"ربما في المستقبل نعرف كيف ظهر الكون".. هيثم طلعت يكشف عن أكبر مغالطة يقع فيها الملحد
- الإثنين 25 نوفمبر 2024
القرآن
كشف الباحث الإسلامي واللغوي، الدكتور أنس العمايرة،
أن (جَرَحَ و اجْتَرحَ) فعلان قرآنيان متفقان
في الجذر اللغوي: (جَرَحَ)، كثيرٌ من المفسرين فسر كلا الفعلين بمعنى: الكسب. يقول
ابن الجوزي -على سبيل المثال لا الحصر-: (وجرحتم بمعنى كسبتم)(1) ويقول: (واجترحوا بمعنى : اكتسبوا)(2).
وتابع: وإلى ذلك ذهب كثير من أصحاب
المعاجم، يقول أبو بكر الرازي في مختار الصحاح: (و”جَرَحَ”: اكتسب. وبابه أيضا قَطَعَ،
“واجترح” مثلُه)(3).، حيث يقول ابن منظور في لسانه: (وجَرَح الشيءَ واجْتَرَحَه: كَسَبه،
وفي التنزيل: ]وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ
بِالنَّهَارِ[ (الأنعام:60) …… وفلان يَجْرَحُ لعياله ويَجْتَرِحُ ويَقْرِشُ ويَقْتَرِشُ
بمعنى. وفي التنزيل: ]أَم حَسِبَ الذين اجْتَرَحُوا السيِّئات[ أَي: اكتسبوها)(4)،
وكذلك يقول الفيومي في “المصباح المنير”: (“جَرَحَ” و “اجْتَرَحَ”: عمل بيده واكتسب)(5).
ويقول الفيروز آبادي في القاموس المحيط: (وجَرَحَ كمنع: اكتَسَبَ كاجْتَرَحَ)(6).
وأردف قائلا: وليس الأمر كذلك؛ إذ إن لغة التنزيل
تأبى ذلك الترادف، وسنوضح ذلك كلاً في موضعه إن شاء الله تعالى.
وأشار إلى أن (جَرَحَ و اجْتَرحَ) أصلهما اللغوي من الأصوات الثلاثة: (ج ر ح) وهي
دالة -في أصل اللغة- على: شَقّ الجِلْد وتمزيقه بشيء حاد كالسكين وغيره (8). ومن ذلك
قوله تعالى:]وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ[ (المائدة:45)؛ ومن هنا أُطلق على كل من يصيد من
الطيور والسباع “جارحة”(9)؛ لأنها: تجرح الصيد وتشُقّ جِلْدَه ليُمسكه الصائد(10).
ومن ذلك قوله Y:] وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ[ (المائدة:4)، منوها إلى
أنها سُميت هذه الجَوَارِحُ: كَواسب(11)؛ لأنها تكسب لنفسها ولصاحبها ، فهي تَجْرَحُ
لأَهلها، أَي: تَكْسِبُ وتجلب لهم الفريسة(12)، ثم توسع في الاستعمال وشاع ذلك فأطلق
على الكسب اسم الجَرح(13)، حتى أصبح يستعمل الفعل (جَرَحَ) بمعنى: عمل وكَسَب. وأصبحوا
يقولون: فلان يَجْرَحُ لعياله، أي: يكسب لهم. وفلان جارحُ أَهلِه وجارِحَتُهم، أَي:
كاسِبُهم. وفلان ما له جارحة، أَي: ما له كاسِبٌ(14).
ولفت إلى أن كلمة (جُرُوح): وردت مرة واحدة في القرآن
الكريم في قوله تعالى: ]وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ
وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنْفَ بِالأَنْفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ
وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ[ (المائدة:45).، وهي جمع “جُرح”، يقول الزبيدي في تاج العروس:
(…. والاسم الجُرْح بالضّمّ وجمعه: “جُرُوحٌ” و”أَجْراحٌ” و”جِرَاحٌ”. قيل: “قَلَّ
أَجْراحٌ” إِلاّ ما جاءَ في شِعْرٍ)(18)، وتجمع كذلك على “جِراحاتٌ”(19)، ويقال: (رجل
جَريح من قوم جَرْحى. وامرأَة جَريح. ولا يجمع جمع السلامة؛ لأَن مؤنثة لا تدخله الهاء،
ونِسْوة جَرْحى كرجال جَرْحى)(20).
وأكمل : أنها جاءت هذه الصيغة “جُرُوح”
في الآية تحمل الأصل اللغوي للكلمة وهو: “شَقّ الجِلْد وتمزيقه”(21) يقول الأصفهاني:
(جرح: الجُرْحُ: أَثَرُ داء في الجلد يقال: جَرَحَه جُرحَا فهو جَرِيْح ومَجْرُوْح
…) (22).
وأشار إلى كلمة (جَوَارِحِ): وردت أيضا مرة واحدة في القرآن الكريم في قوله تعالى: ]يَسْأَلونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ[ (المائدة:4)، فالْجَوَارِح في الآية جمع “جَارِحَة” وهي تطلق على ذواتِ الصيد من الطير والسباع ذكرا كان أم أنثى. وأطلق عليها هذا الاسم لأنها: تجرح الصيد وتشُقّ جِلْدَه لتأكله. وقيل ليُمسكه الصائد(26) -كما قلنا سابقا-. وقيل لأَنها تَجْرَحُ لأَهلها أَي: تَكْسِبُ لهم(27).