رئيس مجلس الإدارة

أ.د حسـام عقـل

حديث نبوي معجز علم الفيزياء.. ما القصة؟

  • أحمد نصار
  • الأربعاء 24 يناير 2024, 03:04 صباحا
  • 324
الحديث النبوي

الحديث النبوي

أكد الباحث في الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، الدكتور محمد بن إبراهيم دودح، أخصائي أمراض جلدية وتناسلية وعقم, الزمالة الدولية موسكو ، أن الخسف قد يحدث وينجو الإنسان إذا شاء الله، لكن الكتاب العزيز يؤبد هلاكه وفقدانه لكل أسباب الزهو والفخر والتجبر في قوله جل وعلا: “فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنتَصِرِينَ”القصص 81, مشيرا إلى أنه لن ينجو إذن طاغية من عقاب الله إذا شاء أن يطاله وستقع نهايته التي لا رجعة عنها إلى يوم القيامة ليلقى أسوأ مصير, واحتاط الخبر كذلك فلم يكتف بوقوع الخسف وإنما أضاف ما يؤبد الهلاك فما قاله النبي صلوات الله عليه وسلم في الحديث الشريف المتفق عليه :" بينما رجل يجر إزاره من الخيلاء خُسف به ، فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة" .

وتابع: وكذلك في قوله تعالى: “وَإِنّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ. إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ. فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ. فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ. فَلَوْلاَ أَنّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبّحِينَ. لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىَ يَوْمِ يُبْعَثُونَ”الصافات 139-144؛ قال الطبري: “قوله (لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىَ يَوْمِ يُبْعَثُونَ): لصار له بطن الحوت قبرًا إلى يوم القيامة”, أي لمات ولما خرج من بطنه قط, قال أطفيش: “فإنما قال (إِلَىَ يَوْمِ يُبْعَثُونَ) لقربه من وقت الموت”  وقال الألوسي: “مبالغة في طول المدة”, وفي الميزان: “المراد بقوله (لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىَ يَوْمِ يُبْعَثُونَ) تأبيد مكثه في بطنه إلى أن يبعث فيخرج منه كالقبر الذي يقبر فيه الإنسان ويلبث فيه حتى يبعث فيخرج منه.. ولا دلالة في الآية على كونه عليه السلام (سيواصل).. اللبث حيا في بطن الحوت إلى يوم يبعثون أو ميتا وبطنه قبره مع بقاء بدنه وبقاء جسد الحوت على حالهما..

  وأردف قائلا: (وإنما هي) كناية عن طول اللبث”, ومثله قوله تعالى: “فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَىَ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ” التوبة 77، وقوله تعالى: “وَمَنْ أَضَلّ مِمّن يَدْعُو مِن دُونِ اللّهِ مَن لاّ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَىَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ”الأحقاف 5, وفي الخبر: “عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً فَاسْتَعْمَلَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ فَغَضِبَ فَقَالَ أَلَيْسَ أَمَرَكُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُطِيعُونِي قَالُوا بَلَى قَالَ فَاجْمَعُوا لِي حَطَبًا فَجَمَعُوا فَقَالَ أَوْقِدُوا نَارًا فَأَوْقَدُوهَا فَقَالَ ادْخُلُوهَا فَهَمُّوا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يُمْسِكُ بَعْضًا وَيَقُولُونَ فَرَرْنَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ النَّارِ فَمَا زَالُوا حَتَّى خَمَدَتْ النَّارُ فَسَكَنَ غَضَبُهُ فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ”[19],وهكذا يَرِد التأبيد على وجه المبالغة فلا يمتنع إذن خبر التجلجل في الأرض مبالغة في النهي عن التكبر بطريق الخبر, قال المناوي: “وهذا تحذير من الخيلاء وترهيب من التكبر”, وقال الرازي: “(و)لا يمتنع ما روى على وجه المبالغة في الزجر”

أشار إلى أن الأصل في (الجلجلة) هو التردد في الحركة خاصة مع الجلبة كالجرس يتردد في الحركة فيصدر جلبة ولذا سمى جُلْجُل, قال ابن منظور: “التجلجل.. الحركة والجولان.. (و)جلجل الرجل إذا ذهب وجاء.. والجُلْجُل الجرس", وقال الحربي: (و)جلجلته الريج ذهبت به وجاءت”, وقال الأصمعي: “هو الذهاب بالشيء والمجئ به وأصله التردد والحركة ومنه تجلجل في الكلام وتلجلج إذا تردد” , ولو وجد شق في طرف من الأرض ليتصل بشق يقابله فإن تجلجل المخسوف به في الخبر يفيد تدافعه دوما من شق إلى شق إذا لم يوقفه شيء, قال ابن فارس: “التجلجل أن يسوخ في الأرض.. ويندفع من شق إلى شق", ولك أن تدهش إذا علمت أن فرضية الشق الذي يعبر قطر الأرض بين طرفيها وسقوط جسم فيه هو إحدى المسائل النظرية التي درسها الفيزيائيون منذ عقود قليلة فتوصلوا إلى نفس ما دل عليه الخبر من تردد ما يسقط فيه جيئة وذهابا دوما إذا لم يوقفه شيء.

