لماذا يجب أن نؤمن بصحة الإسلام؟

  • أحمد نصار
  • الأربعاء 17 يناير 2024, 08:22 صباحا
  • 94
القرآن الكريم

القرآن الكريم

قال الباحث في ملف الإلحاد، الدكتور عبدالله محمد، طبيب أسنان، إننا يجب أن نعلم من هو الذي أخبرنا بأن الإسلام هو دين الله الخالق ؟ فهو النبي محمد بن عبد الله الذي وُلِد في قبيلة قريش ، تلك القبيلة العربية التي اشتُهرَت بفصاحتها وكثرة شعرائها وتجارتها مع القبائل المجاورة فلم تتجاوز فنون هذه القبيلة الشعر والتجارة ورعي الأغنام لا أكثر من ذلك ، فلم تشتهر مثلاً بالطب ولا بالهندسة أو القضاء والعلم و التاريخ ولا أديان أهل الكتاب السابقة( سوى بضعة أشخاص لا يتجاوزون عشر رجال  ممن كانوا على النصرانية ولم يكن لهم اختلاط بالناس).

وتابع : أن صاحب هذا النبأ ( محمد ) فلم يختلف حاله كثيراً عما ذكرنا فقد وُلِد يتيماً ورعى الأغنام في صغره وعمل بالتجارة في شبابه ولم يتعلم القراءة والكتابة ولم يدرس أياً من الفنون المعروفة مثل الطب والتاريخ فلقد كان حاله من حال قومه فلم ينشغل إلا بالتجارة، لافتا إلى أنه فجأة صعد هذا النبي محمد على جبل في قريش ليقول لهم بصوت عال أنه منذر لهم من الله وهو نبي مرسل من عنده، فهل يا ترى هو صادق في دعواه العظيمة هذه؟!

وأوضح أنه لا شك أن أمر هذه الدعوى لا يخرج عن ثلاثة احتمالات، تتمثل في أن يكون هذا الدين من تأليف وكتابة صاحبه محمد  ، أو أن يكون من تأليف شخص آخر وقد أعطاه لمحمد لينسبه لنفسه، أو أن يكون صادقاً في دعواه وأنه نبي خالق الكون عز وجل.

 وتابع:  فإذا نفينا واستبعدنا أول احتمالين فلن يبقى إلا الثالث لأن دعواه لا تخرج عن هذه الاحتمالات الثلاثة  وبذلك يكون من اليسير الحكم على دعواه ، على أن نبدأ بتناول أول احتمال ....ولكن قبل البداية علينا أن نعرف شيئاً عن دعواه حتى نحكم عليها ونتساءل هل في إمكانه أن يؤلف هذا الدين ، هل قدراته وعلمه تمكنه من ذلك أم أن شأن هذه الدعوى يفوق قدراته المعرفية بكثير؟!

 ونوه إلى أنه إذا تصفحنا الدين الإسلامي المتمثل في ( القرآن الكريم والسُنَّة النبوية) نجد أنه تطرق وتكلم في كل مجالات الحياة ونذكر بعضها لا كلها ...مثلا تجد أن الإسلام قد تناول ، أمور القضاء والأحكام فتجده قد تحدث عن أحكام السرقة والقتل العمد وغير العمد والتعدي على أملاك الغير وأحكام المواريث وتوزيعها بشكل عادل وأحكام الزنا والإفساد في الأرض والتشديد على الحكم بالعدل والزجر الشديد في النهي عن شهادة الزور...إلخ، وكذلك أحكام الزواج والمهر وحقوق الزوجة وحقوق الزوج وأحكام الاحتفال بالمواليد وحقوق الأبناء وحق الطلاق وضوابطه وحل المشاكل الزوجية بل وتفاصيل الحياة الزوجية وحال المطلقة ونفقتها باختلاف أحوالها ... إلخ.

