باحث في ملف الإلحاد يرد على «من يدعي بطلان القرآن لكونه نزل باللغة العربية»

  • جداريات Jedariiat
  • الثلاثاء 20 فبراير 2024, 9:41 مساءً
  • 165

رد الدكتور محمد سيد صالح، الباحث في ملف الإلحاد، على شبهة يقول صاحبها: تزعمون أن الإسلام نزل للناس كافة ثم نجد أن القرآن نزل باللغة العربية فقط، فكيف يصل لغير العرب وما ذنبهم إن لم يفهموا القرآن ولم يؤمنوا به؟! لذا تُعد رسالة الإسلام ظالمة.

وبين في إجابته أنه مما لا شك فيه أنه "بالنسبة لنا كمسلمين أن الإسلام دين عالمي أنزله الله للناس كافة بمختلف لغاتهم وأجناسهم ليهتدوا به، فقال تعالى: ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ )، وأنه من الطبيعي أن ينزل الله القرآن بلغة القوم الذي يعيش بينهم رسوله ليبدأ بدعوتهم ويكون القرآن الكريم عليهم حُجة، ومن ثم بعد ذلك ينتشر من خلالهم إلى الناس كافة، وبالفعل لما تمكن الإسلام وازداد عدد معتنقيه أطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم مواكب رسله إلى ملوك العالم أمثال كسرى وقيصر والنجاشي برسائل وخطابات مختومة بختمه، وكانت تلك الرسائل تحمل حرص النبي صلى الله عليه وسلم على إسلام هؤلاء الملوك وإبلاغ دعوته إليهم".

وأكد أن اختيار النبي صلى الله عليه وسلم لسفرائه كان قائمًا على مواصفات خاصة رباهم عليها، فكانوا يتحلون بالعلم والفصاحة والحكمة والصبر والشجاعة وحسن التصرف والمظهر، كما أرسل دحية الكلبي إلى الروم لحسن مظهره وفراسته وعلمه بهم، وأرسل عبدالله ابن حذافة إلى كسرى عظيم الفرس وكان هو الآخر على دراية بهم وبلغتهم، كما أرسل ايضًا حاطب بن أبى بلتعة إلى المقوقس بمصر، وكان حاطب أحد فرسان قريش وشعرائها في الجاهلية، وكان له علم بالنصرانية كما جاء ذلك في كتاب الإصابة لابن حجر.

وتابع: فضلًا على أنه كان لهؤلاء الملوك مترجمين يعلمون العربية ليقرأوا لهم الرسائل التي كانت تأتيهم من العرب، كما كان ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فكان لرسول الله من كتاب الوحى من هم على علم باللغات الأخرى ليقرأوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم الرسائل التي كانت تأتيه من غير العرب، كما يظهر ذلك في رواية الترمذي بسنده عن زيد بن ثابت رضى الله عنه حيث قال: ( أَمَرَنِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَنْ أَتَعَلّمَ لَهُ كَلِمَاتٍ مِنْ كِتَابِ يَهُودَ وَقالَ إِنّي وَالله مَا آمَنُ يَهُودَ عَلَى كِتَابِي، قالَ فَمَا مَرّ بي نِصْفُ شَهْرٍ حَتّى تَعَلّمْتُهُ لَهُ ). وهذا الأمر طبيعيا وبديهيًا لتواصل الأمم والشعوب مع بعضها لبعض.

وشدد على أنه لما كان الإسلام هو خاتم الأديان والقرآن أخر الكُتب كان لابد أن ينزل بأقوى لغة في العالم، وأكثرها ثراءً، كما أنها تتسم بسعة ألفاظها، وقوة تراكيبها وقدرتها على النمو. وقد شهد لقوة اللغة العربية عن غيرها من هم من غير العرب أنفسهم، وشهادتهم مما نعتز به، فهذا روفائيل بتي وهو الرجل الذي يجيد تسع لغات هي (العربية والإنجليزية والفرنسية والألمانية والهندية والآرامية والعبرية والفارسية والروسية) يقول في كتابه The Arabes Men الصادر في سنة 1976م في نيويورك ص 48 (إنني أشهد من خبرتي الذاتية أنه ليس ثمة من بين اللغات التي أعرفها لغة تكاد تقترب من العربية سواء في طاقتها البيانية أم في قدرتها على أن تخترق مستويات الفهم والإدراك، وأن تنفذ وبشكل مباشر إلى المشاعر والأحاسيس تاركة أعمق الأثر فيها).

