رئيس مجلس الإدارة

أ.د حسـام عقـل

100 شبهة حول الإسلام.. هل الله موجود؟

  • جداريات Jedariiat
  • الخميس 25 يناير 2024, 11:17 صباحا
  • 285

رد الباحث في ملف الإلحاد، الدكتور محمد سيد صالح، في كتابه "100 شبهة حول الإسلام" على سؤال يطرحه أغلب الملاحدة: هل الله موجود؟

وبين أن البعض يدعي أنه لا يوجد أدلة كافية في مختلف العلوم على وجود الله، مؤكدًا أن أدلة وجود الله سبحانه كثيرة جدًا ومتنوعة ويستحيل حصرها، فكل المخلوقات تدل عليه، كما أن كل العلوم تؤدي إلى وجوده سبحانه، ولأن الله حق، ووجوده حق، تجده يدعونا لمعرفته من خلال مزيج من الدين والعلم والعقل والفلسفة وهذا ما تجده في قوله سبحانه: "سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحقوهنا نجد الله سبحانه يدعونا للبحث العلمي المباشر في كل ما يتعلق بالأفاق والنفس البشرية، والذي بدوره سيصل بنا تلقائيًا إلى التفكير الفلسفي والسؤال عن موجد هذه المخلوقات، وخالقها ومسخرها ومسيرها، ومن ثم يهتدي الإنسان إلى لله الحق، وهذا راجع لإعمال العقل وتوجيه من الدين.

وذكر أن العلم يبحث عن آليات الشيء: (مثل ظواهر الكون ومكوناته، ونظمه، وقوانيته، ومكوناتهوالفلسفة لا تكتفي بهذا العالم المحسوس، بل تبحث عن غايات الشيء مثل: من أين جاء الكون، والغاية منه، وحقيقة الإنسان والغاية من خلقه إلخ ، وكل هذا حتمًا بإعمال العقل، وبتوجيه من الدين كما نص قول الله في الآية

السابقة.

ولفت إلى ضرورة أن نتأمل في الكون وآفاقه، والإنسان وأجزائه.

( 1 ) الكون: (بدايته، وضبطه، وإحكامه).

1. بداية الكون: الكون الذي تشهده وتعلمه له بداية في وجوده، فقد كان معدومًا، ثم انتقل من العدم إلى الوجود، وصار متصفًا بالوجود بعد أن كان فاقدًا له.

ذلك أن العلم التجريبي في تطوراته الحديثة يؤكد في عدد من اكتشافاته المتأخرة أن العالم حادث له بداية، وليس أزلي ويستطيع أي باحث أن يصل لتلك الأدلة التي ثبت من خلالها على بداية الكون وحدوثه من العدم بكل سهولة، وهنا أكتفي بعرض دليل واحد من هذه الأدلة؛ وهو دليل الإزاحة الحمراء: في عام ١٩٢٩ م جاء «إيدون هابل» عالم الكونيات وقد توصل إلى أدلة بداية

الكون فقلب كل مفاهيم العلم في هذا الوقت، مما دعى «أينشتاين» للسفر إليه ليتعرف على دليل بداية الكون، وكان دليل «هابل» أنه توصل إلى ظاهرة الإزاحة للمجرات Redshift، والتي تعني أن المجرات تتباعد وأن الكون يتمدد، أي لو رجعنا بحساباتنا الرياضية للوراء، ستجد المجرات تتقارب، وكلما رجعنا للوراء ستجده تتقارب أكثر فأكثر حتى تصل إلى الذي كان فيه المسافة بين المجرات تساوي صفرا أي أن له بداية؛ فلما تأكد «أينشتاين» من صدق المعلومات، اعترف أن وصفه الثابت في معادلاته يلغي به تأثير الجاذبية؛ لتتماشي النتيجة مع الفكرة السائدة عن ثبات الكون، يعتبر خطأ علمي في حياته.

وتتحصل حقيقة هذا الدليل في الاستدلال على ضرورة وجود الله بحدوث الكون بجميع مكوناته وأحداثه، فالكون حدث من الأحداث وفعل من الأفعال، فلابد له من محدث، وفاعل يقوم بإحداثه وفعله وإيجاده من العدم، فكل شيء يحدث بعد أنه لم يكن، فإنه يجب أن يكون له سبب وفاعل، بحسب ما يقول محمد سيد صالح.

۲. ضبط الكون وإحكامه:

والمراد بهذا الدليل أن الكون رُكب بصورة معقدة جدا، لا يمكن اختزالها في أسباب راجعة إلى الكون نفسه أو إلى الصدفة والقدر الأعمى، وشكلت أحداثه وأجزاءه في مسارات دقيقة صارمة، بحيث أن كل جزء منه يؤدي وظيفة دقيقة خاصة به، وقدرت مكوناته بمقادير دقيقة، بحيث أن أي زيادة فيها أو نقصان يؤدي إلى اختلافات كبيرة ربما تؤول إلى فساد الكون كله.

