باحث في الغعجاز العلمي يوضح الفرق بين "السماء والسموات والكون" في القرآن

  • أحمد نصار
  • السبت 16 مارس 2024, 1:49 مساءً
  • 42
الكون

الكون

أوضح الباحث الإسلامي هاني ضلع عضو الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة بمكة المكرمة، أن هناك اختلاف جوهري بين ما يفسره البعض لمفهوم "السماء والسماوات" المذكور في القرآن الكريم، وبين مفهوم "الكون" ذلك المصطلح الحديث الذي لم تعرفه العرب من قبل، لافتا إلى أن السماء كل ما علا، والسماوات طبقات غير معلومة الحقيقة وربما تكون نوعا من الغيب. مشيرا إلى أن الكون هو كل شيء مادي كائن أو سيكون، ويضم بتعريفه المبسط النجوم والمجرات والكواكب وكل شيء يمكن رصده، وحتى المادة المظلمة والطاقة المظلمة التي تتسبب في تباعد المجرات بعضها عن بعض بما يعرف بتوسع الكون أو الزمكان وتشكلان معا أكثر من 94% من الكون، لكنهما بعد لم تكتشفا بشكل واضح.

وأشار"ضلع" إلى تعريف عالم الفيزياء الشهير ألبرت آينشتاين، للكون بأنه عبارة عن كل كتلة أو طاقة أو زمان أو مكان. فلا يمكن تخيل الزمان دون مكان، ولا المكان دون أن يمر عليه زمان. وهو غير نهائي لكنه محدود. ونصف قطره المرئي يبلغ حتى الآن 13.8 مليار سنة ضوئية لكن نصف قطره المحسوب يفوق ذلك بأضعاف كثيرة.

وتابع: أنه من عظمة بديع الخالق أن الكون تحكمه قوانين موحدة لا تختلف في أي بقعة منه ولا تتضارب، فكتلة نواة الهيدروجين هنا هي ذاتها كتلة نواة الهيدروجين عند الطرف الآخر من الكون، وشحنة الإلكترون ثابتة في أية بقعة من الكون، وكذلك العدد الذري والكتلي لأي من عناصر الجدول الدوري ونظيراته ثابتة لا تتغير. وبالضوء تنتقل المعلومات، وهو صاحب سرعة ثابتة أيضا لا تتغير في الفضاء والفراغ أبداً. وحيث إن مادة الكون واحدة ونواميسه واحدة، فإن المعلومات المنتقلة فيه تتبع ذات النواميس.

وتسأل ماذا لو كان هناك كون آخر غير كوننا؟ هل يصح لنا أن نطلق عليه اسم كون؟ ربما، لكن الصعوبة وربما الاستحالة ستكمن في أن نعرف كيف لنا أن نتواصل مع هذا الكون، فهل ذلك مقبول عقلياً أو رياضياً على الأقل؟ نعم، على اعتبار أن وجود كون آخر منفصل عنا يستلزم خبراً حتمياً صادقاً، كأخبار الغيب، إذ إن الاتصال به لن يكون ممكنا إذا كانت النواميس والثوابت الكونية فيه تختلف عن نواميس كوننا وثوابته"، فلا يمكن لشعاع الضوء أن ينقل لنا حينها خبراً، لأنه لن يكون الرسول المناسب الذي يفهم لغة ذلك الكون أو طبيعته. ناهيك عن معضلة أخرى أكبر من ذلك، فبحسب نظرية النسبية العامة لآينشتاين، فإن الزمان والمكان خلقا معا لحظة الانفجار العظيم التي بدأ معها كوننا قبل قرابة 13.8 مليار سنة من الآن، وإذا كان كل شيء نعرفه أو سنعرفه مستقبلاً يقع ضمن حدود هذا الكون، فأنى لنا ونحن من طبيعته وجزء من ناموسه أن نرصد شيئا خارجه؟ فالمصطلحات (خارج وداخل) هي مصطلحات مردودة بحسب نظرية الانفجار العظيم، إذ لا معنى لها قبل الكون فهي خلقت مع خلقه، والداخل والخارج أجزاء منه نفسه، فلا يمكن أن نتخيل كونا ككرة مثلا وكونا آخر ككرة أخرى بجانبه، لأن الفراغ بينهما سيناقض المفهوم السابق.

