رئيس مجلس الإدارة

أ.د حسـام عقـل

أفكار ضد الإلحاد (9).. محمد داود يزيل فهما مغلوطا حول حديث "إيمان أهل الغرب"

  • جداريات 2
  • الأحد 27 أكتوبر 2019, 5:55 مساءً
  • 727
غلاف الكتاب

غلاف الكتاب

منذ أطلقنا هذه السلسلة "أفكار ضد الإلحاد" أخذنا على عاتقنا أن تكون حائط صد ضد الأفكار الإلحادية التي انتشرت- للأسف الشديد مؤخرا- وعلا موجُها لأسباب كثيرة: اجتماعية ونفسية وغيرها من الأسباب التي يصعب حصرها، وكان علينا في مواجهة هذه الموجة الاستعانة بأهم كتابات وأعمال الذين وقفوا بالمرصاد لها، ولكن من خلال الحوار وليس الصدام، والدكتور محمد داود واحد ممن أخذوا على عاتقهم مواجهة الفكر الإلحادى، من خلال منهجية علمية، وفى ثوب عصرى ميسر بعيدا عن التشرذم والتشدد أو الزعاق الأجوف والمتشنج، بل من خلال الحوار العقلانى الهادئ، وكتابه «عزيزى الملحد.. حوار الحق مع الملحدين شواهد وبراهين الإيمان» واحد من إسهاماته فى التصدى للإلحاد وأسبابه والرد على أسئلة الملحدين، من خلال مواقع السوشيال ميديا خاصة "فيس بوك" ، متحليا بالنفس الطويل في الأخذ والرد، وحسن الخطاب، ولأهمية الكتاب فقد تعرضنا له من قبل في «جداريات»، ضمن سلسلة أفكار ضد الإلحاد، ونكمل.

ومما يطرحه أحد المشوشين واختلط عليه الأمر  حول الإيمان تفسيره المغلوط لأحد الأحاديث الذي يتحدى به الدكتور محمد داود: "لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة". هذا حديث قاله رسولكم.. إذن أمريكا على حق وأنتم على باطل.. هذا كلام نبيكم الذي تؤمنون به طبعا ستقول لي الحديث ضعيف.. لا الحديث رواه مسلم ولا تستطيع إنكاره". " ويجيب عليه الدكتور محمد داود بأسلوب حجاجي علمي رصين يتسم بِرَويّة وأناة ولين يتبدى جليا في حرص داود على مخاطبة السائل بـ"عزيزي"، محاولا الأخذ بيده، ويجلي غشاوة فهمه المغلوط، فبماذا يجيب داود؟


يقول داود:: عزيزي..

أولا: الحديث لا أنكره وهو صحيح وأخرجه مسلم في صحيحة عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عليه وسلم.


ثانيا: ولكن هنا قضية مهمة يا عزيزي.. عدم علمك بقواعد اللغة العربية وقواعد المعنى، جعلك تتسرع في الفهم.. يا عزيزي لن أخترع لك إجابة، بل إن المتأمل لأقوال شراح حديث: "لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق" (رواه مسلم).. يجد أنهم قد ذكروا- ضمن أقوالهم في شرح حديث- أن أهل الغرب تكون بمعنى:


1- أهل الجلد والشدة.


2- المخصوصون بالجهاد


3- أهل العلم 


4- الغرب

وكلمة (الغرب)، جاءت في قولهم أتاهم سهم غرب إذا لم يدر من رماه به" أي أن سهم غريب لا يدري من رماه".. (أنظر: لسان العرب: غ ر ب). 

لذا فكلمة (الغرب) تأتي بمعنى الغربة، وهي: البعد عن الوطن، يقال: غربت الدار.. ومن هذا الباب: غروب الشمس، كأنه بعدها عن وجه الأرض".. (انظر: لسان العرب: غ ر ب)

ونستخلص من ذلك أن قوله صلى الله عليه وسلم (أهل الغرب) يعني: أهل الغربة، وهم النادرون بين الناس.. أي: الذين يتمسكون بالحق وهم قلة، فهم غرباء بين الناس.

ويؤيد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في حديث مماثل: "ولا تزال عصابة من المسلمين يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم، إلى يوم القيامة" (رواه مسلم).. أي: أن هؤلاء ظاهرون على الحق، أي: أنهم غالبون وقاهرون لعدوهم، وهم على الحق حتى تقوم القيامة.

وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "بدأ الإسلام غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ غريبا فطوبى للغرباء". (رواه مسلم).

أي: أن هؤلاء الغربا أيضا هم أهل الحق الذين بهم بدأ الإسلام وبهم سينتهي، فهم- وإن قل عددهم- على الحق رغم كثرة الأعداء الذين يحيطون بهم من كل حدب وصوب، فهم أهل الجلد والشدة وهم الصابرون المجاهدون.

ونخلص من هذا إلى القول بوجود ارتباط بين الحديثين، فالغرباء من هم (أهل الغرب) على الحق، وهم أهل الصبر وأهل الجلد المتمسكون بهدى الدين في زمن شيوع الفكر المادي... والله ربي أجل وأعلم.

تعليقات