وقد تنوعت الأدلة والشواهد الدالة على هذا، وتنقسم إلى نوعين أساسيين النوع الأول: فهو الدليل الحسي المباشر، فكل عاقل يشاهد أصنافا منوعة من الإتقان في الوجود، وقد كان هذا النوع من الاستدلال الحسي المباشر منتشرًا عند الأقدمين قبل ظهور العلم التجريبي، وعلى ضوء ذلك يقول الخطابي: «أنك إذا تأملت هيئة هذا العالم ببصرك، واعتبرتها بفكرك، وجدته كالبيت المبني فيه جميع ما يحتاج إليه ساكنه من آلة وعتاد، فالسماء مرفوعة كالسقف، والأرض ممدودة كالبساط، والنجوم منضودة كالمصابيح، والجواهر مخزونة كالذخائر، وضروب النبات مهيئة للمطاعم والملابس والمشارب، وصنوف الحيوان مسخرة للمراكب، مستعملة في المرافق، والإنسان كالمملك البيت المخول لما فيه، وفي هذا كله دلالة واضحة على أن العالم مخلوق بتدبير وتقدير ونظام، وأن له صانعًا حكيمًا، تام القدرة بالغ الحكمة».

وأما النوع الثاني: فهو الدليل العلمي التجريبي، فقد شهد العلماء مع التطورات العلمية الحديثة أصنافًا من الإتقان والإحكام في الكون، وألوانًا مبهرة من الدقة والتقدير، وأشكالًا مختلفة من التصميم المبهر وثوابت الكون التي لا تتغير .

وأشار إلى أنه من الملاحدة الذين توسعوا في شرح الإتقان والإحكام في الكون العالم الفيزيائي (ستيفن هوكنج)، فلقد أولى هذه القضية اهتماما بالغًا، وكرر مرارًا بأن الكون متصف بالضبط الدقيق المبهر، ويقول: «معظم الثوابت الأساسية في نظرياتنا تبدو مضبوطة بدقة، بمعنى أنها لو عدلت بمقادير بسيطة، فإن الكون سيختلف كيفيًا، وسيكون في حالات عديدة غير ملائم لتطورات الحياة»، ثم يقول: «يبدوا أن كوننا وقوانيته كليهما مصممان على يد خياط ماهر لدعم وجودنا»، فرغم إلحاد ستيفن هوكينج الظاهري، إلا أن بداخله شيء يجعله ينفر من فكرة أن الكون جاء عن طريق الصدفة أو العشوائية أو القدر الأعمى، بل له مسبب أول أوجده من عدم، ثم سيره وفق قوانين ثابتة فتجده قد عوض عن الاعتراف بوجود الله بوصفه للكون أنه صمم على يد خياط ماهر، وهنا أتعجب! لماذا لم يقر بوجود إله لهذا الكون بدلًا من تبديله بالخياط الماهر؟!

وغير ذلك من الأدلة العلمية التجريبية التي توصل إليها العلماء، فقد دبج العلماء مقطوعات مطولة في وصف ذلك الإتقان، وتفننوا في توضيح الإحكام وتناغمه ودهشته، والإقرار بإتقان صنعة الكون وإحكامه، والكلام حول دقة تقدير ليس خاصا بالعلماء المؤمنين، بل أقر به أكثر العلماء الملاحدة، كما شاهدنا مقولات ستيفن هوكينج، يقول العالم الفيزيائي بول ديفز: «حتى العلماء الملحدون الذين يشكلون جزءًا صغيرًا جدًا وهشًا من الكون يدبجون قصائد المديح في ضخامته وتناعمه وأناقته وعبقريته ۔ فالإتقان والإحكام الذي بالكون، والثوابت الكونية الدقيقة جدًا والتي شهد لها كل عالم وكل عاقل، المراد بها أنها لن تقع بغير فاعل عالم مختار مريد حكيم قادر يقوم بتصميمها وتقديرها؛ لكونها تفاصيل معقدة جدًا ومتداخلة، وتصاميم مبهرة مذهلة، لا يمكن نسبتها للقدر الأعمى، أو العشوائية فالعشوائية حتمًا ستؤدي إلى مزيد من العشوائية ولن تصل إلى هذا الضبط والدقة إلا بفعل فاعل يمتلك الصفات التي ذكرنا شيئا منها قبل سطور .

ولفت محمد سيد صالح إلى الحجة العقلية التي أقامها الله سبحانه وتعالى على عباده في قوله تعالى: «أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون * أم خلقوا السموات والأرض بل لا يوقنون ». هل أوجدوا من غير موجد؟ أم هم من أوجدوا أنفسهم؟ أي لا هذا ولا ذاك، أم خلقوا السموات والأرض كلا، بل هو الخالق الأحد الصمد القادر المريد

الحكيم سبحانه وتعالى.

