نموذج للتفوق والإرادة.. شيخ الأزهر يحتفي بمحمد صاحب البصيرة ويشيد بأسرته
- الإثنين 05 مايو 2025
تعبيرية
قال الدكتور محمود عبدا لله إبراهيم نجا، الباحث في الإعجاز العلمي في
القرآن، والاستاذ بطب المنصورة، إنه حتى وقت قريب، كان العلم لا يعرف وظيفة لمني الرجال
غير تلقيح البويضة، ولكن النص الإسلامي ذكر لمني الرجل وظائف أخرى. ففي آية (نساؤكم
حرث لكم) يمكن أن نفهم أن مني الرجل يحرث أرحام النساء، وفي حديث (لا يحل لامرئ يؤمن
بالله واليوم الآخر أن يسقي ماءه زرع غيره)، يمكن أن نفهم أن مني الرجل يسقي الجنين،
وأن السقاية بماء رجل آخر فيه مفسدة. ولذا لابد أن نقف مع الدلالة اللغوية والعلمية
لهذين النصين، ومقارنة النتائج مع ما توصل إليه العلم عن وظائف مني الرجال، لنرى هل
يتفقان أم يختلفان. وسأكتفي في هذا البحث بآية (نساؤكم حرث لكم)، ولاحقاً الحديث.
وتابع: قال الله (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ
فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ ۖ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ) البقرة ٢٢٣،
موضحا أن الدلالة اللغوية والعلمية لمصطلح الحرث، ووفقا لما جاء في لسان العرب نجد
أن أصل الحرث شقٌّ السطح الملتئم وإثارته، ومنه شق الأرض بالمحراث وتقَلْيب تربتها
وتجهيزها لإلقاء البذور فيها، والذي يحرث الأرض حَرَّاثُ أو حارث، ويُسمَّى المحروث:
حرثًا. كما يُطلق الحَرْثُ على الزَّرع.
وأوضح "نجا" أنه بالرجوع للتفاسير
نجد هذه المعاني واضحة، فيقول القرطبي، والفخر الرازي (لفظة الحرث فيها تشبيه؛ لأن
النساء مزدرع الذرية، فشبه الله فرج المرأة كالأرض، والنطفة كالبذر، والولد كالنبات).
ويقول الطاهر ابن عاشور في التحرير والتنوير "الحرث مصدر حرث الأرض إذا شقها بآلة
تشق التراب ليزرع في شقوقه زريعة أو تغرس أشجار . وتشبيه النساء بالحرث تشبيه لطيف،
شبهت فيه النساء بالأرض، والنسل بالزرع، وشبهت المرأة بالأرض لأن كليهما يمد الوجود
الإنساني بأسباب بقائه".
وأردف قائلا: إنه من الناحية البلاغية كلمة
(حرث) جاءت مصدر وذلك للمبالغة في فعل الحرث، ولفت النظر لأهميته. والآية فيها تشبيه
بليغ لمحسوس بمحسوس، وهو أكثر أنواع التشبيه بلاغة، فشبه الله النساء بالأرض المحروثة،
وحُذفت أداة التشبيه (الكاف)، وحذف وجه الشبه، لاستثارة العقل للبحث عن كيفية حراثة
مني الرجال للنساء، وهذا يعني أننا سنشاهد كيفية حراثة النساء بمني الرجال كما نشاهد
حراثة الفلاح لأرضه.
وأكمل"نجا": وأرى أن أوجه الشبه المحذوفة يُستدل عليها من المعنى
اللغوي للحرث، والمتمثلة في أن حرث الأرض يحتاج لحارث (حراث) يقوم بتقليب الأرض، وتجهيزها
لوضع البذرة، وكذلك أرحام النساء بحاجة لحراث يقوم بتهيئة الرحم قبل غرس الجنين، وهذا
الحراث هو مني الرجال الذي يتكون من حيوانات منوية (sperms)، وسائل منوي به مركبات حيوية عديدة (seminal plasma)، فهل الحرث يتم بهما أم بواحد منهما؟. الذي يظهر
لي أن الحرث يتم بكليهما لأن آية الحرث لا استثناء فيها، ولكن لما تحدث النص الإسلامي
عن خلق الجنين من ماء الرجل والمرأة وقع الاستثناء، فقال النبي (ما من كل الماء يكون
الولد)، وقال الله (من نطفة من مني يمنى)، فالنطفة بعضٌ من المني.