كما تناول بشكل كبير محاسن الأخلاق والحث عليها مثل الأمانة وبر الوالدين وتربية الأبناء والبعد عن الفواحش والبعد عن الإفساد في الأرض والعدل بين الناس ومساعدة الغير وعدم الخصام ونشر المحبة والنهي عن التبذير وسوء استخدام الموارد والمعاملات كلها بين الناس في البيع والشراء والإقراض، وكذلك تناول قوانين النزاعات الشخصية والعقارية والمالية ...إلخ، ولم يترك قوانين الحروب وتنظيمها و قواعد الحفاظ على الأرواح البريئة مثل الأطفال والنساء وكبار السن وأحكام ما بعد الانتصار وأحكام أهل الذمة وحفظ الأرواح وعدم الإكراه على دخول الإسلام...إلخ، فضلا عن تناوله حقوق العبيد من حيث مأكلهم وملبسهم وتزويجهم والزواج منهم وتحريم التعدي عليهم بالقول أو الفعل ...إلخ

وأضاف: تناول أيضا تاريخ الأمم السابقة من الشرائع السماوية والحضارات الوضعية وتفاصيل دقيقة في أحداث قبل زمانه بمئات السنين مثل معتقداتهم وأحداث أخرى دقيقة تفصيلية...إلخ،فصاحة القرآن وبلاغته التي تعجَّب منها فطاحلة العرب في الشعر والأدب بل وتحدي العرب أجمعين أن يأتوا بمثل هذا القرآن بل بمثل سورة واحدة منه

وأردف قائلا : تحدث الإسلام أيضا عن أمور طبية وتشريحية بشكل دقيق مثل مراحل تكون الجنين وآلية خروج لبن الأنعام وعسل النحل والتداوي من كثير من الأمراض والتخلص من السموم ....إلخ، وكذلك تحدث عن أمور علمية فلكية كثيرة مثل تكون كل الكائنات من الماء وزوجية الأشياء وبداية الكون وحركة النجوم والشمس مثل النجم الطارق والثقوب السوداء وأبواب السماء وتكون الأمطار وتكون الجبال وتثبيتها للأرض ، وتحدث عن العبادات مثل أحكام الطهارة وأحكام الصلاة ومبطلاتها وأحكام الزكاة بدقة ...إلخ، وتحدث عن العقيدة عقيدة عبادة الأوثان والجمادات والشرك بالخالق عز وجل...إلخ

وأكد"محمد " أن هذا الذي ذكرناه مجرد غيض من فيض ....مجرد نقطة صغيرة من بحر الإسلام الواسع ، فالقرآن وحده حوالي 600 صفحة ، ناهيك عن السنة الشريفة ؛ فلم نذكر إلا القليل منه.

"العيش في الصحراء والعلوم"

وتابع: والآن نرجع إلى احتمالاتنا الثلاثة ونتساءل ؛ هل بإمكان رجل يعيش في الصحراء لا يملك من العلوم ولا أدوات البحث مثل الكتب العلمية( التي لم تتواجد في زمانه أصلا ) أو المدارس أو محرك البحث جوجل أو أي شئ يعينه على التعلم والمعرفة ، بل ولم يكن له أصدقاء ذوي علم ومعرفة فكل تلك العلوم التي تناولها القرآن بشكل دقيق وبشئ من التفصيل...هل يعقل أن يكون من تأليفه ...كيف ذلك وفاقد الشئ لا يعطيه ، فلم يكن يملك شيئاً من كل تلك العلوم والمعارف التي تعينه على تأليف هذا الدين الذي تحدث في كل شؤون الحياة ( وهذا لا ينقص من قدره مثقال ذرة ، لأنه مقيّد بثقافة وعلم بيئته ) ؛ فكيف عَلِم ونظَّم كل تلك القوانين ؟!

وتسأل : كيف علم تاريخ الأمم السابقة ، هل كان يملك محركات بحث ، أم ذهب إلى معرض الكتاب الدولي واشترى كتب التاريخ بلغاتها الأجنبية وترجمها للعربية واقتبس منها بل وصحح بعض الأحداث فيها ، مع عدم وجود أحد من أهل الكتاب بالقرب من النبي سوى ورقة بن نوفل والذي مات في بداية الإسلام ؟! وكيف علم بأمور الفضاء والفلك والطب والزراعة والأحياء ....إلخ ، هل تعلمها بالمدرسة أم كان يقرأ كتب أرسطو وجالين المليئة بالمصائب العلمية ؟!!!