وشدد على أن الكلام معجزة يدل في ذاته على وجود الله سبحانه وتعالى، مشيرا إلى أن الكلام عبارة عن ألفاظ وتعابير، لغة يتواصل بها الإنسان مع غيره من جنس الإنسان. وحسب المعتقد الإلحادي أن كل شيء في الوجود يعود ويرجع للمادة، أو المسبب الأول، فهل المادة أو المسبب الأول شيء متكلم أم صامت؟! فلو كانت المادة تتكلم لأخبرتنا عن نفسها، ولأخبرتنا أنها هي المسببة لهذا الوجود كله، لكنها لم تخبرنا بذلك، فكيف تسبب لها شيئا لم تعترف به ؟!

ومادامت المادة أو السبب الأول عاجز عن الكلام، فكيف يوجد مخلوقات قادرة على الكلام كالإنسان؟! كيف للشيء أن ينتج لنا شيئا لا يملكه ولا يحتويه؟! هذا محال، ففاقد الشيء لا يعطيه لعدم امتلاكه له ولو تأملنا وجود الإنسان وقدرته على الكلام ورجعنا به إلى الوراء، وقلنا إنّ الإنسان تطور من كائنات تسبقه والكائنات التي تسبقه تطورت من كائنات تسبقها وهكذا، حتما ستقف عند المسبب الأول الذي بدأ منه كل هذا الكون بما فيه، وهذا لا يخلو من حالين: إما أن يكون هذا المسبب لا يقوى ولا يستطيع أن يتكلم. وهنا نسأل: كيف للمسبب الأول الذي قام بنفسه وتسبب في وجود هذا الكون كله كان قادرا على إقامة نفسه من تلقاء نفسه، ومن ثم خلق الكون بما فيه، وفي نفس الوقت غير قادر على الكلام والإفصاح عن نفسه، في حين أن إفصاحه عن نفسه أيـسـر بكثير من أن يقوم هو بنفسه ويخلق الكون بما فيه. 

وأكمل:  وإما أن يكون هذا المسبب الأول قادرًا على الكلام وعلم ما تسبب في وجوده «مخلوفاته»، وهنا سنسأل سؤالًا آخر: لو كان قادرًا على الكلام فلماذا لم يخبرنا عن نفسه ويفصح عن نفسه ويقول: (ها أنا من خلقكم وعلمتكم)، ثم يكذب بكلامه كل الأخبار التي جاءت من خلال الرسل والأنبياء عن إخبارهم بوجود إله آخر غيره .

وتسائل: يا تُرى أول إنسان كيف تكلم، ومع من تكلم؟! ولو أن الإنسان الأول تكاثر ونتج عنه أناس آخرين، ثم أراد الإنسان الأول أن يتواصل مع غيره فبماذا يتواصل وكيف يتكلم معهم ليخبرهم بما يريد وهو لا يعرف ماذا سيقول؟! فالكلام بحاجة للتعلم والإنسان بحاجة لسماع أناس يتكلمون؛ ليتعلم منهم الكلام ويعبر به عما يريد.

وعلى سبيل المثال: لو ولد إنسان في غابة من الحيوانات ليس فيها إنسانا آخر، حتمًا هذا الإنسان حينما يكبر سيقوم بتقليد أصوات الحيوانات التي كان يعيش معها فقط؛ لأنه لم يسمع غيرها ولا يعرف شيئًا سواها. فهو لن يردد كلامًا لم يسمعه من قبل... يستحيل ذلك، ولو ولد إنسان بين مجموعة من البشر صامتين لا يتكلمون، سيكبر ويظل صامتًا مثلهم لأنه منذ ولادته لم يسمع كلامًا من أحد ليردد مثله ويعبر به عن ما يحيطه إذن هذا كله يدل على أن هناك شيء عنده العلم بالكلام ثم علم الإنسان الكلام

الذي بواسطته سيتواصل مع جنسه، وهذا لن تجده إلا في قول الله تعالى: «وعلم آدم الأسماء كلها»، ولما تعلم آدم أسماء كل الأشياء التي تحيطه قام بتوريث الكلام لمن بعده، ومن بعده أورثها لمن بعده، وهكذا حتى وصل إلينا، وأصبحنا قادرين على الكلام.

وعليه فإن الكلام في ذاته معجزة لا يستطيع الإنسان الوصول إليه من تلقاء نفسه لكنه بحاجة لمن يعلمه إياه، إذن الإنسان بحاجة لمصدر عليم ألا وهو «الله» سبحانه

وتعالى: يؤكد محمد سيد صالح. 


وشدد على أن المادة التي يرجع إليها الملحد كل شيء في الوجود صماء لا تتكلم ومادامت صماء لا تتكلم يستحيل أن ينتج عنها مخلوق اسمه الإنسان المتكلم.


تعليقات