أفلا تبصرون.. هل رأيت نمل الباندا من قبل؟!
- الأحد 24 نوفمبر 2024
هشام عزمي
قال الدكتور هشام عزمي، الباحث في ملف الإلحاد، إن هناك قاعدة كلية من المهم استصحابها في كثير من الأسئلة المتعلقة بجزئيات الشريعة.
وبين أنها تتمثل
في أن علم الله مطلق وغير محدود وحكمته تعالى واسعة ومطلقة، وفي المقابل فإن علم
الإنسان محدود وكذلك حكمته وعقله وذكائه وقدراته الذهنية بعامة لها حدود، فمن
الطبيعي في هذه الحالة أن توجد أوامر ونواهي صادرة من الله لا يستوعب المرء الغاية
الكاملة منها نظرًا للفارق الواسع في العلم والحكمة كمًا وكيفًا.
وذكر أن للدكتور
خالد عمارة أستاذ جراحة العظام بجامعة عين شمس مثال جميل في هذا الصدد عن مواطن
مسافر إلى بلد آخر ولأجل أن يسافر عن طريق الطائرة قضى ما يقرب من الساعة في
الدائرة الجمركية حتى أنهى إجراءات سفره، فتذمر واشتكى وقال: لماذا لا يتم إلغاء
كل هذه الإجراءات ويصعد المرء إلى الطائرة مباشرة دون كل هذه التعقيدات؟!! ويعقب
د. خالد بما معناه أن هذه الإجراءات قد وضعها عقل - أو عقول - أكبر من عقل المسافر
العادي وأن لكل خطوة منها غايات وفوائد واحتياج وليست خطوات اعتباطية لمجرد
التطويل ومضايقة المسافرين، لكن المسافر العادي الذي لا يدرك أهمية ولا فائدة هذه
الإجراءات لن يستوعب هذا الأمر وسيتضايق ويتذمر.
وأشار إلى أن هذا
مثال في الفارق بين عقول البشر ، فكيف بخالق البشر الذي أحاط بكل شيء علمًا ؟ وكان
أخونا الأكبر متعلم يسمي هذه النوعية من الأسئلة بـ(محاكمة الإله) أي أنك تحاكم
العليم الخبير إلى علمك القاصر وخبرتك المحدودة وتقول له لماذا كذا؟ ولماذا كذا؟
ولم كذا وكذا؟ وكانت له طريقة قاسية في الرد على الملحدين أصحاب هذه النوعية من
الشبهات فيقول للواحد منهم : أنت جاهل مهما بلغ علمك ! أنت تكتشف كل يوم كم كنت
جاهلاً في السابق ! أنت مع كل معلومة جديدة تكتشف أنك عشت حياتك السابقة في جهل
وعماء ! ثم تأتي لتحاكم العليم الخبير إلى جهلك وقصورك !! ..
وشدد على أن
الإيمان يتطلب قدرًا من التسليم بحكمة الله وعلمه المطلق، ولأن تعليل كل أفعال
الله وبيان الحكمة منها جميعًا شيء فوق قدرة البشر وفوق استيعابهم فمن الظلم أن
نعلق إيماننا على معرفة الحكمة من كل أمر ومن كل نهي ومن كل تشريع، وأي عالم
بالدين - مهما بلغ علمه - سيقف عند نقطة ويقول : الله أعلم ، لهذا لابد أن نستصحب
هذه القاعدة الكلية بأننا مهما سعينا لن نتصور المسألة من جميع جوانبها إلا بقدر
ما تسمح عقولنا وفهومنا والتي لا تضاهي إطلاقًا علم الله وحكمته وخبرته جل وعلا.
واختتم: "من المهم أن أعترف بأني لا أستطيع أن أجد المسوغ العقلي لكل تشريع إلهي، بل لابد من التسليم للشرع، وإلا لو كان جوهر الإيمان هو معرفة المسوغ والحكمة عن طريق العقل ، فلنعبد العقل إذن بدلا من الله ! ولا ريب أن هذا باطل ".