وأردف قائلا: هل يقول بهذا الاحتمال إلا شخص مختل؟! قطعاً يسقط هذا الاحتمال الأول بمجرد قراءة القرآن ومعرفة سيرة النبي وبساطة البيئة التي يعيش فيها وإدراك استحالة أن يكون هذا الدين الكبير الذي شمل الحديث عن كل شئ من تأليف هذا النبي الذي يعيش بالصحراء ولم يتعلم من العلوم والمعارف شيئاً سوى التجارة ورعي الأغنام.

 وأضاف: أن فيما يتعلق بثاني احتمال فنقول لقائله هذه القاعدة البحثية المنهجية وهي ( إذا كنت ناقلاً فالصحة وإذا كنت مدَّعياً فالدليل ) يعني إذا كنت ناقلاً لخبر يقول أن النبي كان يتعلم من أحد أو يأخذ الإسلام من أحد الأشخاص فعليك بإثبات صحة هذا الخبر ولا شك أن قريش قد قالت هذا الافتراء بالفعل وقد رد القرآن على هذا الإعتراض المتهافت في سورة النحل الآية 103 حيث قال عز وجل" وَلَقَدۡ نَعۡلَمُ أَنَّهُمۡ یَقُولُونَ إِنَّمَا یُعَلِّمُهُۥ بَشَرۗ لِّسَانُ ٱلَّذِی یُلۡحِدُونَ إِلَیۡهِ أَعۡجَمِیّ وَهَـٰذَا لِسَانٌ عَرَبِیّ مُّبِینٌ " ومعنى هذه الآية من تفسير الطبري بتصرف " ألا تعلمون كذب ما تقولون، إن لسان الذي تميلون إليه بأنه يعلم محمداً هو لسان أعجميّ، وذلك أنهم فيما ذُكر كانوا يزعمون أن الذي يعلِّم محمدا هذا القرآن عبد روميّ، وهذا القرآن لسان عربيّ مبين."  فيستحيل النقل عنه.

وأكد "محمد" أن من جهة أخرى فإن هذا الاحتمال أيضا ساقط بسبب استحالة اجتماع كل تلك العلوم في شخص واحد في هذا الزمان الذي تغيب فيه أساليب البحث والتعلم في كل هذه الشؤون لنفس الشخص.

 وختم: فلا يبقى أمامنا سوى الاحتمال الثالث أن هذا الإسلام ليس من تأليف النبي محمد ولا من تأليف أحد آخر أعطاه له لينسبه لنفسه فنستنتج في النهاية حتمية نبوة النبي وأنه ليس مصدر هذا الدين ، بل هو وحي الله الخالق عز وجل له عن طريق جبريل عليه السلام ، ومما يثبت ذلك أيضاً هو اختلاف أسلوب القرآن اختلافا جذرياً عن أسلوب الأحاديث لأن القرآن معلوم أنه مُوحَى به من الله لفظاً ومعناً أما الأحاديث الشريفة فهي وحي بالمعنى فقط وبتعبير النبي الشخصي ؛ فلو كان القرآن من كلام النبي الشخصي لتشابه أسلوبه مع أسلوب الأحاديث بل ونجد ما يعرف بالحديث القدسي فهو وحي باللفظ والمعنى وتجده يختلف تماماً عن أسلوب الأحاديث الغير قدسية والتي هي من تعبير النبي صلى الله عليه لفظاً ؛ فهذا يقدح في كون الإسلام من تأليف النبي .

 وفي النهاية:  فلا يدعي أحد أننا مسلمون من باب هذا ما وجدنا عليه آباءنا بل إن إيماننا بالإسلام يقوم على قواعد صلبة وراسخة وحجج دامغة !!

تعليقات