وأضاف أن الرياضي لوتويدج دودجيسون في كتاب له (Sylvie and Bruno)نشر عام 1893 نقل فكرة إمكان الانتقال بين المناطق البعيدة على سطح الأرض اعتمادا على جاذبيتها, وترجع الفكرة في الأساس للأستاذ مين هير Mein Herr, وخلاصتها أن داخل نفق يمر بعيدا عن مركز الأرض أو يمر خلاله مهيأ للتدحرج بغير احتكاك Frictionless Rollingستندفع العربة ذاتيا ويتزايد تسارعها بتأثير جاذبية الأرض حتى تبلغ منتصف النفق ثم تتناقص سرعتها تدريجيا حتى تبلغ الحافة المقابلة, وسيكون وقت العبور Transit Time 42دقيقة مهما بلغ طول النفق بدون استخدام وقود للعربة, وإذا بدأت الرحلة من القطب الشمالي فلن تزيد مدتها عن ذلك سواء انتهت عند مدينة فيربانكس بأمريكا الشمالية أو منطقة الاستواء أو مدينة سيدني باستراليا أو حتى عند القطب الجنوبي.

وأوضح أنه كلما هبط الجسم يقل وزنه لأن كتلة الأرض التي تجذبه نحو المركز لا يتبقى منها سوى الجزء بينه وبين مركز الأرض, وعندما يبلغ المركز تتساوى قوى الجذب أو تكاد بينه وبين كتلة الأرض من جميع الجهات فيفقد وزنه كلية أو يكاد, ونتيجة لاندفاعه سيواصل حركته إلى الطرف المقابل من سطح الأرض ليعاود السقوط عند ذلك الطرف المقابل من جديد, وهكذا إذا تغاضينا عن صعوبات خرق الأرض على الأقل بسبب التهاب باطنها وسقط جسم في نفق يشقها من جانب لآخر فإنه ما يلبث أن يعود ليسقط مرة أخرى في الاتجاه المعاكس, وهكذا سيظل يتردد جيئة وذهابا إذا لم يعترضه شيء, ويمكنك أن تعبر عن ذلك بالهبوط المستمر والأدق القول أنه يتردد بلا توقف وهو ما يفيده التعبير الذي ذكر في الحديث النبوي الشريف  (يَتَجَلْجَلُ فِي الْأَرْضِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ).

وأكد أنه لغياب الحقائق العلمية أضاف البعض تفاصيل بلا مستند لهلاك قارون استوقفت المحققين, وقبل أن تتجلى بعض خفايا الكون خاصة في العقود الأخيرة كان دوام التجلجل بين طرفي الأرض للمخسوف به في المبالغة التي صيغت بصورة الخبر مثار حيرة لقرون عديدة بعد عصر النبوة حتى عند الأعلام أنفسهم حتى قال الألوسي: “جاء في عدة آثار أنه يخسف به كل يوم قامة وأنه يتجلجل في الأرض لا يبلغ قعرها إلى يوم القيامة والله تعالى أعلم بصحة ذلك بل هو مشكل”, وقال الرازي: “وقولهم إنه يتجلجل في الأرض أبداً فبعيد لأنه لا بد له من نهاية وكذا القول فيما ذكر من عدد القامات، والذي عندي في أمثال هذه الحكايات أنها قليلة الفائدة لأنها من باب أخبار الآحاد فلا تفيد اليقين، وليست المسألة مسألة عملية (من فضائل الأعمال) حتى يكتفي فيها بالظن، ثم إنها في أكثر الأمر متعارضة مضطربة فالأولى طرحها والاكتفاء بما دل عليه نص القرآن وتفويض سائر التفاصيل إلى عالم الغيب”, وفي هذا دليل على ما بذله المحققون من جهد في دفع الأوهام وبرهان حاسم على أن النبي محمد عليه الصلاة السلام لم يكن فحسب مبلغا للكتاب العزيز وإنما كان أيضا موصولا بالوحي في حديثه معلما من قِبَل علام الغيوب.

تعليقات