  ولفت "ضلع "إلى أنه في فترة الثمانينيات من القرن الماضي وضع عالم الفيزياء النظرية ستيفن هوكينغ مع فيزيائي يدعى جيمس هارتل فرضية مفادها أن الانفجار العظيم خلف أكواناً متوازية، كفقاعات بعضها بجوار بعض، بعض هذه الأكوان يشبه كوننا قوانين ومكونات، وأخرى تختلف عنه في كل شيء. لكن هوكينغ أعاد النظر مؤخراً في هذه الفرضية ليخلص إلى أنه لو كان هناك عدد لا نهائي من الأكوان بقوانين فيزيائية مختلفة في كل منها، فإنه سيكون من المستحيل تحديد نوع كوننا الذي نعيش فيه بواسطة الأرصاد التي يقوم بها علماء الكون.

وأضاف: ولذلك قام قبل وفاته بمناقشة هذه المشكلة مع الفيزيائي البلجيكي توماس هيرتوغ، وبالإبقاء على حسابات نظرية الأوتار الفائقة، خرجا بنماذج رياضية جديدة تشير إلى أن هذه الأكوان المتوازية لها القوانين الفيزيائية نفسها. ونتيجة لذلك فإن كوننا هو مثل أي كون آخر، ومن الممكن دراسة ظهور جميع الأكوان المتوازية الأخرى من خلال دراسة كوننا.

وأردف قائلا: فهل ينفي الدين مثلاً وجود أكوان أخرى وبشر آخرين وسماوات طباقاً؟ وهل ذكر القرآن نصوصا تثبت ذلك صراحة أو تنفيه؟ الظاهر أن الإجابة لا، علما بأن الكثيرين ممن يخوضون في تفسير آيات بدء الخلق وانتهائه يظنون أن نظرية الانفجار العظيم مذكورة صراحة في القرآن الكريم، وهي (في ظني كباحث) ليست كذلك، فآيات الرتق والفتق وآيات طي السماء هي آيات لا علاقة لها بنشأة الكون ولا نهايته، إنما تدلل على نشأة الأرض ومجموعتنا الشمسية مع بقاء مصطلح السماوات غيباً لا نعلم تفسيره حتى اليوم ولربما كُشف لبعض من سيأتي بعدنا بعشرات أو مئات من السنين. 

إلى جانب ذلك فإن انهيار الكون تحت مسمى الانكماش العظيم، وهو عكس الانفجار العظيم، يستلزم فناء المادة كلها، بما فيها النجوم والكواكب والشمس والأرض والسماء، وهو ما يقرر القرآن الكريم خلافه حين يذكر تكوير الشمس وتبديل الأرض والجبال، وتغير شكل السماء، وانكدار النجوم، وتناثر الكواكب، وكل ذلك يثبت بقاء هذه الأشياء مرئية، ولو فنيت لما ذكرها القرآن في معرض حديثه المتكرر عن أحداث الآخرة.

 وتظل نظريات خلق الكون مجرد فرضيات ونماذج رياضية بحتة، يصح بعضها بالمشاهدات المتتالية، مثل نظرية الانفجار العظيم التي تؤيدها ثلاث مشاهدات أصيلة وقوية تنبأت بها النظرية، هي نسبة الهيدروجين إلى الهيليوم في الكون 75%- 25%، وتباعد المجرات (الذي اكتشفه هابل في عام 1928 واكتشفته حلول الفيزيائي الروسي فريدمان لمعادلات آينشتاين، ودرجة حرارة الكون الأولي التي تعادل 270 درجة تحت الصفر والتي اكتشفها الفيزيائيان ينزياس وويلسون في عام 1965.

 

تعليقات