رئيس مجلس الإدارة

أ.د حسـام عقـل

إعجاز لغوي بديع في قوله تعالى "وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ" !

  • أحمد نصار
  • الأحد 03 مارس 2024, 01:56 صباحا
  • 468
تعبيرية

تعبيرية

 قال الباحث اللغوي محمد إسماعيل عتوك، أستاذ في اللغة العربية، بجامعة دمشق، إن هناك إعجاز لغوي بديع ومدهش في قوله تعالى"  "وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ" حيث كان الظاهر أن يقال: "فَنِعْمَ الْفَارِشُونَ"، بدلاً من قوله تعالى:﴿ فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ ﴾. ولو قيل ذلك، لكان بليغًا؛ ولكنه لا يؤدي المعنى المراد؛ لأن الأرض خُلِقتْ؛ لتكون موضع سكن واستقرار.

 وأردف قائلا: لا يمكن أن تكون كذلك إلا إذا مهدت بعد فرشها. فاختار سبحانه وتعالى للمعنى الأول لفظ ( الفرش )، لِمَا فيه من دلالة على الراحة والاستقرار، واختار للمعنى الثاني لفظ (التمهيد )، لِما فيه من دلالة على البسط والإصلاح، منوها في الوقت نفسه إلى أن الأرض كونها مفروشة، وممهدة لا ينافي كونها كروية، بل ينسجم معه تمام الانسجام؛ لأن الكرة إذا عَظُمَتْ جِدًا، كانت القطعة منها كالسطح في إمكان الاستقرار عليه.

وأكمل: وفَرْشُ الأرض يعني: تذليلها بعد أن كانت ناتئة صلبة. وكما تُذَلَّلُ الأنعام. أي: تفرَش؛ ليُركَب عليها، كذلك تفرَش الأرض؛ ليُسْتقَرَّ عليها.. وأما تمهيد الأرض فهو تهيئتُها، وتسويتها، وإصلاحها؛ لينتفع بها، وأما قوله تعالى:﴿ وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ فيشير إلى أن الله تعالى، خلق زوجين من كل شيء، ممَّا نعلم، وممَّا لا نعلم، وجاء العلم الحديث؛ ليكتشف تباعًا ظاهرة الزوجية، في هذا الكون الفسيح، وتمكن العلماء أخيرًا من رؤية هذه الظاهرة، في الحيوان المنوي الذكر.

وأوضح : أن الزَّوْجُ من الألفاظ المتَضَايفَة، التي يقتضي وجود أحدهما وجودَ الآخر. وهذا الآخر يكون   نظيرًا مُماثلاً، وهو المِثْلُ، ويكون ضِدًّا مُخالفًا، وهو النِّدُّ . وما من مخلوق إلا وله مِثْلٌ، ونِدٌّ، وشِبْهٌ، والله جل وعلا وحده هو الذي لا مِثْلَ له، ولا نِدَّ، ولا شِبْهَ؛ لأنه واحد أحد، وفرد صَمَد،﴿ فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّميعُ البَصيرُ ﴾(الشورى:11)

وختم قائلا: ومن هنا علينا أن نؤكد أنه لا يستحق أحد أن يسمى خالقا وربا مطلقا، وأن يكون إلهًا معبودًا إلا الله جل وعلا؛ لأن ذلك يقتضى الاستقلال والانفراد بالمفعول المصنوع، وليس ذلك إلا لله وحده سبحانه، وتعالى عمَّا يقول الظالمون عُلُوًّا كبيرًا.. والحمد لله الذي خلق الإنسان، وعلمه البيان، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا

 

 

تعليقات