير: (ولأنت تفري ما خلقت وبعض القوم يخلق ثم لا يفري)
ولفتت إلى ما قاله ابن عادل (ت ٧٧٥) : أن الخلق
هو التقدير، ويدل عليه وجوه:أحدها: قوله: ﴿فتبارك الله أحسن الخالقين﴾ [المؤمنون:
١٤] أي: المقدرين، وقد ثبت أن العبد لا يكون خالقا بمعنى التكوين والإبداع، فوجب أن
يكون بالتقدير والتسوية، وثانيها: أن لفظ الخلق: يطلق على الكذب، قال تعالى: ﴿إن هذا
إلا خلق الأولين﴾ [الشعراء: ١٣٧] وقال: ﴿وتخلقون إفكا﴾ [العنكبوت: ١٧] وقال: ﴿إن هذا
إلا اختلاق﴾ [ص: ٧] . والكاذب إنما سمي خالقا، لأنه يقدر الكذب في خاطره ويصوره.
وأوضحت أن الخلق في اللغة ينقسم إلى: التقدير،
وإلى الإنشاء والإبداع، فالمراد بقوله: ﴿أحسن الخالقين﴾ وبقوله: ﴿تخلق من الطين كهيئة
الطير﴾ التقدير، فكأنه أراد أحسن المقدرين ، وكذلك عيسى قدر وصور من الطين كهيئة الخفاش
الذي هو لحم يطير بغير ريش، ونفخ فيه الروح فكان طيرا بإذن الله كما أخبر سبحانه ،
والله سبحانه خالق المقدر وتقدير المقدر وإنما أضاف التقدير إليهم لأنه كسب لهم، وأما
خلق الذي هو الإنشاء والإبداع فلا يوصف به غير الله، بل نفى الله ذلك عن غيره وأثبته
لنفسه بقوله تعالى: ﴿هل من خالق غير الله﴾ وأكذب من ادعى أنه يخلق كخلقه فقال سبحانه:
﴿أم هل تستوي الظلمات والنور أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل
الله خالق كل شيء﴾ ، فمن قال: إن العباد يوصفون بإنشاء الخلق في أفعالهم وإبداعه، فقد
أكذب الله في خبره، ولو كان كذلك لكان يطلق على الإنسان اسم الخالق كما يطلق ذلك على
الله سبحانه كاشتراكهما في اسم الموجود والشيء، وفي اختصاص ذلك سبحانه بالله سبحانه
دليل على أنه لا يوصف غيره بالإنشاء والإبداع.