وتابع: حرث الأرض وتهيئتها سبب مهم للزرع وإنبات النبات، وكذلك حرث الرحم بمني
الرجل سبب مهم لزرع الولد وإنباته، إذا لم تكن حراثة الأرض سليمة فسيتضرر النبات، وقد
يفشل الإنبات، وكذلك حراثة الأرحام إذا لم تكن سليمة، فالحمل قد لا يحدث، وقد تحدث
أضرار، كن هل العلم يوافق على أن مني الرجال يحرث رحم المرأة كما يحرث الفلاح أرضه؟
ولفت إلى أنه في عام ٢٠٠٤ أُجري بحث على
إناث الفئران، أُثبت فيه أن التلقيح بالمني يعمل على زيادة نشاط الخلايا الليمفاوية
والمركبات المناعية في العقد الليمفاوية القريبة من الرحم، أي أن المني يثير تفاعل
مناعي قد يكون له دور في تقبل غرس الجنين. ولوحظ أيضاً أن سبب التغيرات المناعية هو
مركبات البلازما المنوية، وليس الحيوانات المنوية (١)، ولكن هذه الملاحظة الأخيرة سيثبت
خطأها لاحقاً، كما أشار إلى أنه في نفس العام نُشر بحث آخر يقول بأن إناث الفئران التي
تعرضت أرحامها للسائل المنوي قبل نقل الأجنة لها، يحدث فيها نمو طبيعي للمشيمة والجنين
قبل وبعد الولادة، بينما التي نُقلت لها الأجنة دون تعرض للسائل المنوي، حدث فيها نقص
في حجم المشيمة، وكان وزن الأجنة أقل. وهذا يعني أن السائل المنوي يتحكم في البيئة
المناعية للرحم، وهي مهمة لغرس الجنين ونموه .
ونوه إلى أنه في الأعوام التالية أُجريت
العديد من الأبحاث للكشف عن الآلية التي تُمكن السائل المنوي من إنجاح زرع الأجنة في
الرحم. وتبين أن بطانة الرحم تستجيب مناعياً لبعض مركبات السائل المنوي مثل عامل النمو
المحول-بيتا (TGF- β)، وبعض انواع البروستاغلاندين،
ومستضدات HLA القابلة
للذوبان. وهذه المركبات يمكنها إحداث إلتهابات وتنشيط للجهاز المناعي لبطانة الرحم،
فتتزايد بها الخلايا المناعية، وأهمها الخلايا التائية التنظيمية (T-reg)، وكل ذلك يؤدي لإعادة تشكيل بطانة الرحم لتقبل
غرس الجنين، ونموه بشكل طبيعي (٣، ٤ ، ٥، ٩، ١٠).
وأوضح: أنه بات من المعلوم أن عن عدم تعرض
الرحم للسائل المنوي قبل الحمل، أو نقص النشاط المناعي للرحم، قد يؤديان لأمراض كثيرة
مثل العقم الغير مبرر، أو فشل الحمل، أو الإجهاض، أو تسمم الحمل، وقد تتأثر صحة النسل
قبل وبعد الولادة، فيعانوا من اضطرابات أيضية مثل السمنة وارتفاع ضغط الدم ومقاومة
الأنسولين (٦، ٧، ٨، ١٠).
وختم كلامه : وأخيراً في عام ٢٠٢٠، وعام
٢٠٢١، أُثبتت الأبحاث على إناث الخنازير والفئران، أن البلازما المنوية تقوم بتحفيز
جينات بطانة الجهاز التناسلي المختصة بالدفاعات المناعية، والجينات المشاركة في التلقيح،
وغرس ونمو المشيمة والجنين. وأُثبت أيضاً أن الحيوانات المنوية (sperms) لها دور مماثل لبروتينات البلازما المنوية (seminal plasma) في تحفيز الجينات السابقة، حيث وجد الباحثون أن
عدد الجينات المُحفزة يزيد عند إضافة الحيوانات المنوية. وأكدت هذه الأبحاث أيضاً على
أن عيوب الحيوانات المنوية، أو بروتينات السائل المنوي، تؤدي إلى اضطرابات في التلقيح،
وأمراض للأم والجنين، وأن هذه العيوب تحدث بسبب تقدم العمر، أو سوء التغذية أو البدانة،
أو الخمر والتدخين والمخدرات، أو التعرض للملوثات البيئية.