كما يقول أيضًا المستشرق (ريتر) أستاذ اللغات الشرقية بجامعة اسطانبول، وهو من المخضرمين أي من حاضروا في الجامعة قبل حركة كمال أتاتورك وبعدها. يقول: (إن الطلبة قبل الانقلاب كانوا يكتبون ما أملي عليهم من محاضرات بسرعة فائقة؛ لأن الخط العربي اختزالي بطبعه، أما اليوم فهم يفتأون يطلبون إعادة العبارات مرارًا، وهم معذورون فيما يطلبون؛ لأن الكتابة اللاتينية لا اختزال فيها.. ثم أضاف قائلاً: إن الكتابة العربية أسهل كتابات العالم، وأوضحها، فمن العبث إجهاد النفس في ابتكار طريقة جديدة لتسهيل السهل، وتوضيح الواضح).  أيضًا قول (إرنست رينان) في كتاب (تاريخ اللغات السامية) حيث يقول: من أغرب المدهشات أن تثبت تلك اللغة القوية وتصل إلى درجة الكمال وسط الصحاري، عند أمة من الرحل تلك اللغة التي فاقت إخوتها بكثرة مفرداتها ودقة معانيها وحسن نظام مبانيها، وكانت هذه اللغة مجهولة عند الأمم، ومن يوم أن علمت ظهرت لنا في حلل الكمال إلى درجة أنها لم تتغير أي تغير يذكر، حتى إنها لم يعرف لها في كل أطوار حياتها لا طفولة ولا شيخوخة، بحسب "محمد سيد صالح".

 

وذكر أن الشخص الذي يتحدث باللغة العربية يكون الأجدر بنطق جميع الأحرف والمخارج دون أدنى صعوبة في ذلك مما يسهل عليه دعوة غير المسلمين بلغاتهم بعد تعلمه اللغة التي يريد أن يدعوا بها أهلها ويكون ذلك أسرع لفهم الآخر وأكثر إيصالًا للمعنى، والناظر في حال العرب إذا نطقوا أي لغة في العالم أنهم قادرين على النطق بها كما هي، أما الأعجمي إذا أراد التحدث بالعربية يجد في ذلك صعوبة في نطق حروفها ومخارجها فتجده مثلًا يقرأ الحاء خاء والحاء هاء وقد يغير بذلك المعنى المراد إيصاله.

وأوضح الباحث في ملف الإلحاد، أن عدد المسلمين اليوم زاد عن المليارين، وعدد المسلمين العرب بينهم لا يتجاوز الأربعمائة مليون مسلم عربي، إنما نجد أنه أكثر من مليار ونصف المليار من غير العرب الأعاجم، وعلى سبيل المثال:

عدد مسلمي أندونسيا 200 مليون من المسلمين وهم غير عرب .

عدد مسلمي باكستان قرابة مائة وستون مليونًا وهم غير عرب.

عدد مسلمي بنجلاديش قرابة مائة وخمسون مليونًا وهم غير عرب.

عدد مسلمي تركيا ثلاثة وسبعون مليونًا وهم غير عرب.

عدد مسلمي أفغانستان قرابة سبعة وعشرون مليونًا وهم غير عرب.

حتى الصين الدولة البوذية التي تحارب وتعادي الإسلام تجاوز فيها عدد المسلمين مائة مليون مسلم وهم غير عرب. وغير ذلك من دول العالم.

وتابع: ليس ذلك فقط بل من أعاد تحرير فلسطين كان صلاح الدين الأيوبي ولم يكن عربيًا بل كان كردي، والذي فتح بلاد الأندلس هو طارق بن زياد ولم يكن عربيًا بل كان بربري، كما أن ثلاثة من أصحاب الكُتب الست في الحديث ليسوا عرب وهم: ( البخاري، النسائي، ابن ماجه ).

وكما وصل الإسلام إلى كل هؤلاء من غير العرب وفي كل أنحاء العالم يجعلها تصل لأي إنسان ينطق بأي لغة، وفي هذا حُجة دامغة على من كل يدعي أن نزول القرآن بالعربية ظُلم لغير العرب.

وذكر أن من يدعي بطلان القرآن لكونه نزل باللغة العربية ولم ينزل بلغة تناسب كل البشر يناقض نفسه، لأن هذا المدعي لا يخلوا من حالين: إما أن يكون معتنقًا لديانة ما وحتمًا ديانته نزلت بلغة المكان الذي نزلت فيه ولم تنزل بلغة يفهمها العالم، وحسب منطقه عليه أن يُقر ببطلان دينه، إما أن يكون مُلحدًا والإلحاد بلا شك خرجت أدلته المزعومة من دول الغرب بلغة الغرب وعليه فإلحاده أيضًا باطل لأن أدلة الإلحاد المزعومة لم تخرج من كل دول العالم قاطبة. وإذا قال أن دينه الذى يعتنقه تُرجم بعد ذلك، أو أدلة إلحاد الغرب هي الأخرى تُرجمت بعد ذلك حتى وصلتنا، نقول لهم فبنفس طريقة وصولها إليكم وصل الإسلام إلى كل مكانٍ بالعالم.


تعليقات